الدكتورة ليندا غدار

كتاب الزميل الدكتور قاسم قصير “حزب الله: الفكرة والمسيرة” هو عمل تحليلي توثيقي يُقدِّم رؤية شاملة لتاريخ “حزب الله”، ويستعرض السياقات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي نشأ فيها وتطوّر من خلالها.
يُعدّ كتاب “حزب الله: الفكرة والمسيرة” دراسة مركّزة في تطور ظاهرة “حزب الله” اللبناني، انطلاقاً من جذوره العقائدية وانتهاءً بتجربته السياسية والعسكرية والاجتماعية. يتناول المؤلف – من خلال توثيق مدروس – كيفية تبلور هوية الحزب، ومراحله الانتقالية من جماعة مقاومة سرّية إلى لاعب سياسي بارز في الدولة اللبنانية.
أهم النقاط الأساسية في الكتاب:
1- البُعد العقائدي والتأثير الإيراني:
يستعرض الكتاب الخلفية الفكرية للحزب، المرتكزة على ولاية الفقيه وتأثره بثورة الإمام الخميني في إيران، مما يوضح كيفية ارتباطه عضوياً بالمشروع الإيراني في المنطقة، من حيث المرجعية والسياسة والتمويل.
2-التحول من العمل السري إلى العمل السياسي:
يفصّل الكاتب كيف انتقل “حزب الله” من كونه فصيلاً مقاوِماً يعمل في الظل، إلى حزب سياسي مشارك في الحكومة والبرلمان، مع حفاظه على جناحه العسكري. هذا التحول يُعتبر محورياً في فهم موقع الحزب من ضمن التركيبة اللبنانية المعقدة.
3- المقاومة المسلحة وإدارة الصراع مع إسرائيل:
يشكّل دور الحزب في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي نقطة محورية في الكتاب، خصوصاً تحرير الجنوب عام 2000، وحرب تموز 2006. ويسلّط الضوء على التناقض بين كونه “مقاومة وطنية” و”قوة إقليمية ذات أجندة خارجية”.
4-العلاقة مع الطوائف اللبنانية:
يتناول الكتاب علاقة الحزب بالبيئة الشيعية التي تُعتبر حاضنته الأساسية، كما يناقش التحديات التي واجهها في تعامله مع الطوائف الأخرى، وخصوصاً بعد تورطه في الصراعات الإقليمية كسوريا واليمن.
5- البُعد الاجتماعي والإعلامي:
يوضّح الكتاب كيف بنى الحزب مؤسساته الاجتماعية والإعلامية، بدءاً من المدارس والمستشفيات وصولاً إلى القنوات الفضائية، ما ساعده على ترسيخ نفوذه وشرعيته الشعبية، وتشكيل “دولة داخل الدولة”.
6-الجدل حول السلاح والشرعية:
يُناقش الكتاب الإشكالية المستمرة بشأن سلاح الحزب، والعلاقة المتوترة مع الدولة اللبنانية، والانقسام الداخلي حيال شرعية استمرار الحزب في حمل السلاح خارج إطار الدولة الرسمية.
خلاصة وتقييم:
الكتاب يُشكّل مرجعاً مهماً لفهم تجربة “حزب الله” في سياقها المحلي والإقليمي. يمتاز بلغة تحليلية رصينة، ويجمع بين السرد التاريخي والتحليل السياسي، ما يجعله مفيًاً للباحثين في قضايا الحركات الإسلامية، والعلاقات الإيرانية-العربية، وطبيعة الدولة اللبنانية المركبة. كذلك يُظهر كيف تحوّل “حزب الله” إلى نموذج مثير للجدل بين كونه حركة مقاومة مشروعة، أو ميليشيا ذات مشروع مذهبي-سياسي عابر للحدود. وهو ما يفتح الباب لنقاشات أعمق حول العلاقة بين الدين والسياسة والمقاومة في المجتمعات المتعددة.

المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة “النهار” الاعلامية