مشروع تجاري ضخم يهدد محمية صور الطبيعية وآثارها

مشروع تجاري ضخم يهدد محمية صور الطبيعية وآثارها
الأشغال مستمرة رغم قرار قضائي بوقفها ووزارة الثقافة غائبة
جمعية الحفاظ على صور تطالب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بالتدخل
ماذا يجري في صور؟ سؤال يطرحه كل من يمر بالقرب من محمية صور الطبيعية حيث تقوم أعمال جرف وشفط رمول وبناء، ليتبين ان مشروعا تجاريا ضخما تجري اقامته منذ مطلع ايلول 2024 على مساحة 400,000 متر مربع من الأملاك العامة المصنفة على لائحة الجرد العام ، والواقعة في منطقة جفتلك رأس العين، بمحاذاة محمية شاطئ صور الطبيعية التي أُنشئت بموجب القانون رقم 708 بتاريخ 5/11/1998. وجفتلك راس العين هو موقع ذي قيمة أثرية وبيئية فريدة، وكان الهدف الأول جعل مجمل جفتلك راس العين محمية طبيعية حيث يحتوي على آثار هامة جدا ما تزال مدفونة ونظام بيئي فريد إنما لأطماع مادية عدل مشروع المحمية عام 1998كي يصبح الجزء الأكبر من جفتلك رأس العين أرض تستثمر لمصالح خاصة.
نادي سباحة للضباط
بعد التحقق مما يجري تبين أن ملكية هذه الأراضي تعود إلى الدولة اللبنانية، إنما وضعت بتصرف الجيش اللبناني لأغراض عسكرية أمنية. غير أن وزارة الدفاع أبرمت اتفاقًا مع هيئة تجارية غير مرخص لها “أس آي أس” (SIS) وفق صيغة (BOT) “البناء والتشغيل وإعادة نقل الملكية” ، منحت بموجبه حق استثمار هذه العقارات لمدة 28 عامًا ، حيث يعتزم المتعهد إنشاء نحو 150 محلًا تجاريًا، ومطاعم، وشقق سكنية، مقابل إنشاء نادي سباحة للضباط.
الأراضي المعنية هي: العقارات رقم 1504، 1570، 1571، 1572، 1573، 1574، 1575، 1197، 1198
وفي منطقة الخراب أي رأس الجمل المحاذي للمرفأ المصري: العقار رقم 640
المخاطر والانتهاكات
وبتكليف من الجمعية الدولية للحفاظ على صور قام عدد من خبراء الآثار والبيئة عام 1998باجراء الدراسات والإسبارات العلمية التي حددت تواجد آثار هامة جدا في مجمل جفتلك رأس العين وهو مرفأ صور البرّي التاريخي (Palea-Tyr)، وهو موقع محمي من قبل اليونسكو بالقرار WHC,/CONF/99, 204/15 الصادر عام 1999اللازمة
ورصدوا عدداً من المخاطر والانتهاكات ابرزها:
- يشكل المشروع تهديداً للمكامن الأثرية المدفونة في المنطقة ولا سيما
- يخالف قانون أملاك الجرد العام إذ تم التنازل عن الحقوق لشركة خاصة من دون مرسوم رسمي.
- بدأت أعمال البناء دون موافقة المديرية العامة للآثار، رغم وجود آثار في الموقع.مثبت في الإفادات العقارية للتنظيم المدني
- يخالف قوانين المناطق المحمية.
- يُخالف قانون الصفقات العمومية، إذ لم يُعرض على الهيئة المختصة.
- ينتهك الحق في الوصول إلى المعلومات، إذ لم تُنشر الوثائق المتعلقة بالمشروع.
- يهمل قانون حماية البيئة: لم تُجرَ دراسة لتقييم الأثر البيئي، ولم تُعقد جلسات استماع لأهالي المنطقة.
تحركات وقرار بوقف الاعمال
تحركت جمعيات ناشطة للحفاظ على التراث والبيئة وفي مقدمها الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور التي وجهت في 23 ايلول كتابا رسميا إلى قائد الجيش اللبناني في حينه العماد جوزف عون لمناشدته التدخّل لوقف تنفيذ المشروع . وبسبب الحرب توقفت أشغال البناء نهاية أيلول حتى 27 تشرين الأول 2024 ، ما لبثت ان استؤنفت بداية تشرين الثاني 2024 بعد وقف إطلاق النار. و في 7 شباط 2025 أعادت الجمعية بإرسال رسالة إلى رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون للتذكير بالمراسلة السابقة وطلب تحديد موعد رسمي للقاء، الأمر الذي لم يتم حتى اليوم.
وفي شباط 2025 عقد لقاء مع وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة لإطلاعه على المخاطر التي يشكّلها المشروع، ومناشدته التدخّل لوقف الأعمال الجارية.
وعندما لم تلق الجمعية أي تجاوب مع مطالبها تقدمت في 27 آذار 2025 بشكوى رسمية لدى قاضي الأمور المستعجلة في صور يولا غطيمي التي اصدرت في 2 نيسان الجاري قراراً بوقف الأعمال فوراً حفاظاً على التراث الأثري والبيئة الطبيعية، وعينت خبيراً للكشف على الموقع وتقييم الأعمال والمستندات المقدّمة.
وبالفعل توجّه الخبير المعيّن إلى موقع المشروع في صورفي 7 نيسان ، غير أنّ العناصر العسكرية المنتشرة في المكان منعته من الدخول وإجراء الكشف الميداني.
وفي 22 نيسان 2025 تم توجيه رسالة إلى وزير الدفاع، العماد ميشال المنسى، للمطالبة بجميع المستندات الرسمية الخاصة بالمشروع.
وفي اليوم التالي في 23 نيسان 2025، تم تبليغ السيد علي جابر، أحد شركاء شركة SIS، والمشرف على أعمال البناء بالقرار الصادر عن قاضية الأمور المستعجلة، عبر مأمور التنفيذ.
مطالب الجمعية
رغم كل هذه التحركات واللقاءت والقرار القضائي بوقف الاعمال، الا أن الاشغال لا تزال مستمرة بسرعة من دون اي اكتراث للقوانين المرعية، ومن دون اي تحرك من قبل وزارات الثقافة والبيئة والداخلية.لا بل تم توقيف الصحافي مهدي كريم اثناء قيامه بجولة بالقرب من المشروع المزمع انشاؤه للاطلاع على ما يجري.
ولذلك تطالب “الجمعية اللبنانية لحماية صور” بالوقف الفوري للمشروع، واعتماد الشفافية الكاملة بشأن العقود والوثائق، ونقل نادي الضباط إلى موقع بديل، واحترام القوانين المتعلقة بالمحمية والآثار وقرارات منظمة الأونيسكو.