بأقلامنا

بانتظار الحسناء القادمة بقلم الكاتب الدكتور عماد سعيد

تتخبط في سريرها بانتظار ان تلفظ الرمق الأخير … تلتقط أنفاسها الأخيرة بصعوبة بالغة … تتلعثم .. تتمتم … فلا تسمع الا حشرجات مبهمة تحرك يدها ترفعها ببطء , تشير الى هناك … الى هنا … ماذا تود أن تقول؟ تحرك جسدها النحيل المليء بالندوبات … تتأوه من آثار التعذيب .. الشتم .. اللعن …. كم تحملت أيتها العجوز !…. أتذكرك جيدا” … أتذكر يوم ولادتك…آه, كم كنت حسناء !!….. فقد أضأت الدجى نورا” وبهجة . رحب بك الجميع , هللوا , رقصوا , تغزلوا بك.. ببشرتك الناعمة الملمس النضرة , ووجهك الطفولي البريء , وشعرك المنسدل على وجنتيك المتوردتين ….أول خطواتك كانت رقصأ على أنغام صاخبة …. ما لبثت ان تهادت على أنغام الناي الحزين … فرحت تتمايلين تتبخترين وصيحات المعجبين تتعالى تتمنى منك نظرة.. التفاتة … فاتنة كنت ايتها الغيداء … وعشت معنا و فينا سنة ألقينا خلالها عليك بلاوينا .. أحزاننا .. اوجاعنا .. وانت صامتة… تلملمين الجراح وتطوينها بين جنباتك .. تتحملين آهاتنا متوجعة وفي قلبك غصة , حرقة .. عشناك لحظات فرح قليلة ولحظات ألم كبيرة .. فنحل قدك , بهت لونك , وذبل شعرك … ودارت الأيام … وها نحن ننتظر رحيلك بفارغ الصبر.. ننتظر ان يدنو أجلك, وان تأتي النهاية دون رحمة ولا شفقة ولا نظرة وداع عادلة …ندير لك ظهورنا ونهلل للحسناء القادمة .. لنعاود معها سيرتنا .. او لنكمل المسير ….. هكذا نحن بني البشر … أغمضي عينيك ونامي بسلام … ارحلي .. ارحلي بأمان .. … وداعا” …
وداعا” 2018
زر الذهاب إلى الأعلى