شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

التدخل السياس في الإعلام العربي بين الحوار والنقاش! بقلم// جهاد أيوب

مؤسف القول أن البرامج الحوارية ذات قيمة أصبحت نادرة في الإعلام العربي إذاعياً وتلفزيونياً وعبر السوشال ميديا، يوجد ثرثرات ساذجة أو فارغة من أجل املاء الهواء الوقت، واحقاد لتصفية حسابات، وغرائز طائفية وعنصررة ومناطقبة، وقد تعتمد هذه الخرافات على جسد المذيعة التي لا تعرف ارتداء الملابس، ولا النطق، ولا الحوار، فقط مياعة، أو مذيع لديه واسطة وعلاقات مشبوهة، فيفرض فرضاً هنا وهناك!
في الإعلام بالتأكيد الحوار غير النقاش، والبرامج الحوارية تختلف كلياً عن برامج النقاش، والإعلام يستوعب هذه وتلك، ولا ضرر منهما، ولكن كيف نقدمهما، وما الغاية والهدف والمقصود من وجودهما؟!
برامج الحوار أصبحت نادرة، كانت قبل تسييس الإعلام العشوائي مطلوبة فقط في إعلام الدولة، ولم يكن ساذجاً كما هو الحال بعد غزو الإعلام الخاص، وتحديداً بعد اتفاقية “كامب ديفيد” بين إسرائيل المؤقته ومصر من فوق الطاولة وبعض العرب من تحت الطاولة، وتم أخذ الفن والإعلام العربي تحت حجة نقل الواقع كما هو إلى تخدير الناس، واللعب على الغريزة الجنسية والعنصرية والمناطقية بشكل كبير، ونقل القمامة كما هي مع مبالغات تزيدها بشاعة لتصبح هذه البشاعة هي الفن وهي الإعلام!
وللبرامج الحوارية حصة الأسد من إعلامنا، إلى أن اغرق بما هو عبيط وفضائحي ولا فائدة من بثه، ومن خلال فكرة وتجارة غزو الجمهور الخليجي حيث المال تميز لبنان ومن ثم مصر بهكذا نوعية ساقطة من البرامج، فقط الديكور الضخم، والإضاءة المكلفة، وأزياء ومكياج المذيعة باب أول!
أما البرامج النقاشية فاعتمدت بشكل مكثف بعد خروج قناة “الجزيرة” في الفضاء العربي، قد تكون الإذاعات سبقتها تحت تسمية محاضرة أو لقاءات خاصة.
وقديماً تلفزيون لبنان سبق كل التلفزيونات العربية بالبرامج النقاشية، وعلى رأسهم الكبير الوطن عادل مالك عبر برنامجه الشهير ” السجل المفتوح”، والراحل عرفات حجازي، والمتألقة سعاد قاروط العشي…
وبالطبع ما قدم في تلفزيون لبنان سابقاً ورائداً يندرج ضمن ما يسمح به الرقيب اللبناني، وتمنيات رجال السياسة في حينه، وهنا أشير إلى معلومة مهمة، تكمن في أن نشرة الأخبار في تلفزيون لبنان أول من قدم فيها” موجز أخبار النشرة”، وهذا لم يكن متبعاً في كل العالم، وصاحب الفكرة الارتجال هو المخضرم عادل مالك!
ولا ننسى تجربة الزميلة ماغي فرح إذاعياً وتلفزيونياً، وتكاد الوحيدة جمعت في برنامجها الحوار والنقاش دون أن تتدخل، أو تفرض سياستها ووجهة نظرها، بل كانت تطرح تحاور وتناقش…
وهذا لا يعني عدم وجود برامج تحاول أن تحافظ على أصول ومهنية الحوار والنقاش في مساحتها الإعلامية، ونجد الزميلة وفاء شدياق في “إذاعة لبنان الحر” حتى لو انت تختلف معها سياسياً تحترم حضورك، وتناقش الكثير من القضايا بجرأة وتهذيب دون التطاول على حرمة المستمع!
وهنالك أكثر من زميلة، وللأسف في الإذاعة فقط، يعملن على النقاش بمسؤولية، ويؤمن بأن برامج الحوار تختلف عن برامج النقاش، ومنهن نالا الزين وابتسام الشامي “إذاعة النور “، وفاتن حموي ” إذاعة صوت الشعب”، وتلفزيونياً بتول أيوب ” المنار”!
تعتبر اليوم برامج النقاش بغالبيتها الغالبية في العالم العربي مسخرة، وتسير ضمن لعبة السياسة بكل أنواعها، هي بقرار سياسي، أو تمهيدي تطبيعي مع الكيان الصهيوني مثل بعض برامج قناة “الجزيرة” وقنوات خاصة موزعة بين لبنان ومصر والامارات، أو بتمويل سعودي وأميركي مثل قناة ” الحرة” و” الحدث”، و”العربية”…!
ولو أخذنا برنامج” الاتجاه المعاكس” نجد النقاش فيه يعتمد على الشتائم وقلة الأدب، ونوعية معينة من الضيوف لأجل الضحك، والاستخفاف بالقضايا الجادة إذا طرحت في البرنامج…وكم أخذ منا هذا البرنامج ومذيعه سخرية واضحاكاً، ولكن، وبالنتيجة لم يعد لأي قضية قيمة!
وتحت نغمة ” الرأي والرأي الآخر” اصبحت وجوه الصهاينة الأعداء في منازلنا!
وايضاً برامج كذبة النقاش المفبرك، واستعراض النقاشات المصنعة بطلب من بعض السفارات ذات المشاريع المضادة لفكرة مقاومة العدو الصهيوني، خاصة تدخل السفارة الأميركية في لبنان في كثير من البرامج السياسية وحتى الفنية!
ومنها برامج نقاشية مسيسة حاقدة تبيع شاشتها لمن يدفع اكثر، وقد انتشرت هكذا برامج بشكل حاقد وفاجر مع ربطة عنق، وديكورات ضخمة في لبنان، ومنها بعض برامج MTV وغيرها من شاشات ومنابر للإيجار، وتحت حجة كذبة الحرية المضحكة على حساب الوطن خرجت برامج الزميل مارسيل غانم بكل ما قدمه هنا أو هناك خاصة في ” صار الوقت”…مارسيل يصنع الكذبة، يصدق كذبته ليرضي الممول السعودي، يأتي بضيوف مفبركة، يجادل ليصل إلى التطبيع بكل بساطة ودون احراج، ويتطاول على خصمه السياسي دون أن يعاقب، وحتى يرضي مموله يستخدم كلمات نابية لم تكن يوماً في الإعلام اللبناني المؤسس عربياً، ولم يستخدمها مارسيل سابقاً…ومع ذلك نجد من يقلد نوعية برامج مارسيل من كل الأطراف في لبنان، ويسقطون!
الغريب أن مارسيل في كل برامجه كان بوقاً للزعامات اللبنانية الفاسدة، وشريكاً في استمراريتها في خنق الوطن، ومع ذلك هو ضد الفساد، ويجد من يصدقه!
في مصر يختزل المذيع الجالس خلف مكتبه كل النقاشات، وهات يا ثرثرات فارغة، وتهجمات على خليقة الدول التي ليست مؤيدة لسياسة مصر، وفجأة يقول الآن عكس ما قاله منذ دقيقة…صحيح القنوات خاصة، لكنها تتحدث بلسان مخابرات الدولة!
في دول الخليج حافظت وسائل إعلامها الحكومية على تقليدية برامجها ” غادر واستقبل”، وأعطت مساحة حرة للحوارات الفنية، وغيبت كلياً البرامج النقاشية السياسية وما شابه بعكس تمويل بعضها للفضائيات والإعلام الخاص الناطق بلسان سياستها خارج بلادها!
في المقابل نجد بعض الإعلام المعاكس لتلك الحرب الإعلامية السامة يحاول المواجهة بما لديه من إمكانيات متواضعة، وأفكار إعلامية غير متطورة، لذلك معظمه يتميز بالغباء في مخاطبة جمهوره، أو يعتمد على نظام البركة، والانتاج الفقير، هذه القنوات بمجملها خاصة، وتابعة لمشاريع حزبية وأحياناً دينية تحاول تقليد البرامج النقاشية عند من هو ضدها وخصمها ويصرف على مشروعه الإعلامي، ويقدم برامجه بميزانية صخمة وبصورة أنيقة مع ربطة عنق، والنتيجة هي” التجربة المسخ”، ويوجد منها الكثير في لبنان!
الحوار هو المطلوب، ولكن ليس لهذا الزمن والمرحلة والوقت، والنقاش يجوز في برامجنا إن وجد، ولكن مع اختلاف المستوى، والمستوى يعتمد على المهنية، والمهنية مفقودة، وأن وجدت هي مسيسة، وتصر أن تكون صوت الذي يدفع أكثر…وهذا ما يحصل بشكل جنوني في لبنان، الإعلام في لبنان هو مجند لتعليم سياسة السفارات، ولمن يدفع دولارات!

زر الذهاب إلى الأعلى