بأقلامنا

الشاعر الدكتور بسام بزون ليس من السهل أن يكتب الإنسان عن خيبته بضمير المتكلم،

ليس من السهل أن يكتب الإنسان عن خيبته بضمير المتكلم، وأن يشير إلى نفسه بوصفها طرفًا مسؤولًا في الألم. لكنك يا د. عماد، في جملٍ قليلة، فتحت الباب على حقيقةٍ يهرب منها كثيرون: أن أولى الهزائم تبدأ حين نسيء التعامل مع أنفسنا قبل الآخرين. قولك: “أشعر بأني المجرم الوحيد بحق نفسي مهما فعل الآخرون” ليس جلدًا للذات، بل وعي ناضج يدرك أن الانكسار يبدأ من الداخل، وأن الإنسان حين يقدّم قلبه بلا موازين، يصبح عرضة لأن يخسره بلا مبرّر.
النصّ الذي كتبته يتجاوز حدود الشكوى، فهو اعترافٌ يحمل روح النقد الذاتي، وليس روح الانكسار. ففي عباراتك يتجلّى الإحساس بأننا، نحن البشر، غالبًا ما نكون شركاء في الجرح الذي يصيبنا، لا لأننا نستحقّه، بل لأننا نفتح أبوابًا لا يجب أن تُفتح،ونلج مداخل مظلمة، ونمنح ثقةً لا تعرف كيف تصون نفسها. ومن هنا تأتي جملتك الأعمق: “ربما لأني من سمح لهم بالدخول إلى حياتي”، وهي جملة تضع معيار المسؤولية في مكانه الصحيح؛ إذ لا يمكن للآخرين أن يتجاوزوا حدودًا لم نسمح نحن لهم بها.
أما الصورة الأبلغ في نصّك فتأتي في قولك: “ربما لأني أعطيتهم ثقة كانت كالتراب بين أيديهم”؛ تشبيهٌ بالغ الدقة يشير إلى هشاشة العلاقة حين تُمنح لغير أهلها، وإلى سرعة انطفاء الأشياء الجميلة عندما تُوضع في أيدٍ لا تعرف قيمتها. فالتراب، مهما كثُر، يتفلّت، يهوي، ولا يستقرّ، وكذلك الثقة إذا لم تجد أرضًا صلبة تستقر فيها.
ما كتبه د. عماد سعيد ليس مجرّد انفعال، بل تأمل عميق في طبيعة الخسارة، وفي دور الإنسان في تشكيل مصيره العاطفي والنفسي. النصّ موجز، لكنه مشحون بوعي عالٍ، بلغةٍ صافية تضع القارئ أمام مرآة ذاته. إنّه نصّ من تلك النصوص التي تُقرأ لا لأسلوبها فحسب، بل لصدقها، ولقدرتها على الكشف، ولأنها تذكّرنا دائمًا بأن حماية أنفسنا ليست أنانية، بل ضرورة إنسانية.و ذاتية…
هذا النصّ يجمع بين الحكمة والوجدان، بين حقيقةٍ نفسية ومشهدٍ أدبي، بين اعترافٍ مرّ وبلاغةٍ ناعمة. إنه نصّ يعلّمنا أن الإنسان حين يعترف بدوره في ألم نفسه، يكون قد خطا أولى خطوات العلاج، وأن الكلمات حين تكون صادقة، تتحوّل إلى ضوءٍ يهدي الروح في أكثر عتماتها.
دمت علما و منارة للكلمة الهادفة المعبرة..
عمت مساء…لك و للزملاء الافاضل…زهرات الملتقى و اشجارها المثمرة ادبا و علما و ابداعا…🌹🌹🌹🌹

 

أشعر بِأنّي المُجرم الوحيد بِحق نفسي مهما فعل الآخرون بقلم الكاتب د. عماد سعيد

أشعر بِأنّي المُجرم الوحيد بِحق نفسي مهما فعل الآخرون بقلم الكاتب د. عماد سعيد

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى