كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء”

بعد تسريب الرد الاسرائيلي، جولة جديدة للموفدين. وبري يؤكد إما سيادة مكتملة الاوصاف أو سقوط لكل الاتفاقات!
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء”
ثمة محاولة كانت تجري في الأيام الأخيرة، لإنقاذ ماء وجه الدولة أمام التحديات التي رسمتها الحكومة بقرارها الأخير “سحب سلاح حزب الله”، ليأتي مسار التطورات من حيث توقع البعض ومن حيث لم يتوقع البعض الآخر، “برد إسرائيلي” حسم الجدل حول الأولويات ومضامين ما ورد في ورقة” توم برّاك”، ونسف كل الجهود المبذولة وأعاد الكرة إلى وسط ملعب التفاوض بين “لبنان واسرائيل عبر الوساطة الامريكية”. وقد أكد المؤكد بأن لا ضمانات أمنية أو سياسية لأي مسار تأخذه هذه المفاوضات.
النائب في البرلمان اللبناني “جميل السيد”، كشف عبر تغريدة له عن مضمون “الرد الاسرائيلي” وبنوده المفصلة بورقة اسرائيلية لا تشبه ما كان لبنان قد فاوض عليه؛ ورقة بعنوان “احتلال مشرع دوليا ومطلوب من لبنان الموافقة عليه على قاعدة نفذوا.. وإلا “.
ما تسلمه الموفد الرئاسي “توم برّاك”من جانب “الكيان الاسرائيلي” يمكن وصفه بالانقلاب على كل ما تعهدت به “واشنطن تجاه لبنان”. وهذا يؤكد مرة أخرى أن لا ضمانات متعلقة بهذا الجانب، وهو ما أفصح عنه الموفد الأمريكي في أكثر من زيارة .
إسرائيل وضعت وقف الأعمال العدوانية وتسليم الأسرى، وترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين وفقا للآتي:
يلتزم لبنان بإعطاء إسرائيل الحق في أربع عشرة قرية، وإفراغها من سكانها كليا وجزئيا. والبلدات التي طالب الاحتلال بضمها بشكل كلي هي: “العديسة، كفركلا، حولا، مركبا، كفركلا، حولا، مركبا، وعيتا الشعب”. والبلدات التي تطالب إسرائيل بإقامة مواقع عسكرية دائمة في مرتفعاتها الحاكمة أو اطرافها، فهي: “الخيام، رامية، يارون، عيترون، علما الشعب، الضهيرة، مروحين، مارون الراس، وبليدا”.
إذن، أمام هذا المعطى، يكون المطلوب من لبنان اقتسام جزء من سيادته والتخلي عنها، مقابل تطبيق الكيان ما يصب في مصلحته من الاتفاق الموقع عليه. هذا في السردية الواقعية التي تتمحور بين راعٍ ومتبنٍ، أي بين “واشنطن وتل أبيب”. أما في المقلب اللبناني، وتحديدا ما نقلته أوساط مقربة من “رئيس مجلس النواب نبيه بري”، عن لقاءاته مع الموفدين الأمريكيين السلف والخلف “مورغن اورتاغوس و توم برّاك”، حدد مسار الخطوات اللبنانية، والتي تقوم على أساس “الخطوة بخطوة”، وأن أي اتفاق منقوص لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة مرجوة من قبل الامريكيين بقوله: إما حزمة واحدة تحت سقف القرار 1701 وليس سواه، وإما انهيار لكل ما اتفق عليه، وكل طرف يتحمل مسؤولية التداعيات .
النبرة العالية التي تبناها الرئيس “نبيه بري” من منطلق المتمرس بتدوير الزوايا وضبط ايقاع الأزمات، تأتي، حسب المصادر، من قناعة “بري بسيادة لبنان وحماية منجزات الشعب ومقاومته وليس العكس، وهذا ما ترك مساحة بينه وبين رئيس الحكومة نواف سلام” يحاول الامريكي اللعب وسطها، مستغلا التباعد والتضارب في مقاربة مستقبل لبنان على ضوء المستجدات .
من هنا ترى المصادر : “ان تعليب الاتفاق الأممي 1701 في صندوق ممهور بالختم الامريكي والاسرائيلي، سيعقد الامور ويدفعها نحو المجهول، تبعا لما حمله الرد من تجريد للحجة الرسمية اللبنانية او التقليل من منطقية نزع السلاح. وهذا يصب في مصلحة حزب الله المتمسك بالسلاح انطلاقا من النوايا العدوانية والمشروع الاسرائيلي؛ ما يجعل مرحلة الايام والاشهر القادمة قاتمة ان لم تكن مرتبكة، على وقع التناقضات بين الاطراف اللبنانية، سيما وان هناك من يدفع نحو استسلام وليس سلامًا، بحسب المصادر نفسها”. مقابل من يتمسك بشرعية الدولة على قاعدة انتهاء الاسباب وراء استمرار وجود السلاح حسب رؤية “رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون” وهذا يستأهل مقدمات أولها تنفيذ الاسرائيلي بنود اتفاق وقف إطلاق النار .
في المحصلة تبقى المرحلة المقبلة مرهونة بما ستقدمه الزيارة الخامسة للموفدين الامريكيين. وعليها، للبنان أن يبني على نتائجها مقتضى تحركه باتخاذ السلطة قرارات ربما تعيد كرة السلاح الى المربع الأول.