الدكتور عماد سعيد “العقل الحر يخلق إنساناً حراً” بقلم الكاتبه زينب دياب

الدكتور عماد سعيد
“العقل الحر يخلق إنساناً حراً”
لا شك أن مجتمعنا أخذ يُعاني من التراجع والتفكك في بنائه الفكري، فكان لا بدّ من ضرورة تفعيل الجانب الثقافي باعتباره الجانب المُضيء لجوهر الإنسان، لأن الثقافة هي أساس بناء وتحضُر المجتمع، ولا يمكن لمجتمع أن يتطور وينتمي إلى الغد من دون تعزيز الوعي الثقافي..
وهنا يأتي دور المثقف الذي هو جزء من المجتمع، وعامل من عوامل تطوره، وله اليد الطولى في نشر الوعي، لأن للثقافة الدور الأساسي في حياة المجتمعات وارتقائها، وهي أساس حيوي للنهوض، وغذاء للفكر، وهي مشروع حياة حضارية…
من هذا الواقع نشأت عند الدكتور عماد سعيد فكرة إنارة كلّ ما أُطفئ بداخل مجتمعه، وذلك عبر تسليط الضوء على واقعه واكتشاف نواقصه، فكان الإعتماد على منهجية عقلية والوعي الجماعي، وتلبية الحاجات الثقافيّة بروحٍ عالية من المسؤولية بأن يكون صانعاً للثقافة من أجل الخلق والإبتكار وليس التقليد والإتّباع…
وبدأ بمصارعة طواحين الحياة التي حاولت عرقلة هذه النشأة، ولكن بفضل إرادته الصلبة تغلّب وتجاوز كل المحن التي اعترضته ودفعته إلى خلق تحدي مع الحياة، ليروي ظمأ أحلام غيره اللامتناهية من خلال رؤية مستقبلية…
وكانت ولادة جمعيّة هلا صور الثقافيّة الإجتماعيّة والدكتور عماد سعيد رئيساً لها، وهي جمعيّة مبنيّة على مجموعة من الأسس والمبادئ التي تجعل منها أداة تواصل هادفة، لتزيد من التواصل الثقافي في مختلف المجالات وترتقي في إثراء الميدان الأدبي والمعرفي لتصبح منهج من مناهج الثقافة والمعرفة..
كما أخذ على عاتقه العمل للنهوض بمدينة صور وإعاده مجدها فهي كانت تُعتبر من أهم حواضر العالم….
وبما إن الإنسان كائن متفاعل مع المجتمع ويجب أن يُعبّر عن نفسه وقناعاته من خلال عرض أفكاره على الآخرين ومشاركتهم فكان لا بدّ من انتساب العديد من المثقفين لجمعيّة هلا صور بهدف العمل، لأن العمل لا يسمو إلا بالتعاون، التعاون الحقيقي الصحيح الذي يُعد ضرورة للوصول إلى بلورة العمل بالشكل المطلوب، لأن الحياة تُبنى بالمشاركة والوعي الثقافي المُكمل لوعي الفرد الذاتي، فأكثر ما يقتل النجاح هو نرجسية الأنا وجحود العطاء، لذا كان على أسرة هلا صور العمل بإرادة جادة ووعي ونشاط لتلبية الإحتياجات من خلال الدقة في الإنجاز والتواصل المُحبب مع الغير والثقة في التعامل مع الكُتاب والشعراء والشخصيات الروحية، السياسية، الفنية، التربوية، الطبية، والشخصيات المرموقة المميزة، والإهتمام بالمبدعين ودعمهم، واستقطاب أهل الفكر والإعلام والثقافة والمعرفة والعلم ضمن ندوات وأمسيات ومهرجانات شعرية لتزهو قصائد الشعر العربي، وثقافة اللقاءات والحوارات بين النخب الأدبية الثقافية، وتسليط الضوء على النتاج الزاخر لأدباء وشعراء مُخضرمين لينهل منه الجيل الجديد، وبلورة أفاق جديدة تكون المشاركة الشبابية الواسعة إحدى أهم قواعدها….
يقول فولتير : سُئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فأجبت الذين يعرفون كيف يقرؤون..
فالمعرفة نكتسبها من القراءة الواعية والمتابعة والتوغل في مجاهل الفكر والعلوم وكيفية استفادتنا منها…
فالمجتمع الذي لا يقرأ ولا يتسلّح بالثقافة المفيدة هو مجتمع هزيل، جاهل، عاجز عن التطور ولا يمتلك إرادة التقدم بأمل وطموح.
فكان لا بدّ من ربط جسور تربط بين الكُتاب والقُراء فكانت فكرة إفتتاح معرض الكتاب العربي الذي أصبح بصمة خاصة لجمعيّة هلا صور الثقافيّة الإجتماعيّة، والذي هو ملتقى أدبي سنوي يحتفي بالكِتاب والكُتاب، ومعرض هذا العام كان في دورته ( الحادي عشر) ودائما يكون برعاية قامات روحية، سياسية أو ثقافية مميزة.
تُعتبر معارض الكتب في جمعية هلا صور كنوز معرفيّة ومناسبات ثقافيّة تلتقي فيها دور النشر والكُتاب والقراء، كما تُشكل منصة لتبادل الأفكار والخبرات بين المثقفين وتوسيع المدارك، وفتح أبواب المعرفة على مصراعيها ليجد القارئ بين أرفف المعرض ما يثري عقله ويُشبع فضوله..
تُعد جمعيّة هلا صور الثقافيّة الإجتماعيّة الآن من أهم الجمعيات التي استطاعت الصمود والتغلب على كل العقبات والمنافسات، وهي الرقم الصعب في عالم الثقافة في مدينة صور وفي لبنان ككل، والأقطار العربية.
الدكتور عماد سعيد رئيس جمعيّة هلا صور دائماً يردد لنا بأن هذا إرثنا:
فنحن ننتمي لزمن لا يستطيع الرجوع بنا إلى الماضي، لذلك بتنا أوفياء لوعودنا قبل أن نهاجر بسجلات المغادرين….
الكاتبة زينب ذياب






