بأقلامنا

كتب اللواء خالد كريدية إسرائيل من جيش الشعب إلى جيش الرب

كتب اللواء
خالد كريدية
إسرائيل من جيش الشعب إلى جيش الرب

منذ ( تأسيس إسرائيل ) سنة 1948 قدم ديفيد بن غريون الجيش على أنه( جيش الشعب ) أي مؤسسة ( وطنية) علمانية هدفها حماية الدولة وتكريس صورة ( الديمقراطية المدنية) أمام العالم.
كان الجيش يقدم كمساحة جامعة بين الشرقيين والغربيين، المتدينين والعلمانيين

اليهود الجدد والقدامى،
لكن خلال العقود الأخيرة، برز تحول تدريجي عميق : تزايد نفوذ التيار الديني- القومي، واقتراب المؤسسة العسكرية من أصل خطاب لاهوتي يعتبر الحرب امتدادا” للرسالة الدينية .
تحول البنية الأجتماعية للمجتمع الأسرائيلي
شهد المجتمع الأسرائيلي موجة صعود قوية ومؤثرة للتيارات الدينية والقومية ، وتراجع القوى العلمانية التقليدية . كل ثقل هذا المتغير انعكس مباشرة على الهوية العقائدية للجيش الأسرائيلي الذي أصبح يستقبل اجيالا” جديدة من المجندين ينتمون إلى التيار الديني القومي، اليمين التوراتي طلاب المدارس الدينية العسكرية ( اليشيفوت العسكرية )
هولاء يحملون رؤية دينية للصراع ، لا أمنية فقط.
أسطرة الجيش وتقديس المعركة
تعاظمت داخل الوحدات القتالية شعارات – مثل ( الجيش أداة الرب لإستعادة الأرض)
( القتال واجب توراتي))
( الضفة الغربية .القدس قلب إسرائيل التوراتية )
نصوص دينية توزع رسميا” وميدانيا” على الجنود في قلب الحروب
هذا كله يعكس انزياحا” واضحا” عن نموذج الجيش العلماني
تسييس الجيش وارتباطه باليمين المتشدد
مع صعود نتنياهو وتحالفاته، تحول الجيش تدريجيا” إلى مؤسسة تعمل ضمن رؤية ايديولوجية أكثر من كونها مهنية. التعينات العليا تأثرت برؤية اليمين القومي وصعود مستوطنيين اكثر تطرفا” إلى مواقع القرار وتداخل الجيش مع مشروع الاستيطان
مما جعل الجيش جزءا” فاعلا” من مشروع ( إسرائيل الكبرى) وليس فقط جهازا” عسكريا” أمنيا”.

من أمن الدولة إلى أمن العقيدة
يتضح التحول في مفهوم ( العدو): لم يعد الشعب الفلسطيني عدوا” سياسيا ، امنيا”
بل أصبح عدوا” لاهوتيا” في خطاب القادة الدينيين داخل بنية صناع القرار في الهيئات القيادية للجيش الأسرائيلي
هنا يتموضع الصراع في بنية الأشتباك ( الوجودي ) المقدس.
النتائج الجيوسياسية للأنتقال نحو جيش الرب.
زيادة العنف المتوحش
حيث الحرب تصبح واجبا” دينيا” لا مكان لحلول اخرى وبشكل اساس تفاوضية
تصلب الموقف ورفض الحلول السياسية خصوصا” في الضفة الغربية والقدس انهاء اتفاق أوسلو بالرغم ماحققه اتفاق أوسلو للمصالح السياسية والأمنية لأسرائيل دون المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني
استفزاز البيئة العربية ، والإسلامية
حيث تظهر إسرائيل ذات مهمة دينية توسيعية إحلالية

خلاصة
إن التحول من جيش الشعب إلى جيش الرب ليس مجرد تبدل في الخطاب، بل تحول بنيوي فكري وأيديولوجي داخل المجتمع الأسرائيلي نفسه.
هذا الصراع يعاد إلى طبيعته التوارتية القديمة، ويجعل أي تسوية سياسية شبه مستحيلة بينما يفتح الباب للولوج

صراع طويل الأمد ذات طابع ديني وجودي لا جيوسياسي احادي الجانب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى