صور أم الشهداء بقلم الشاعرة فاديا حسون

………
اليوم تحاكي صرخاتي مدينة صور ،تلك المدينة التي كانت تاريخآ وحضارة وفنآ قبل أن تدنسها آلة الحرب،ويأخذ منها الدمار كل ما كان جميلا.
كيف يمكن للقلب ان يبتلع تلك الدموع الحارقة التي تذرفها المدينة في صمت؟كيف للذاكرة ان تحتفظ بكل التفاصيل التي كانت يومآ ما تشع بالحياة والأمل؟
أبكيكِ ياصور…يا قلعة الصمود ياعروسة البحر الشاهدة على تاريخ طويل وملحمة حضارة ضاربه في جذور الأرض.
حيث كانت الأبنية تتناغم مع البحر والشوارع تشهد عل الزمان بكل أحداثه.
اليوم لانرى إلا بقايا هيكل منكسر قد تحدى النار تلك النار التي لا ترحم .
أفجع فيك وأنت تبكين أولادك حجارتك…وآثارك الشهادة على أصالتك وتاريخك الثقافي…
وكأن تلك الجدران التي كانت تحمل قصصآ من آلاف السنين قد انهارت تحت وطأه الطائرات والموت..
أبكي الرمال التي كانت تسرد قصص الأزمان الماضية تلك الرمال التي كانت تزين شواطئك بألوان الفرح …
فأضحت الشاهده على هذا الخراب…
أنعي الآثار وأفتقد تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تزين شوارعك القديمة حيث كانت تروي لنا قصص من مروا هنا وهناك …
تبكيك اليوم قرطاج كما يبكيك من عايش أمجادك يا مدينه البطولات…
تبكيك ملوك البحار الذين لطالما عرفوا أن مياهك العصية كانت تمثل الحياة…
لا ..لا يقارقني مشهد ذلك الوجه المتعب الذي لا يزال يحمل آثار الدمار في كل زاوية من زواياك…
لكن من بين هذا الدمار والخراب وكل هذه الآلام تبقى صور صامده لا تساوم على كرامتها ولا تنحني أمام الحروب ..
من وسط الدمار تظل هامتك ياصور مرفوعه كما كانت دائمآ في مواجهة العواصف التى مرت بها عبر الزمان…
إن الصمود الذي يظهر من بين أنقاضك هو شاهد حي على عزيمة من قاوموا ومن صمدوا ومن كانوا وما يزالون يواجهون الحياة بكل ثبات…
ابكيك لأنك تذكرينا دائمآ بكل من سقطوا وبمن ضحوا بحياتهم من أجل أن تبقى المدينة حية في قلوبنا..
تبكيك القوب التي تذكرك بشهدائك الذين ضحوا في سبيلك وسبيل هذا الوطن أولئك الذين جعلوا من دمائهم ارضآ لتتجدد على هذه الأرض الحياة…
لقد زرعوا بدمائهم شجاعه لا تذبل وحياة لا تنتهي وحبآ لتراب الأرض لايموت فجعلوا من كل زوايه من زواياك شاهدا على تضحياتهم كما جعلوا من كل حجر فيك شعارآ ورمزآ للصمود
ياصور….يا ام الشهداء أيتها الصابرة على وجعك الحاضنة لتلك الأجساد الطاهره بأشفار عيونك التي لن تغلق حتى يكتب التاريخ قصص بطولاتهم المشرفه الشهداء الذين سكنوا شوارعك وخرجوا من بين ازقتك رافعين رؤسهم متوجين بالعز ةوالكرامة الذين مازالت أسماؤهم تتردد في كل زوايه من شوارعك المدمرة
ومازالت أصداء خطواتهم في قلوبنا فكل شبر من هذه المدينه يصرخ باسمهم ويصرخ باسم مقاومتك العظيمة
ستكتبين قصص الذين سطروا بدمائهم أسمى معاني الحب والتضحية فقدموا أرواحهم قربانآ ليحيا هذا الوطن ..
انت ياصور لم تكتفي بأن تكون مدينه ساحليه وعروس البحر بل كنت مدينة الشهداء والصمود التي رسمت على وجهها علامات المعركه والألم
لتأتي عروسها فترسم ملامح المجد والفرح والفخار…
نعم ربما نبكيك اليوم لكن قلبك النابض ما زال يردد صدى البطولات يامدينة الشرف لن تضعفي…
بل ستظلي تكبرين فينا وشهداؤك يرونك من السماء يقاومون الدمار معك يلملمون جراحك ويبعثون فينا وفيك الامل من جديد
فصور العصية المقاومة الأبية لاتموت بل ستبقى ترفع صوتها تعلن مقاومتها تبكي على آلامها وتنهض من جديد لتكتب تاريخآ جديدآ من بين أنقاضها ….
فاديا حسون
بيروت ٥/ ٢/ ٢٠٢٥