بأقلامنا

مادة اجرا من الشباك بقلم المحامية رغدة القرا

 

في الوقت الذي انقسمت فيها آراء المتابعين لدعابة الرئيس بين ساخر ومستنفَّر وبين دعابة ولطشة…
من الطبيعي ان تكون للوهلة الاولى ردود الفعل بسيطة عند البعض الذي لا يعلم اساس المقولة او لم يدرس القانون او يتصفح الدستور اويضطلع على آراء الفقهاء القانونية حول تفسيره. لكن المؤكد ان النائب سامي الجميل وهو المحامي والبرلماني منذ ثلاثة عشر عاما وحفيدا لرؤساء سابقيين للجمهورية اللبنانية، لن تصعب عليه الاجابة والذي يصبح سؤاله مناكدة ليس الا في خضم ازمة جدية وفراغ قاتل يعيشه الوطن.
ألاعيب سامي الجميل المناكد لا تنطلي على الدكتاتور النبيه المحامي والفقيه القانوني والمشرع المتمرس والعالم الفطين الذي عجن وخبز اجداد واباء الجميل وغيره من ابناء جيله الذين مروا على المقاعد النيابية والسياسية. هذا المزيج من شخصية الرئيس النادرة لاتنتج مزاحا بقدر ماهو تهكم…
ان مناقشة المواد الدستورية المتعلقة باكتمال النصاب ومنها المواد ٣٤ ، ٤٩، ٧٠، ٧٣ ، ٧٩ اخذت جدلا ومشكلة قانونية ودراسات واسعة ولعدة عقود مضت بين جهابزة القانون. فتعددت الآراء حول النصاب المفروض توفره في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فذهب رأي أول إلى القول بوجوب توفر أكثرية ثلثي أعضاء مجلس النواب في دورة الاقتراع الأولى والأكثرية المطلقة في دورات الاقتراع التالية.
وذهب رأي آخر إلى أن النصاب المطلوب هو فقط النصاب العادي اي نصف عدد أعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً ومن ثم يخلص بعض أصحاب الرأي الثاني إلى أن الغالبية المطلوبة في انتخاب الرئيس هي ثلثا المقترعين في الدورة الأولى، والأكثرية المطلقة من المقترعين في الدورات التي تلي …

والخلاف في تفسير الدستور لهذه الناحية اتى قبل تولي الرئيس بري سدة الرئاسة ، وقد حكم هذا التفسير الميول والاهواء السياسية للفئات الحاكمة التي تقيس تفسير الدستور والقوانين على مقاس مصلحتها ، وهو ماينسحب على السلطتين التنفيذية والتشريعية …
وعليه لن أبدي رأيا شخصيا، حول الرأي القانوني الاسلم بين الآراء الفقهية التي تناولت النصاب المفروض توفره في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لقناعتي ان القوانين وحتى الدستور اللبناني لهم (دكّة) مطاطية يتم تفسيرها حسب المصلحة والصفة .
ويكفي ان نعلم ان مانص عليه الدستور اللبناني فيما يتعلق بالنصاب المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية مأخوذ من الدستور الفرنسي لعام ١٨٧٥ الذي تبرأت منه الجمهوريات الفرنسية اللاحقة واصبح اثرا بعد عين.

في ظل هذه الفذلكات والمعمعات الفقهية التي حاول النائب سامي الجميل (القانوني) اثارتها من باب التذاكي واحالة الجلسة الى جلسة مناقشة للنصوص الدستورية بدل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كان الاحرى به اثارتها في السابق بكثير – هذا ان توافرت النية الحسنة- وياحبذا فعلها وفعلوها نواب الامة وتماشوا مع دستور لبناني الصنع …
وبالتالي من المتوقع جدا تلقف الرئيس بري مناكدة الجميل بدل التسويف في مناقشة قانونية عقيمة تخطاها ارباب سامي الجميل عندما اقتضت مصلحتهم ذلك.

بالملخص طالما التعديل الذي طرأ على الدستور وفق اتفاق الطائف لم يدخل حيز التنفيذ بكامله حتى يومنا هذا ستبقى المادة القانونية “مادة اجرا من الشباك ” هي التي تحتكم اليها الطبقة السياسية بدون استثناء عند تطبيق الدستور وليس فقط القوانين.

زر الذهاب إلى الأعلى