بأقلامنا

النظام اللبناني أسير التوازنات الطائفية، ودستور الأمر الواقع. بقلم الإعلامي فادي رياض سعد

ينص الدستور اللبناني على أن لبنان “جمهورية ديمقراطية برلمانية”،  لكن بنية نظامه السياسي أسيرة للتوازنات الطائفية والسياسية، مما جعل اتخاذ القرارات الكبرى مستحيلاً دون توافق جميع الأفرقاء السياسيين الموزعين على اساس طائفي، وبالتالي اصبح الدستور اللبناني بدوره خاضعاً لهذه التوازنات إذ يلجأ الأفرقاء إلى تعديل مواده وفقا لمصالحهم بما يتماشى مع واقع الحال مع كل استحقاق دستوري، واستنسابية في تطبيق المواد الدستورية  ومقاربة الاستحقاقات، مما جعل اللجوء الى مواد الدستور أمراً شبه معدوم، تارةً نلجأ إلى الدستور “وفقاً للمصالح”  وطوراً ننسف الدستور بحجة الأمر الواقع والحفاظ على “التعايش أو العيش المشترك او غيرها من الشعارات الرنانة”….

ولكي تستقيم الأمور ووضعها على السكة الصحيحة،  علينا اعتماد معايير موحدة لمقاربة الاستحقاقات والتعامل معها، إما من خلال الدستور!… وإما انطلاقاً من الأمر الواقع!…

فقد أصبح خرق الدستور ونصوصه تقليداً لبنانياً لدى كل الأفرقاء عند كل استحقاق رئاسي أو حكومي، كان أولها الخرق الذي سجله البرلمان اللبناني بتجديد ولاية كاملة لرئيس الجمهورية بشارة الخوري، بتعديل الدستور في ايلول 1949 لتمرير التجديد… واستمر عهد الرئيس بشارة الخوري حتى العام 1952  حيث أجبر على الاستقالة بعد مظاهرات ضخمة على خلفية اتهامه بالفساد. ولخوفه من تفاقم الأمور استدعى قائد الجيش فؤاد شهاب وقدم إليه استقالته بعد أن كلفه بتشكيل حكومة عسكرية تتولى إجراء انتخابات رئاسية، خَلَفَه الرئيس كميل شمعون.

اما الخرق الثاني فكان عند انتخاب الرئيس فؤاد شهاب، الذي كان على رأس عمله قائداً للجيش، والدستور لا يسمح بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية لموظفي الفئة الأولى وهم على رأس عملهم.

وفي العام 1976 اجتمع مجلس النواب وعدل مواد دستورية تتعلق بالمهل الدستورية وتم إنتخاب الرئيس الياس سركيس قبل ستة أشهر من المهلة الدستورية.

وإذا ما اعتمدنا الدستور بمواده كاملة وبحذافيرها،  فإن كل ما نتج عن مؤتمر الطائف هو غير دستوري!…، إذ أن مجلس النواب الذي أنتج إتفاق الطائف هو مجلس منحلّ بحكم الدستور “ميثاق 1943″، بمرسوم صادر عن رئيس الحكومة الإنتقالية آنذاك العماد ميشال عون الذي كان يتولى رئاسة الحكومة اللبنانية الشرعية “حكومة انتقالية”، الا أن الأمر الواقع أدى إلى تجاوز كل النصوص الدستورية ومواده القانونية.

وتكررت الخروقات في العديد من الإستحقاقات تمثلت بالتمديد للرئيس الياس الهراوي والرئيس إميل لحود وصولا الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان بعد مؤتمر الدوحة في 25 أيار 2008.
والحبل عالجرار….

فادي رياض سعد

زر الذهاب إلى الأعلى