بأقلامنا

كتب اللواء خالد كريدية الباشان في المخيال الديني اليهودي اكثر من مجرد منطقة تقع شرق الجليل والجولان

كتب اللواء
خالد كريدية
الباشان في المخيال الديني اليهودي اكثر من مجرد منطقة تقع شرق الجليل والجولان
إنه فضاء متخيل تتداخل فيه الحدود بين الأسطورة واللاهوت والتاريخ وصناعة الشرعية السياسية. في الوعي الديني اليهودي ، يعاد إنتاج الباشان عبر ثلاث طبقات مركبة
الباشان كأرض قوة الجغرافيا التي تؤسس اللاهوت ( رمزا” للقوة) توصيف ليس بريئا” بل هو حجر أساس في بناء تصور يقدم شرق الأردن وبلاد حوران كأرض وفيرة اعدها الرب (لشعبه المختار)
الماشان ترسيخ شرعية التوسع انطلاقا” من قدسية الأرض.
الأصطفاء .كل وفرة جغرافية تقرأ كعلامة رضا إلهي
إحلال الرواية الدينية قوة تشريع يؤمن ادوات فعل الأقتلاع للشعوب الأصلية بأمر الهي
الباشان هنا ليس مكانا”، إنه نص مفتوح على التأويل السياسي.
الباشان كأسطورة قوة . من( عوج ملك باشان) الى خطاب التفوق
في المخيال اليهودي القديم، يظهر عوج ملك باشان كرمز للقوة والجبروت في بنية الخطاب اللاهوتي عن قدرة ( سردية ايديولوجية ترسم صورة اليهودي الأسرائيلي (الضعيف ) المنتصر لأن الله معه
حيث الحق الإلهي يتغلب على الحق الطبيعي.
انها لحظة تأسيس خطاب ( القوة المستمدةمن الرب الذي سيستعاد لاحقا في بنية الفكر الصهيوني كخزين رمزي لتبرير
فرض السيطرة الأحتلالية والأحلالية على الجولان وبلاد حوران.
الباشان مفتاح سياسي. من اللاهوت الى الصهيونية المعاصرة تستدعي منذ بداياتها أسطورة الباشان لغايات سياسية عميقة.
اعادة رسم خريطة إسرائيل الكبرى، انتاج ذاكرة توراتية تقدم كحقيقة فوق تاريخية .
استخدام نموذج ( عوج) كرمز للعدو الذي يجب اسقاطه. دائما: العرب، الشعوب المحيطة، المقاومة، التهديدات الحضارية.
الأسطورة تعاد لاستحضار ( حدود غير منظورة) يصبح الباشان جزأ” من الهوية القومية.
الباشان في العقل اليهودي كبنية خوف الباشان ليس فقط ارضا” بل ارضا” مخيفة
موطن( العمالقة)
ارض التمرد، منطقة الآخر ( الشرقي)،
فضاء جغرافي يذكر بفكرة أن تهديد إسرائيل يأتي من الشرق. وهنا يكمن جوهر الوظيفة الاستراتيجية
الخوف يصنع ثم يحول الى ضرورة أمنية، ثم الى حدود سياسية.
من الباشان القديمة الى الجولان الحديثة
عندما احتلت إسرائيل الجولان سنة ١٩٦٧ أعادة في خطابها الرسمي استخدام مفردات دينية : مرتفعات الباشان القديمة ، الارض التي وعد الرب بها، خط الدفاع الطبيعي.
المزج بين الأسطورة والتكتيك العسكري أنتج معنى جديدا” : الجغرافيا هنا ليست تضاريس ، بل نص مقدس يوظف لتبرير الهيمنة العسكرية والسياسية.
الباشان نموذج تحويل الأرض الى أداة هوية قومية ،
ذاكرة مقدسة لإنتاج شرعية جيو سياسية، لحظة تلاقي اللاهوت والتاريخ والأسطورة في مشروع واحد وهو مشروع النفوذ الإسرائيلي
الباشان مرآة
كلما ضعفت الأسطورة تعززت الحاجة لاستدعائها لإسناد الحاضر القائم
الباشان في العقل الديني ليست جغرافيا فقط بل قوة جهاز ايديولوجي يجدل العلاقة بين الأسطورة، الأصطفاء ، الامن، التوسع، الذاكرة الجماعية والسياسة
وهكذا تصبح الباشان جسرا” بين الماضي والأسطورة، وبين العقيدة والمشروع الأستراتيجي الإسرائيلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى