كتب اللواء خالد كريدية فصائل [ السلام] الفلسطينية والتعاون مع الأستعمار البريطاني تفكيك المقاومة من الداخل

كتب اللواء
خالد كريدية
فصائل [ السلام] الفلسطينية والتعاون مع الأستعمار البريطاني تفكيك المقاومة من الداخل
مقدمة
شهدت فلسطين خلال فترة الأحتلال البريطاني ( ١٩٢٠ – ١٩٤٨)
صراعا” مركبا” بين مشروع وطني يسعى للتحرر، وبين منظومة استعمارية عملت على خلق ادوات محلية تسهم في تفكيك بنية المقاومة. وتعد فصائل [ السلام] إحدى أبرز الآليات التي وظفتها بريطانيا من اجل تفكيك الثورة الفلسطينية الكبرى ( ١٩٣٦ – ١٩٣٩)
وتقويض العمل الثوري المسلح وحرفه عن تحقيق اهدافه.
الخلفية التاريخية والسياق الأجتماعي
اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى
في وجه الأستعمار البريطاني ونتيجة تصاعد وتيرة الهجرة اليهودية وازدياد عمليات الأستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتنامي المقاومة الوطنية ضد سياسيات الأستعمار البريطاني. شهدت الثورة مشاركة واسعة من الفلاحين وقطاعات اجتماعية رافضة لوجود الأستعمار البريطاني والأقتصادي – الأستيطاني اليهودي
برزت انقسامات بين النخب السياسية والعائلية ،
انقسام استثمره الأستعمار البريطاني عبر ادوات محلية قدمها كبديل ( تصالحي) او ( واقعي) لمواجهة المقاومة الوطنية وسلاحها الثوري
فصائل [ السلام] تشكلت نهاية سنة ١٩٣٧ كميليشيات محلية مسلحة بدعم مباشر من سلطات الأستعمار البريطاني
قاد هذه المجموعات عدد من العملاء المحسوبين على نخب اقتصادية وعائلات سياسية، من ابرزهم فخري النشاشيبي وفخري عبد الهادي.
اهداف الفصائل المعلنة
مساندة الاستعمار البريطاني في فرض الأمن.
محاربة الثوار الرافضين لوقف الثورة والعمل الثوري المسلح.
الدعم البريطاني الأستعماري
تسليح وتدريب مباشر
تنظيم منتظم لأفراد الفصائل
منح صلاحيات شرطية وعسكرية داخل الأرياف والمدن
وبذلك مثلت هذه الفصائل [نموذجا” لا يحتذى به ] وحدة وظيفية ذات طابع محلي ، تعزز بنية الأستعمار بفاعلين اجتماعيين من داخل البيئة المقهورة نفسها.
أثر فصائل [ السلام] في وحدة المقاومة الفلسطينية
استنزاف القوة الثورية
ساهمت هذه الفصائل في قتال مباشر ضد الثوار مما أدى الى
إضعاف القدرات التنظمية للثورة. انتشار الأغتيالات والخلافات الداخلية. اعتماد الأستعمار البريطاني على قتال فلسطيني فلسطيني بدل استنزاف جنوده. تقويض شرعية القيادة الوطنية خلق ظهور هذه الفصائل بديلا” سياسيا” وميدانيا” أمام قيادة الثورة الوطنية
ونتيجة ذلك تم : ضرب وحدة القرار الوطني.
خلق صورة لوجود تيار فلسطيني يرفض الثورة
تعزير البروباغندا البريطانية الأستعمارية التي تدعي عدم وجود توافق شعبي حول المقاومة الوطنية.
تكريس الأنقسام العائلي والسياسي
اظهر دعم فصائل [ السلام] دور الأنقسام داخل النخبة، حيث تحول الى صراع سياسي له اثر ميداني.
ادى ذلك إلى : تسييس الولاء وإعلاء المصلحة الأقتصادية المتحالفة مع سلطات الأستعمار
تكريس نموذج زبائني محلي يخدم الأستعمار البريطاني.
أثر نفسي ومعنوي طويل المدى
أسهم قتال فلسطينيين لثوار فلسطينيين في إضعاف الرمزية الأخلاقية والثورية. خلق شعور بالخيانة السياسية والأجتماعية. تراجع الثقة الشعبية في النخب المحلية.
قراءة بنيوية في التجربة
يتضخ من تحليل هذه الظاهرة أن الأستعمار لا يكتفي بالقوة العسكرية، بل يشتغل على تفكيك المجتمع من الداخل
عبر: خلق وكلاء محليين بعوامل مصلحيية ذاتية
استخدام الأنقسامات الأجتماعية والعائلية كأداة قمع.
تشكيل فاعلين سياسيين بديلين يجهضون مشروع التحرر الوطني.
تظهر التجربة بين الاستعمار والوكلاء المحليين انها ليست ظرفية، بل بنيوية، ويعاد إنتاجها في سياقات لاحقة عبر أنظمة أمنية أو اقتصادية مرتبطة بالهيمنة الخارجية.
خاتمة
تفكيك المقاومة الوطنية الثورية لا يتحقق فقط بقوة السلاح بل يتطلب هندسة انقسام داخلي يصنع حوامل محلية للهيمنة. لقد شكلت هذه الفصائل عنصرا” مساعدا” في إنهاء الثورة الفلسطينية الكبرى،
وأظهرت أن التناقض بين الأستعمار والشعب لا يختزل في مواجهة مباشرة، بل يتعداها الى صراع داخل النخبة الأجتماعية نفسها.
وبذلك تعد فصائل [ السلام]
مثالا” بارزا” على دور الفاعل المحلي العميل في إضعاف مشاريع التحرر الوطني، درس يستعاد اليوم في قراءة مشاريع السيطرة والأحتلال في فلسطين ولبنان والعالم العربي والأسلامي




