غزة… حين كانت الأيادي تمتد بالخير قبل أن تمتد بالحصار بقلم السفير نظمي حزوري

في زمن كانت القلوب فيه أنقى، والنية أصدق، لم تكن المسافات ولا الحدود تقف عائقاً أمام روح الإخاء بين الشعوب العربية. كانت الكلمة الطيبة والعمل الصالح هما الجواز الحقيقي للعبور، وكانت غزة وخان يونس مثالين حيّين على أن العطاء لا يُقاس بغنى الجيوب، بل بغنى النفوس .
في الصورة الأولى، عام 1944، يمدّ أهل خان يونس أياديهم الكريمة إلى فقراء جنوب مصر، في زمن لم يكن فيه التواصل سهلاً ولا الحدود مفتوحة كما اليوم، لكن قلوبهم كانت أوسع من أي حدود .
وفي الصورة الثانية، عام 1945، يهبّ أهل غزة للتبرع من أجل بناء مستشفى في السعودية، ليؤكدوا أن رسالتهم الإنسانية لا تعرف جغرافيا ولا سياسة .
لم يكونوا يوماً جياعاً، ولم يعرفوا البخل أو الانطواء على الذات .
هم أمة عطاء وكرامة، تتعلم وتنتج رغم الألم، وتبني رغم الحصار.
تاريخهم يروي أن الكرامة ليست في امتلاك الثروات، بل في أن تعطي وأنت في أمسّ الحاجة ، وأن تصنع الحياة وأنت محاصر بالموت .
تلك الصور ليست مجرد أوراق صفراء في أرشيف النسيان ، بل شهادة حيّة على أن غزة وفلسطين كانتا وما زالتا منارة للعطاء الإنساني ، ومن يقرأ هذا التاريخ يعرف أن الحصار قد يطوّق الأرض ، لكنه لا يستطيع أن يحاصر روحاً وُلدت لتعطي .