كلمة الأمين عباس، فاخوري باسم الحزب السوري، القومي الاجتماعي التي القاها في اليوم السابع من محرم بد عوة من ملتقى الجمعيات الأهلية في صور ومنطقتها

الاخوة والرفقاء
الحضور الكريم .
بسم لله الرحمن الرحيم .والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
وعلى شهداء الحق والحرية الابرار
نلتقي اليوم في رحاب عاشوراء .لا لنستحضر الحزن فقط ,ولا لنستعيد مجرد واقعة تاريخية ,بل نقف وجها لوجه امام لحظة مفصلية في ضمير الانسانية .لحظة الشهادة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان وتتجذر في اعماق الكينونة كنداء دائم للحق في وجه الباطل وللحرية في وجه الاستعباد وللعدل في وجه الطغيان .
عاشوراء ليست مجرد ذكرى استشهاد الحسين بن علي حفيد الرسول بل هي تجل صارخ لمعنى ان يحيا الانسان مبداه حتى الموت وان يصبح الدم ابلغ من الكلام حين تسكت الالسنة وان تتحول التضحية الى لغة تخاطب الانسان في كل عصر وكل ارض وكل حضارة
الشهادة في عاشوراء ليست نهاية بل بداية .هي لا تختصر بالموت من اجل قضية ,بل هي التحول الوجودي للانسان الى معنى .فالشاهد في المعركة ليس فقط من سقط على
الارض .بل من صعد في الوعي ,وتحول الى رمز يلهم كل من يكافح من اجل كرامته ,من اجل ان يكون حرا
في فلسفة عاشوراء ,تصبح الشهادة خيارا حرا نابعا من وعي عميق بالمسؤولية الاخلاقية تجاه الحياة .لم يكن الحسين طالب سلطة ,ولا ساعيا وراء مغنم دنيوي ,بل كان رسولا للحقيقة ,مدركا ان الصمت عن الظلم هو شرك به ,وان المهادنة في زمن الانحراف خيانة لرسالة السماء .
وهنا تكمن العالمية في ماساة كربلاء ,فهي لم تكتب بلغة دينية خاصة ,بل نقشت بلغة الضمير الانساني .ولهذا تجد عاشوراء صداها عند الاحرار في كل الامم ,في وجدان غاندي كما في وجدان جبران ,في نضال مانديلا ونضال جيفارا ,في ادب تولستوي ,في شهادة انطون سعادة ونحن على مسافة ايام من استشهاده .الم يرفض سعادة كل مغريات السلطة اللبنانية انذاك وفضل الاستشهاد والتضحية بجسده في موقف كربلاءي حسيني مرددا قوله الشهير :ان الحياة وقفة عز فقط ومخاطبا ابناء الامة قائلا :انا لا يهمني كيف اموت بل من اجل ماذا اموت ,لا اعد السنين التي عشتها بل الاعمال التي نفذتها, هذه الليلة سيعدمونني اما ابناءعقيدتي فسينتصرون وسيجيئ انتصارهم انتقاما لدمي,كلنا نموت ولكن قليلين منا من يظفرون بشرف الموت من اجل عقيدة
ان قيمة عاشوراء ليست في البكاء على المأساة ,بل في استلهام الدرس منها ,في الارتقاء من الحزن الى الموقف,ومن العاطفة الى الفعل ,ومن الحكاية الى المسيرة ,فكل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء ,حين يطلب منك ان تختار بين ان تكون شاهد زور او ان تكون شهيد حق .
في زمن تتعدد فيه اشكال القهر ,وتتشابك وجوه الاستبداد ,تصبح عاشوراء ايقونة المقاومة وتتحول الشهادة الى مشروع نهوض اخلاقي وروحي ,لا يقاس بحد السيف ,بل بمدى عمق الايمان بالحق وبالاستعداد للتضحية من اجله .
ختاما عاشوراء ليست ملكا لطائفة ,ولا حكرا على امة ,بل هي بوصلة لكل من يحمل في قلبه حلما بعالم اكثر عدالة ,واكثر كرامة , فمن الحسين نتعلم ان الانسان حين يعي ذاته ,ويختار موقعه بين الحق والباطل ,يصبح صوته اقوى من الرصاص ,ودروبه لا تنتهي عند حدود القبر ,بل تبدا هناك نحو الخلود الابدي مرددين معه قوله الشهير :اني لا ارى الموت الا سعادة ,والحياة مع الظالمين الا برما, والموت في عز خير من حياة في ذل )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته






