كلمة المهندس السيد علي السيد جعفر شرف الدين خلال الاحتفال الذي نظمه ملتقى الجمعيات الاهلية في صور

الحضور الكريم
كنت أعتقد حتى الأمس القريب ، أن حكاية طائر الفينيق مجرد أسطورة تحاكي إرادة النهوض والتجدد والعنفوان، وإذ بي أعيش زمناً رأيت فيه بأم العين، الحكاية تتحول واقعاً جميلاً ، يبعث الروح واليناع ليس في الإنسان فحسب ، بل وفي كل شيء حولنا خاصة إرادة البقاء ، والإصرارعلى أن نكون العامل الفعال في استنهاض قوانا الحية، لنفض الغبار وإزاحة الركام من أجل التجدد وإعادة البناء. ولعمري إنها الآن المهمة الأكثر حيوية ، لكل قطاعات المجتمع والقوى المخلصة والجادة ، للخروج من هذه الأزمة التي عصفت بوطننا الحبيب لبنان، وهددت مصيره أرضاً وشعباً وحضارة .
وإذ نلتقي اليوم في هذا الصرح المخضب بالحرية ، أثمّن عالياً هذا اللقاء الثقافي ، دلالة على محورية الثقافة ودور أهلها في نشر الكلمة والمعرفة ، من خلال إطلاق فعاليات الإبداع ، لصناعة راي عام يعي مسؤولياته الوطنية ، مدركاً خفايا المشاريع التي تتربص بالوطن ، ليكون السد المنيع في وجه الأعداء ، والعون الأكيد لجهود البناء . فإذا كانت الحروب تخنق الاصوات وتنشر الظلمة ، فعندما تصمت المدافع ، تشرئبّ الأعناق وتصدح الحناجر، فيسيل حبر كثيف كأنه مشعل حرية ،ينير الطريق والعقول . فلا غروَ أن المثقفين هم صوت الأمل ، حماة الذاكرة وصلة الوصل بين الأجيال .
أيها الأصدقاء .. إن التاريخ يزخر بالتجارب الحية ، حيث لعب فيها المثقفون أدواراً بالغة الأهمية ، تجلت في ميادين مختلفة ، كان لها الأثر الكبير في نشر الوعي وإلهام الشعوب في نضالها العادل نحو التحرر والإستقلال والديموقراطية . ورب من يتساءل ، هل الثقافة مقاومة ؟ أسارع الى القول جازماً : نعم إنها فعل مقاوم بامتياز. فالمقاومة لا تقتصر على البندقية فقط : الشعر مقاومة ، السينما والمسرح مقاومة ، الرسم والنحت والموسيقى والغناء مقاومة ، كذلك الفلسفة والإجتماع والأدب والرواية مقاومة ، حتى الحكاية أو الأسطورة يمكن أن تتحول سلاحا جامعا في وجه العدو ، بوصفها بناءً ثقافياً مجتمعياً متوارثاً ، تتعرف الجماعات من خلالها الى قواسمها المشتركة ، ونوابض فعلها ككتلة صمود ، ثم كقوة مقاومةٍ قادرة على التغيير . نعم أيها المثقفون المبدعون .. على كاهلكم مهمة شاقة لكنها مثمرة .. تنتظركم تحديات لا مجال فيها سوى النجاح .. فالمثقف الحقيقي يملك مرونة الإنتقال من صدمة الدمار وفقدان الأحبة الى صراع التغيير والبناء .. المثقف هو من يحوّل الالم الى إبداع .. دوركم الآن هو التوثيق ومقاومة ثقافة النسيان ، لحماية الذاكرة المشتركة تأكيداً على معادلة : ذاكرة حية يعني شعب يعيش ..
أيها الأصدقاء .. سنخرج بعد قليل لنرى الحقيقة المرة .. ستقع اعينكم على ما خلفته ثقافة القتل الهمجية ، وما فعله عدو مهووس بالجريمة وارتكاب الفظائع ضد الإنسانية .. حاقد ، عنصري مسكون بالإبادة والتدميروطامع بأرض الآخرين .. والأنكى أنه مدعوم من حكومات كبرى تدّعي الديموقراطية وحقوق الإنسان ، فإذا بها تشارك المجرم الصهيوني إرتكاباته وجرائمه ، فانكشف القناع وظهرت على حقيقتها الصارخة .
في الختام ، اجدد ترحيبي بكم على أمل النجاح في تخطي التحديات . كونوا القصيدة والأغنية الى جانب السيف.. كونوا المقالة والرواية كالرصاصة في صدر العدو.. كونوا شعلة الحرية ، ونبراس العلم والمعرفة ، وعوناً فعالاً في إعادة بناء الوطن والمجتمع والإنسان .. والسلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة المهندس السيد علي السيد جعفر شرف الدين خلال الاحتفال الذي نظمه ملتقى الجمعيات الاهلية في صور بتاريخ 18 كانون الثاني 2025 في الثانوية الجعفرية الوجوه الثقافية والاعلامية في العاصمة ومناطق أخرى في جولة على اضرار الحرب المدمرة في مدينة صور