د. شريف نورالدين / أزمة الأمن وكسر هيبة الردع وصراع الوجود الذي يهدد تفوق إسرائيل في المنطقة”

بتاريخ: ٧ / ١٠ / ٢٠٢٤
تأثير يوم طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزة في ظل توازن الردع والقوة في مواجهة استراتيجية الحرب المفتوحة.
في 7 أكتوبر 2023، شهد العالم حدثًا مفصليًا غيّر موازين الصراع في الشرق الأوسط.
هجوم يوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس ضد إسرائيل شكّل نقطة تحول في طبيعة المواجهة، ليس فقط من حيث الضربة المفاجئة التي كسرت هيبة الردع الإسرائيلي، بل أيضًا في آثارها الإقليمية والدولية.
هذه العملية التي استطاعت خلالها المقاومة تحقيق اختراقات عسكرية نوعية وأسر العديد من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، هددت بشكل غير مسبوق صورة إسرائيل كقوة لا تقهر في المنطقة، وفتحت الباب أمام مواجهة جديدة تتسم بأنها حرب مفتوحة تتداخل فيها الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية.
وفي الذكرى السنوية الأولى لـيوم طوفان الأقصى، تواصل المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس تكريس معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. رغم الحملات العسكرية الضارية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، وإعلانات نتنياهو المتكررة عن اقتراب نهاية المقاومة، لا تزال تل أبيب تحت وابل الصواريخ، ولا يزال القطاع صامدًا في وجه محاولات الإبادة. المشهد يعكس فشل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في تحقيق الأمان لشعبها، بعد أن هُزمت فكرة التفوق المطلق لإسرائيل.
اليوم، يعيش المجتمع الإسرائيلي في حالة غير مسبوقة من الخوف والقلق على أمنه اليومي، حيث تحولت فكرة “الحياة الآمنة” في إسرائيل إلى وهم يلاحقه شبح المقاومة، التي لم تنكسر ولم تضعف رغم القصف والتدمير والقتل الارهابي الوحشي.
* أثر يوم طوفان الأقصى على هيبة الردع الإسرائيلي:
لأكثر من 70 عامًا، كان العدو إلاسرائيلي يسعى جاهدا للحفاظ على صورة تفوقه العسكري وهيمنته الأمنية في الشرق الأوسط. غير أن هجوم طوفان الأقصى كسر هذه الهيبة، وأثبت أن المقاومة الفلسطينية قادرة على تنفيذ عمليات مفاجئة وواسعة النطاق داخل العمق الإسرائيلي، وهو ما أحدث صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي وأثار قلقًا عالميًا حول مستقبل هذه الدولة التي كانت تعتبر حتى تلك اللحظة حصنًا منيعًا.
هذه الصدمة زعزعت الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على حماية المدنيين وأدخلت الشارع الإسرائيلي في حالة من الذعر والاضطراب العميق حول الأمان والقدرة على العيش المستقر.
– الحرب المفتوحة: توازن الردع والقوة: بعد هذه العملية، لجأت إسرائيل إلى رد فعل وحشي على قطاع غزة، حيث شنت حرب إبادة دموية أدت إلى تدمير واسع وسقوط عشرات آلاف الضحايا المدنيين.
غير أن هذه الحرب لم تعد تقتصر على الساحة الغزاوية فقط، بل امتدت لتشمل جبهات إقليمية أخرى في إطار ما بات يعرف بـوحدة الساحات. فتحرك حزب الله من لبنان، والتهديدات المتزايدة من الحوثيين في اليمن، وتصاعد الدعم من إيران والعراق وسوريا للمقاومة الفلسطينية، عزز من مفهوم الحرب المفتوحة.
هذه الحرب المفتوحة تعتمد على استراتيجية جديدة قائمة على توازن الردع والقوة.
فالمقاومة باتت تعتمد على فرض معادلة جديدة: أي عدوان على غزة لن يبقى محصورًا في جغرافيا محددة، بل سترد عليه قوى المقاومة عبر جبهات متعددة.
هذه المعادلة وضعت إسرائيل في وضع غير مسبوق، حيث باتت مضطرة للتعامل مع تهديدات متزامنة من عدة اتجاهات، مما أثر على قدرتها على حسم الصراع بسرعة.
– التدخل الإيراني واحتمالية الحرب النووية: إيران، التي تعد داعمًا أساسيًا للمقاومة في المنطقة، دخلت بشكل مباشر في هذه المعادلة. تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لحماس وحزب الله، بالإضافة إلى التهديدات المتكررة لإسرائيل، جعل إيران طرفًا فاعلاً في هذا الصراع المفتوح. هذا الدعم يعزز توازن الردع في مواجهة التفوق الإسرائيلي التقليدي، ويطرح تساؤلات خطيرة حول احتمالية تصاعد الصراع إلى مستوى حرب نووية.
رغم أن الحديث عن حرب نووية يظل سيناريوً نادرًا في هذه المرحلة، إلا أن تصاعد التوترات الإقليمية والدور المتزايد لإيران يضع الولايات المتحدة في موقف معقد. أميركا التي تعتمد على إسرائيل كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط تواجه معضلة حقيقية. إذا تصاعد الصراع إلى مستويات أكبر، فقد تجد نفسها مضطرة للتدخل بشكل أوسع، مما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع إيران، التي تتمسك ببرنامجها النووي وتعتبر نفسها قوة إقليمية متصاعدة.
– مصالح الولايات المتحدة وأمان المنطقة: الولايات المتحدة تلعب دورًا حاسمًا في هذا الصراع. من جهة، تدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا، ومن جهة أخرى تسعى للحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد المخاوف من أن يؤدي هذا الصراع إلى تهديد إمدادات الطاقة والمصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
تسعى واشنطن إلى تجنب نشوب حرب شاملة في المنطقة، حيث تدرك أن ذلك سيهدد استقرار أنظمة حليفة في الخليج العربي، وسيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي، لا سيما في ظل الاعتماد العالمي على النفط والغاز القادم من المنطقة.
لذلك، تسعى أميركا إلى تحقيق توازن بين دعمها لإسرائيل ومنع تفاقم الصراع إلى مستوى يخرج عن السيطرة.
* نتائج الحرب المفتوحة وتداعياتها:
– تحول استراتيجي في ميزان القوى: بات من الواضح أن إسرائيل لم تعد قادرة على حسم الصراعات كما كانت تفعل في الماضي. القوى الإقليمية المدعومة من إيران أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أي معركة تخوضها إسرائيل، وهو ما يعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط.
– استنزاف داخلي في إسرائيل: المجتمع الإسرائيلي بات يعيش تحت تهديد دائم ومستمر. فكرة الأمان التي كانت سائدة في العقود الماضية بدأت تتلاشى، مما يهدد استقرار الداخل الإسرائيلي على المدى الطويل ويعمق من الانقسامات السياسية والاجتماعية.
– تنامي الدور الإيراني: الدور الإيراني في الصراع يعزز من مكانة طهران كقوة إقليمية صاعدة، ويزيد من دورها داخل محور المقاومة.
إيران تستفيد من هذا الصراع لتعزيز موقفها الإقليمي والضغط على الولايات المتحدة وحلفائها.
– احتماليات التصعيد: رغم أن التصعيد النووي يبدو بعيدًا في الوقت الراهن، إلا أن استمرار الحرب المفتوحة يرفع من احتمالية اندلاع مواجهات أوسع قد تتضمن استخدام أسلحة غير تقليدية، إذا ما تجاوزت الأوضاع قدرة الأطراف على السيطرة.
– مصير الحلول السياسية: مع تصاعد وتيرة العنف واستمرار الحرب المفتوحة، تبدو الحلول السياسية أبعد ما تكون عن التحقيق. استمرار التصعيد سيؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات بين إسرائيل وجيرانها، ويجعل من الصعب التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد.
– السياق التاريخي للصراع: خلفية تاريخية أعمق للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بدءًا من النكبة مرورًا بانتفاضتي الأقصى، وصولاً إلى الأحداث الأخيرة، والجذور التاريخية للأزمة الحالية.
– دور القوى الكبرى: كيفية تأثير السياسات الأمريكية والغربية على الصراع. كيف كانت مواقف هذه القوى من حماس والمقاومة بشكل عام، وما هو تأثير الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل على واقع الصراع.
– الحياة اليومية في إسرائيل: تأثيرالحرب المستمرة على الحياة اليومية للإسرائيليين، سواء من حيث الاقتصاد أو القلق النفسي، وكيف ينعكس ذلك على المجتمع الإسرائيلي.
– استراتيجيات المقاومة: استراتيجيات المقاومة التي اتبعتها حماس في مواجهة الاحتلال، وكيف تطورت هذه الاستراتيجيات مع مرور الوقت لتشمل التحالفات الإقليمية وتوسيع نطاق العمل العسكري.
– التوجهات المستقبلية: حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب والبعيد. كيف يمكن أن يتطور الصراع؟ هل ستنجح جهود السلام؟ وما هو تأثير ذلك على الأمن الإقليمي والدولي؟
– ردود الفعل الدولية: ردود الفعل الدولية، بما في ذلك مواقف الدول العربية والإسلامية، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان. كيف تؤثر هذه المواقف على جهود السلام والمقاومة؟
– تأثير الصراع على الهوية: استكشاف كيف ساهم الصراع في تشكيل الهوية الفلسطينية والكيان. كيف تؤثر هذه الهوية على خيارات الشعوب ورؤيتها للمستقبل.
– مثال: حياة المدنيين الإسرائيليين والضغط النفسي الناتج عن الصراع، يمكن أن تُعزز من الفهم العميق لتداعيات طوفان الأقصى.
– نموذج الفقرة: في ظل الصراع المتواصل، تعاني المجتمعات الإسرائيلية من ضغوط نفسية متزايدة. العديد من الأسر تتأرجح بين الهجمات المتكررة والمخاوف من عدم الاستقرار، مما يؤدي إلى حالة من القلق المستمر تفقدهم الإحساس بالأمان.
المدارس تعاني من تأثيرات نفسية على الأطفال، الذين يعيشون في ظل أجواء من الخوف، مما يُنذر بجيل جديد قد يحمل آثار الصراع لفترة طويلة.
خاتمة:
الحرب المفتوحة التي انطلقت شرارتها مع يوم طوفان الأقصى، تمثل مرحلة جديدة ومعقدة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والإقليمي.
هيبة الردع الإسرائيلي التي تعرضت للضربة قد تستمر في التآكل مع تصاعد دور المقاومة وداعميها الإقليميين، مما يعمق من التهديد الوجودي لإسرائيل على المدى الطويل. في ظل هذه المعادلة، يبقى التوازن بين الردع والتصعيد هو العامل الحاسم في تحديد مستقبل المنطقة، وسط حسابات معقدة تتعلق بمصالح الولايات المتحدة والدور الإيراني المتصاعد.
وبعد مرور عام على يوم طوفان الأقصى، أصبح واضحًا أن الصراع قد دخل مرحلة جديدة، حيث تزعزعت مفاهيم الأمن التي طالما اعتمدت عليها إسرائيل.
لم يعد الاحتلال قادرًا على فرض هيمنته الكاملة، وتآكلت فكرة الردع العسكري في ظل استمرارية المقاومة وصمودها.
جبهة الإسناد الإقليمية، التي توسعت في إطار وحدة الساحات، أصبحت عاملاً أساسيًا في تعزيز قوة المقاومة وإدامة الضغط على إسرائيل من عدة جبهات.
هذا الدعم المتواصل من لبنان إلى العراق واليمن، جعل من الحرب المفتوحة حقيقة قائمة، وفرض واقعًا أمنيًا جديدًا على إسرائيل، حيث باتت الحياة اليومية مليئة بالخوف وعدم الاستقرار. الأمان الذي كانت إسرائيل تفاخر به أمام شعبها والعالم، بات الآن حلمًا بعيد المنال، في ظل مقاومة مستمرة وجبهة إقليمية لا تنفك تؤكد أن معادلة الردع قد تغيرت، وأن إسرائيل تواجه اليوم صراعًا وجوديًا أعمق من أي وقت مضى.