صناعة مجتمع مهدوي متكامل بقلم عبد الكريم الراعي

بسم الله الرحمن الرحيم
صناعة مجتمع مهدوي متكامل
ت١٧/٠٧/٢٠٢٤
إن صناعة أي مجتمع يحتاج إلى مجموعة عناصر ضرورية تقوم على أسس واضحة تساهم في تطوره وعلو شأنه وتحقيق أهدافه ..
إن المجتمع النموذجي الأمثل الذي نسعى إليه هو المجتمع المهدوي الذي يُعِد النصرة لصاحب الزمان عج وهو مجتمع قائم على نهج الإمام الخميني قده الذي هو بالأساس النهج الإسلامي المحمدي الأصيل وهو المتمثل بنظرية ولاية الفقيه التي أرساها الإمام قده ..
إن من الأسس التي يجب البناء عليها تتمثل في أمور : منها إقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وهي التي تصنع من خلال مراعاتها التكامل المجتمعي وتحقيق الهدف الأسمى أي التمهيد والسعادة على المستويين الدنيوي والأخروي..
إن السعي في تحقيق الأول وهو العامل الاقتصادي والذي جاءت تفصيلات تشريعاته في الدين الإسلامي كالبيوعات وكل ما يستتبعها من أعمال تجارية وغيرها كلها جاءت لتنظيم الدورة الاقتصادية وحفظ التوازن بين الناس وعدم الإستئثار أو الإلغاء مما يعني استقرار الجميع وكل بحجمه ومكانه وقدرته وهو كفيل لبناء مجتمع يتنافس بشرف فيخدم التطور والازدهار والتقدم والرقي..
أما السعي في تحقيق الثاني فإنه يبدأ من الفرد لينتقل إلى المجتمع ، ولأن الإنسان كائن إجتماعي بالطبع مفطور على الإنتماء لبيئته ومجتمعه فتسهّل حركة التوجيه له، لينضوي تحت هذا العنوان خصوصاً إذا ما إرتبط بعناوين مقدسة يصبح الميل أقوى وأسرع ..
فعلى سبيل المثال البذل كالخمس ولو فرضناه نظرياً نقص في المال إلا أنه بكونه فريضة نصت عليه الآيات والروايات وأصبح حكم ملتزمه ينال درجات عالية عند الله مما جعل في النقص سعادة وأنس وإستحسان وفي المقابل فإن الفقير يأخذ مالاً غير مشخص صاحبه حتى لا يصاب بالخجل إذا اشترى منه، فالتاجر لم يعطي خمس ماله للفقير مباشرة بل إعطاه للفقيه الذي يوزعه دون علم التاجر بهوية الفقراء وهذا كله في سبيل ضمان التكافل الإجتماعي وهو بالحقيقة مال الله عزوجل ومثل ذلك الشهادة في سبيل الله عزوجل فإن إرتباط الإنسان بالعنوان المقدس(مكانة الشهيد عند الله) جعلته يقدم نفسه فداء لله والدين والمجتمع وغير ذلك مما يحافظ على روحية واستمرارية المجتمعات والتي تسعى نحو الهدف ..
وأما الثالث فهو الذي يمثل الحلقة المتينة في تكوين نظام الحكم القائم على ثلاث دعائم اساسية هي الحاكم والدستور والناس ..
فالناس يجب أن يدركوا تماماً ماذا ومن يختارون ؟ وكي لا يكون هناك معاناة كزمن الأئمة عليهم صلوات الله فالحاكم الكفوء والدستور القرآني كانا موجودين لكن إختيار الناس كان لغير الكفوئين مما سبب لهم الشقاء وسوء العاقبة بسوء إختيارهم ..
ونعتقد أن أهم الخيارات المتاحة اليوم لإصلاح الإعوجاج وتحقيق الهدف الأساس هو تبني نظرية ولاية الفقيه والتي أثبتت جدواها ومدى فعاليتها وقدرتها بدليل التجربة والإنجازات التي تحققت رغم كل الظروف القاسية وهي في توسع مستمر بفضل إنتصاراتها النموذجية أمام كل المستكبرين في العالم الذين لا يمكن التعويل عليهم في تحقيق سعادة المجتمعات لقصورهم الدائم بطبيعة الحال نتيجة تبني نظام سياسي لا يراعي متطلبات وإحتياجات الناس ، لذا التعويل يجب أن يكون على ولاية الفقيه أي حاكمية الفقيه وسلطته لما يمثل من نيابة للمعصوم فيلبي إحتياجات الناس بحسب المقتضى الإلهي..
وأما المعنى الرابع وهو الثقافي فإنه الأصل والاساس في بناء المجتمعات التي تطمح أن تحيا حياة نقية نتيجة الدور في تحريك مسار الأمة وبناؤه ثقافيا وفكريا دون تلوث ..
والثقافة الغربية والطريقة الجديدة في منهجية الحروب أكبر مثال على تأثيرها لدى الشعوب عموماً وفئة الشباب خصوصاً هو ما يراد منه أمة تائهة لا تدرك ماهية الهدف الحقيقي الذي يجب أن تركز عليه ..
إن فرض ثقافة اللباس واللغة والطعام ونمط العيش وتحديد معايير خاصة للإنسان الناجح والإنسان الفاشل هي معايير شيطانية لا تمت لمجتمعاتنا بصلة فجل ما تركز عليه معاييرهم هو الجانب المادي دون المعنوي بالوقت الذي يجب علينا أن نراعي الجانبين كلٌ بحسبه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ..
ولأجل كل ما تقدم ولكي نعمل على تحقيق هدفنا وهو مجتمع مهدوي متكامل ونموذجي يمهد لدولة الإمام عج هو إحياء الفطرة لدى الإنسان من خلال الخطاب الديني الإلهي لأجل أن يكون لقلب الإنسان مساحة من الإنصات والتحليل والتفكير والإنقياد نحو متطلبات المعصوم عج أو نائب الإمام المعصوم دام ظله ..
فخطاب الفطرة يوجِد اللغة المشتركة والارتباط الذهني مع قادتنا وأمرائنا وسادتنا فضلاً مع الإمام المعصوم عج ..
إن الفطرة هي النقطة التي بدأ منها الإنسان (فطرة الله الذي فطر الناس عليها) وهي التي تستوعب قابلياته واستعداداته فتحدد مسار حياته وبدايتها ونهايتها ..
إن الوصول لمجتمع إنساني متكامل يجب أن يراعى فيه بالأدنى تلك الأمور الأربعة وإن كان غير عالم كفاية فيفيده الرجوع الى الأعلم في تشخيص المصلحة بهذه الأمور فإن العقل يحكم بذلك ..
إن المسؤولية الشرعية والإنسانية تقتضي أن نكون ضمن خط فكري وثقافي نابع من منهج إسلامي وعلينا جميعا السعي في المساعدة للوصول إلى ذلك الهدف فنكون ممن يساعد ويسرّع في بناء دولة صاحب الأمر عج وفيها نحقق الوعد الإلهي بأننا خلفاء لله على الأرض وأننا في حزب الله.