بأقلامنا

خطة الجيش لنزع السلاح «بنج موضعي» لربط النزاع بين الثنائي والحكومة فمتى ينتهي مفعوله؟ بقلم الاعلامية وفاء بيضون

بنج موضعي أو تجميد لصاعق التفجير بين الثنائي الشيعي من جهة، والحكومة من جهة أخرى. قد يكون التوصيف الأكثر واقعية لما أفضت إليه جلسة الخامس من أيلول/ سبتمبر الجاري.
الطرفان تموضعا خلف مواقفهم، بعد فشل المساعي التي بذلت من أجل بقاء وزراء أمل وحزب الله في الجلسة التي ترأسها الرئيس جوزاف عون وحضرها رئيس الحكومة نواف سلام.
تقول المصادر المتابعة: «إن إخراج قائد الجيش لملف السلاح بالطريقة التي قدّمها في خطته، أراحت الداخل اللبناني وقللت من منسوب التشنّج والاصطفاف الطائفي والمذهبي، وإن كانت خطة الجيش لم تتضمن مهلا زمنية لنزع السلاح أو بلوكات جغرافية».
إذن، مرّت جلسة الخامس من أيلول بأقلّ الأضرار على مستوى التداعيات لتفتح الباب مجدّدا، حسب المطّلعين، لسلسلة مشاورات على طريق «حارة حريك – عين التينة»، ومنها نحو «السراي الحكومي وقصر بعبدا».
وتقول المصادر: الواضح مما حصل هو عملية تجميل شارك فيها قائد الجيش رودلف هيكل الى جانب رئيس الجمهورية جوزاف عون، أنتجت مفاوضات سبقت الجلسة وجعلت من كلا الطرفين أي الحكومة والثنائي رابحين بالنقاط، بعد التقاط إشارات وصلت إلى السراي الحكومي وقصر بعبدا، من أن موقف الثنائي تطوّر ليتجاوز حد الانسحاب من الجلسة الى التلويح بالخروج نهائيا من الحكومة؛ ما دفع الجميع لالتقاط اللحظة الحرجة التي قد تطيح بمسار بناء الدولة ونسيجه السياسي. ولأول مرة كانت فكرة الاستقالة جدّية على الرغم من قناعة الرئيس نبيه بري بأن الراهن الزمني مختلف عما سبقه بعد احداث السابع من أيار عام 2007.
وتبعا للمصادر، فإن ما حمله موفدو الثنائي في جولاتهم إلى رئيس الجمهورية وقائد الجيش، والتي بقيت خارج الأضواء الإعلامية، كانت بمثابة رسائل حاسمة لموقف الثنائي. وهنا تتابع المصادر، ما حدا بالرئيس جوزاف عون لالتقاط اللحظة واستشعاره خطر المرحلة وانعكاسها على الداخل اللبناني وسلمه الأهلي. من هنا، تنطلق قراءة للمشهد على ضوء تطوراته، فبين من يرى ربط النزاع مرحلة مؤقتة، أشبه بحقنة بنج لتهدئة الوضع، والوقوف على خاطر الثنائي، لما يمثل السلاح له من عزة وكرامة ومسار حمى لبنان، وما زال ضرورة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، والنوايا العدوانية التوسعية. وبين أطراف أخرى، وخاصة تلك المتمترسة خلف ضرورة نزعه وبسط السيادة، ولو كانت منقوصة على أرض الوطن، وما زالت تراهن على مفاعيل الضغط الخارجي بهذا الاتجاه، مستفيدة من المتغيّرات الإقليمية والدولية على ضوء ما أفرزته الحروب الأخيرة من نتائج ميدانية، وهي تسعى بكل قدراتها الإعلامية والسياسية، لجعل مرحلة بناء الدولة، التي يكون فيها نزع السلاح عنوانا رئيسا وممرّا لتطبيق الدستور، حسب المطّلعين بانتظار ما ستترجمه زيارة نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس، رفقة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي ولقاءاتهما مع القيادات العسكرية والأمنية دون سواها للاطّلاع على تفاصيل خطة نزع السلاح وآلية تنفيذها.
إذن، ثمة معطى يلوح في أفق المرحلة المقبلة، ولا سيما أن لبنان ملتزم بحزمة من الشروط، التي وضعها المجتمع الدولي أمامه لمساعدته. ومع أن لبنان التزم بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته المتعلقة بجنوب الليطاني، رغم غياب الضمانات الدولية لوقف العدوان ورفض الولايات المتحدة للسير خطوة مقابل خطوة، ورفض كيان الاحتلال الانسحاب من النقاط الخمس، ليضع لبنان أمام مأزق سيادي، يتمسّك فيه الثنائي الوطني لتشريع بقاء السلاح والمقاومة.
في المحصلة، لا بد من التساؤل: إلى أي مدى يمكن أن تبقى صلاحية البنج الذي حقن جلسة الجمعة الفائتة سارية المفعول؟
وهل ستغيّر زيارات الموفدين الأميركيين من جوهر الخطة التي أبقت مداولاتها سرية؟
وهل سيبقى تموضع الاحتلال في مرحلة الترقّب الدقيقة على حاله من الخروقات اليومية أم أنه مقابل بنج اليرزة سيدفع بعمليات جراحية واسعة في الجنوب، وباقي المناطق اللبنانية. فكل الاحتمالات موجودة ومشرّعة على تطوّر الأحداث وتتابعها تبعا لما تحتاجه خريطة طريق إعادة تشكيل لبنان بالرؤية الأميركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى