أخبار صور و الجنوب

أجندة نتنياهو ومشروع الهيمنة الإسرائيلية ووحشية القوة \ د. شريف نورالدين

بتاريخ: 24 / 10 / 2024

 

على وقع هدير الطائرات وقصف المدافع، تتسرب الدماء إلى تراب أرض موعودة بزعم أيديولوجيات متجذرة في التاريخ.

مشهد تتعاظم فيه حرب تلمودية صهيونية، تغذيها رؤى عتيقة لـ”إسرائيل الكبرى” وحلم الهيمنة المطلقة، حيث تلتف السياسة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو(اكزينو)، حول نار قديمة متجددة.

في الظل العميق لنصوص تلمودية، يشتعل هذا الصراع مدفوعًا بفكرة أن الحرب ليست مجرد وسيلة دفاع، بل ضرورة لإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية، وفرض سيادة تاريخية مزعومة على أراضٍ تمتد من النيل إلى الفرات.

الطموح الاستيطاني والتوسعي لإسرائيل اليوم لم يعد خفيًا، بل إنه يتجسد في توسع المستوطنات، القمع المستمر للشعب الفلسطيني، والهيمنة العسكرية الإقليمية. نتنياهو(اكزينو) ، الذي يقود حكومة تعد الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، يسعى إلى تأسيس واقع جديد، حيث الأرض ليست مجرد رقعة جغرافية بل جزء من مشروع عقائدي أكبر، يحمل في طياته أبعادًا دينية وسياسية واقتصادية وعسكرية.

ومنذ صعود بنيامين نتنياهو إلى السلطة، تشكلت السياسة الإسرائيلية على محورين أساسيين: التوسع الاستيطاني والهيمنة الإقليمية. هذه السياسة المتطرفة، التي تتبناها حكومة يقودها تحالف يميني متشدد، ليست مجرد استراتيجية داخلية للتعامل مع الفلسطينيين، بل تعكس مشروعًا أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة العربية بأكملها بما يخدم مصالح إسرائيل.

نتنياهو، الذي ارتبط اسمه منذ التسعينيات بنهج حازم تجاه الفلسطينيين، يقود اليوم واحدة من أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل الحديث. حكومته، التي تضم شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، تتبنى رؤية تلمودية توسعية، تسعى ليس فقط إلى تعزيز المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بل إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وتحويل فكرة “إسرائيل الكبرى” إلى واقع سياسي على الأرض.

– أهداف الحرب وأمدها: تتجاوز الحرب الإسرائيلية الحالية، التي بدأت بتدمير غزة وتمددت نحو لبنان وسوريا، مجرد صراع عسكري محدود، لتصبح جزءًا من مشروع شامل لإعادة رسم الحدود الإقليمية وتثبيت الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.
الحرب بالنسبة لحكومة نتنياهو ليست خيارًا مؤقتًا بل ضرورة استراتيجية لتحقيق عدة أهداف:

– مشروع التوسع الاستيطاني والهيمنة الإقليمية: السياسة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو تعتمد بشكل أساسي على بناء المستوطنات كوسيلة لتحقيق هدف أوسع، وهو ضم الضفة الغربية والقدس بشكل كامل.
توسع هذه المستوطنات لا يهدف فقط إلى تغيير الوقائع على الأرض، بل إلى جعل إقامة دولة فلسطينية أمراً غير قابل للتطبيق بل ويهدف إلى تحويل فكرة الدولة الفلسطينية إلى حلم مستحيل.
إنه مشروع استيطاني يمزج بين الأيديولوجية والسياسة، حيث يتم تبرير كل خطوة على أساس “حق تاريخي” مستمد من الرواية التوراتية.

لكن الأهداف الإسرائيلية لا تتوقف عند حدود الضفة الغربية.
فحكومة نتنياهو تسعى إلى تحقيق هيمنة إقليمية أوسع، من خلال تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا، وتطبيع علاقاتها مع بعض الدول العربية، وتقويض أي تهديد يأتي من إيران أو حزب الله.
هذه الهيمنة تتجسد في الغارات الجوية المتكررة على سوريا ولبنان، واستهداف البنية التحتية العسكرية لإيران في المنطقة.

– الحرب المفتوحة من غزة إلى ولبنان وسوريا: إسرائيل اليوم تخوض حربًا متعددة الأوجه على عدة جبهات.
في غزة، تسعى إلى فرض حصار طويل الأمد واستنزاف قدرات المقاومة الفلسطينية.
أما في لبنان، فتركز هجماتها على حزب الله، مع محاولة تقويض دور إيران، والهدف تقويض المقاومة وتدمير البنية التحتية، وما الاستهداف المنهجي للمدنيين والبنية التحتية في غزة ولبنان لا يهدف فقط إلى إضعاف قدرات حماس وحزب الله، بل إلى خلق حالة من الانهيار الشامل تجعل أي مقاومة مستقبلية غير قابلة للتحقق وتغيير واقعهم السياسي ونظامه.
في سوريا، تسعى إلى منع التموضع الإيراني قرب حدودها، وتعمل على إضعاف النظام السوري وإبقاء البلاد في حالة من الانهيار.

هذه الحرب المستمرة ليست مجرد صراع عسكري مؤقت، بل هي جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى فرض السيطرة الإسرائيلية على المنطقة ككل.
إسرائيل لا تسعى فقط إلى تحقيق انتصارات عسكرية، بل إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، بما يخدم مصالحها على المدى الطويل.

– تحجيم الدور الإيراني: تعتبر إسرائيل إيران التهديد الأكبر لأمنها، وتسعى من خلال هذه الحرب إلى إضعاف حلفاء إيران في المنطقة، وخاصة في سوريا ولبنان.

– تقسيم المنطقة وإضعاف الدول العربية: إسرائيل تدرك أن الحفاظ على تفوقها في المنطقة يتطلب إضعاف الدول العربية المجاورة.
وهذا ما يمكن ملاحظته في تعاملها مع الأزمات في العراق وسوريا ولبنان.

تقسيم هذه الدول، أو على الأقل إبقاؤها في حالة من الفوضى، يخدم مصلحة إسرائيل في تعزيز أمنها الإقليمي.

السياسات الإسرائيلية تجاه هذه الدول تعتمد على استراتيجية واضحة من خلال دعم الحركات الانفصالية أو تعزيز الفوضى الداخلية.
هذا النهج يساعد إسرائيل على تجنب مواجهة دول قوية في المستقبل، ويضمن بقاء المنطقة مجزأة وضعيفة.

– الدور الأمريكي والدعم الغربي: الدور الأمريكي في دعم إسرائيل لا يمكن إغفاله.
الولايات المتحدة، التي تعد الحليف الرئيسي لإسرائيل، تقدم دعمًا عسكريًا وسياسيًا غير محدود.
هذا الدعم يتجلى في تزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، إلى جانب الدفاع عنها في المحافل الدولية.
في المقابل، تظل بعض الدول العربية والأوروبية تنتقد سياسات إسرائيل بشكل محدود، لكنها تستمر في تعزيز علاقاتها التجارية والتكنولوجية والنفطية معها مثال تركيا.

هذا التواطؤ الدولي، خاصة من جانب الدول الغربية، يمنح إسرائيل الغطاء السياسي اللازم لمواصلة سياساتها التوسعية والعدوانية دون خوف من المحاسبة الدولية.

رغم الإدانات المتكررة في مجلس الأمن أو المؤسسات الدولية، تظل إسرائيل بمنأى عن أي عقوبات حقيقية.

– التطبيع العربي وتحالفات جديدة ومصالح مشتركة: التطبيع مع الدول العربية، الذي تحقق في إطار “اتفاقات أبراهام”، يمثل تحولاً كبيرًا في السياسة الإسرائيلية.
هذه الاتفاقات ليست مجرد ترتيبات سياسية أو اقتصادية، بل هي جزء من تحالف إقليمي جديد يجمع إسرائيل ودول الخليج لمواجهة “التهديد الإيراني” .
هذا التحالف يعزز من موقف إسرائيل في المنطقة، ويضعف الموقف الفلسطيني، حيث لم يعد هناك إجماع عربي على دعم حقوق الفلسطينيين.

التطبيع لا يقتصر على الجانب الاقتصادي أو الأمني فقط، بل يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق العسكري بين إسرائيل ودول الخليج. هذا التعاون الجديد يسهم في تعزيز قوة إسرائيل في المنطقة، ويقلل من عزلة إسرائيل التي كانت سائدة في الماضي.

– حرب طويلة الأمد وتهيئة المجتمع الإسرائيلي: ما يميز المرحلة الحالية من الصراع هو استعداد إسرائيل لخوض حروب طويلة الأمد.
الإعلام الإسرائيلي والحكومة يعملان على تهيئة المجتمع لقبول فكرة أن الحروب المستمرة ليست مجرد استثناء، بل هي جزء من الواقع اليومي. هذه العقلية الجديدة تسهم في تغيير نمط التفكير داخل إسرائيل، وتجعل المجتمع أكثر تقبلاً لفكرة المواجهات العسكرية الدائمة باعتبارها حرب وجودية ايديولوجية.

– سيناريوهات المستقبل وتصعيد أوسع وحروب جديدة:
التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة ولبنان وسوريا قد يتحول إلى حرب إقليمية شاملة، تشمل إيران والعراق وربما اليمن.
التحالفات الجديدة في المنطقة تعزز من فرص مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، مع تورط قوى إقليمية أخرى. هذه الحرب قد تغير موازين القوى في المنطقة بشكل جذري، وتضع العالم أمام تحديات جديدة.

خلاصة:
إسرائيل بين التوسع والتدمير.
في نهاية المطاف، تقود حكومة نتنياهو مشروعًا استيطانيًا توسعيًا يهدف إلى فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة بأكملها.
هذا المشروع يعتمد على القوة العسكرية، والدعم الأمريكي والغربي، والتطبيع مع بعض الدول العربية.
لكن في المقابل، تظل الشعوب العربية، وخاصة الفلسطينيين، عالقة بين مطرقة السياسات الإسرائيلية وسندان التواطؤ الدولي.

المشهد الحالي يعكس تناقضات عميقة: إسرائيل تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال تدمير الدول المجاورة وتقسيمها، بينما يظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حل.
في ظل هذا الوضع المعقد، تبقى المنطقة رهينة لصراعات طويلة الأمد، قد تتصاعد إلى مواجهات إقليمية شاملة، تهدد استقرار العالم بأسره.

يبقى السؤال إلى أي مدى يمكن لهذا المشروع أن يصمد أمام الإرادة الشعبية في فلسطين والمنطقة؟
وعلى الرغم من القوة العسكرية والسياسية لإسرائيل، فإن الإرادة الشعبية في فلسطين تظل قوية ومتجددة.
على مر السنين، أثبت الفلسطينيون أنهم قادرون على المقاومة وتنظيم أنفسهم أمام قوى الاحتلال.
يبدو أن التحديات اليومية، مثل القمع والممارسات الاستيطانية، تعزز من وحدتهم وتعزز من عزيمتهم على الدفاع عن حقوقهم.
كما أن ظهور حركات جديدة ووعي شعبي متزايد يدعم التمسك بالحقوق الفلسطينية، مما يشير إلى أن مشروع الاحتلال لن يكون قادرًا على الصمود دون مواجهة جدية من الشعب الفلسطيني.

ايضا؛ هل ستظل إسرائيل قادرة على فرض إرادتها في ظل عالم متغير؟
العالم اليوم يتغير بسرعة، ومعه تتغير موازين القوى. بينما تستفيد إسرائيل من دعم دول غربية تقليدية، فإن هناك تزايدًا في الأصوات المعارضة لسياساتها، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
حركة BDS (مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) تتزايد شعبيتها في جميع أنحاء العالم، مما يشير إلى أن هناك رفضًا متزايدًا للاحتلال والتمييز.
علاوة على ذلك، فإن ظهور قوى جديدة في الشرق الأوسط، مثل إيران وتركيا، يسهم في تعقيد الصورة الإقليمية، ويجعل فرض الإرادة الإسرائيلية أكثر تحديًا.

الخاتمة: في نهاية المطاف، تظل حرب إسرائيل الحالية امتدادًا لمشروع تلمودي صهيوني عميق الجذور، يسعى إلى إعادة رسم حدود المنطقة وفقًا لرؤى قديمة وجديدة في آنٍ واحد.
مشروع يتكئ على قوة عسكرية غير محدودة ودعم دولي لا يتزعزع، في ظل تواطؤ غربي وصمت عربي مطبق.

هذه الحرب التي تخطو بإسرائيل نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية لن تتوقف عند حدود غزة أو لبنان وسوريا، بل قد تمتد لتشمل إيران والعراق وتركيا والسعوديك ودولًا أخرى، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.

إن التاريخ علّمنا أن القوة وحدها لا تصنع السلام ولا تستمر للأبد.

هنا؛ في أعماق الحكايات القديمة، تتردد أصداء البطولات التي سطرتها أجيال من البشر، تتلاحق فيها الأزمات والآلام، وتواجه الأوطان مصيرها بصمود أسطوري يتجلى في قلوب وعقول المقاتلين.

يروي التاريخ قصص الصمود، حيث يبرز الإنسان في أحلك الظروف، متسلحًا بإيمان لا يتزعزع بقدرته على التغلب على التحديات.

في تلك اللحظات، تصبح المعاناة ليست مجرد جرح ينزف، بل هي نار تُشعل في الروح، فتُولد أبطالًا لا يهابون الصعاب، ويرسمون بمآثرهم معاني جديدة للتضحية.

في أوقات الشدائد، يتجلى الصمود كأيقونة خالدة، تبرز فيها التضحيات كفصول مضيئة في صفحات الزمن، فيتحد الأمل والكرامة والعزة والمجد، لتظهر كيف يمكن للضعيف أن يصبح قويًا، وكيف يمكن للظلم أن يُحارب بصوت واحد.

وفي كل معركة تُخاض، نجد أن النصر ليس بالضرورة في نهاية الطريق، بل يكمن في الاستمرار في المقاومة والكفاح، حتى لو كانت النتيجة ملحمية. فـ الصمود الأسطوري هو قصة الشجاعة التي لا تموت، هو وعد بتحدي العواصف مهما اشتدت، ليبقى الأمل مشعًا في ظلمات اليأس.

– هو مشروع نتنياهو لتأمين “إسرائيل الكبرى”الاستيطاني والوحشيي.

– هو عصر الصمود الفلسطيني اللبناني في مواجهة وحشية واجرام مشروع نتنياهو التلمودي الصهيوني.

– هو سقوط لخطوط الحمراء والمحرمات والقوانين والاعراف والاخلاق والقيم الانسانية العالمية امام وحشية نتنياهو وحكومته ومشروعها التوسعي.

– هو نتنياهو والاحتلال والرؤى التلمودية والوحشية الممارسة.

– هي حكومة نتنياهو من التوسيع الاستيطاني إلى استهداف الإنسانية والانسان ووجوده.

زر الذهاب إلى الأعلى