بأقلامنا

قادة الجيش “الرؤساء بين الٱمال والواقع ؟! بقلم الدكتور محمد شعيب

: وأخيراً تم انتخاب رئيس جمهورية ، وهذا بحد ذاته إنجاز إيجابي وضروري لاستكمال البنى الدستورية وأيضاً انتهى الضجيج الإعلامي للقيادات المسيحية ورأس الكنيسة المارونية. وقد أنتجت الضغوط الأمريكية الأوروبية والخليجية ، وتجاوب الثنائي الوطني الذي أنجح هذا الإنجاز وتم وصول العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة. وكان قد سبق موعد جلسة الإنتخاب حملة إعلامية واسعة عن قدرات العماد جوزف عون في قيادة البلاد إلى بر الأمان والاستقرار ، خاصة أنه مرشح الولايات المتحدة والسعودية . بعد فوزه وتلاوته للبيان الرئاسي الذي طاول أهم القضايا والمشكلات التي سيعمل عليها ، أيضاً راح الكثيرون من الإعلاميين والسياسيين يتحدثون عن شموليته وأبرزوا ما حاز عليه من تصفيق متكرر من المجلس النيابي للدلالة على أهمية ما تضمنه بيانه الرئاسي . وأن كنا لا نجد من سلبيات فيه ، ولا نهدف التشكيك بنوايا السيد الرئيس ، لكننا نرى من المفيد أن نعود إلى مراجعة تجارب قادة الجيش في رئاسة الجمهورية في سنوات عابرة كانت تحفل ببيانات رئاسية هامة تذخر بٱمال وتطلعات إصلاحية. وكان أول هؤلاء الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب الذي تسلم الرئاسة بعد حرب أهلية دامت ست شهور . وبالفعل بدأ شهاب مهامه باتفاق مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر لمعالجة ذيول وتداعيات ما عرفت ب”حرب ال٥٨” . وكان الرئيس شهاب مدعوماً من الأوروبيين ومتأثرا” بالديمقراطية الغربية فبدأ ببناء مؤسسات الدولة الحديثة في كل المجالات ، التي ساهمت في تعزيز تقديمات الدولة وتحسين الأوضاع المعيشية ونشر المؤسسات التعليمية في كل لبنان وغيرها. ومعلوم أن معارضة شديدة جاءت من “الحلف الثلاثي المسيحي” آنذاك بشعارات ومواقف من النهج الشهابي ، ومعلوم أيضاً مع نهاية عهد ومطالبة جماعة النهج المؤيدة لسياسته بالتمديد له رفض ذلك وأصدر بيانا” مقتضبا” أعرب فيه عن صعوبة إصلاح النظام اللبناني . أما التجربة الثانية فكانت مع الرئيس الأسبق العماد إميل لحود وكان عهده شهابي الهوى وبيانه الرئاسي إصلاحيا” بامتياز وبدأ نشاطه منذ الأيام الأولى لعهده بالرقابة على المؤسسات ومدى إنتاجيتها وعمل على تنفيذ اتفاق الطائف وسريعا” ما ظهرت معارضة شديدة “١٤ أذار” لتوجهاته بذريعة مناهضة الوصاية السورية وبالتالي تم أجهاض توجهاته الإصلاحية. وكانت ثالثة التجارب الرئاسية مع العماد ميشال سليمان وكان وصوله للرئاسة بدفع أميركي خليجي ورغم كل الدعم المالي والسياسي والأمني الذي توفر له فأن أهم ما سعى إليه هو رفع الشرعية عن سلاح المقاومة بما عرف يومها ب”اتفاق بعبدا” وساد عهده التوتر بين القوى السياسية اللبنانية لم يؤدي إلى إنجازات تذكر . أما التجربة الأخيرة فكانت مع العماد ميشال عون وكان يعتبر أقوى زعيم مسيحي لقى تأييداً جماهيرياً واسعا” خاصة من المسيحيين أذ أعلن يومها بيانا” رئاسيا” إصلاحيا” هاما” ولكن وقوفه إلى جانب المقاومة وتعزيز العلاقة مع سورية ، أدى إلى نشؤ معارضة شديدة في وجهه بتشجيع أميركي خليجي أدى إلى إفشال عهده . من هنا ورغم ترحيبنا بأنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب الرئيس جوزف عون ، إلا أن التجارب الماضية التي ذكرناها تدحض التهليلات والتحليلات التي نشهدها لقدومه نتيجة ما يتصف به القادة العسكريين من صرامة في مواقفهم وتعاطيهم أولا” والجهات التي تقف خلفهم وسياساتها ثانياً وحرص واستنفار الطوائف وزعاماتها عند اي اجراء أو توجه لا ينسجم مع مصالحها ثالثا” . من هنا يجب أن نحذر من التمادي بعقد الٱمال على العهد الجديد خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث قاسية متسارعة تهدف إلى تغليب المصالح الغربية الصهيونية على كل ما عداها من تطلعات الشعوب إلى تحقيق استقلالها في تقرير مصيرها وتحقيق العدالة والتنمية . وأخيراً علينا المراهنة على مدى قدرة الرئيس جوزف عون على المواءمة بين مصلحة الوطن وعدم مجانبة الرغبات الخارجية بما يضمن منعة لبنان واستقراره للخروج من طوق الأزمات التي تشد على خناق اللبنانيين وتدفع إلى اليأس من الغد الأفضل .

زر الذهاب إلى الأعلى