سلاح الكيان الوحشي “السيبراني النووي والامن النووي” في حربه على لبنان بقلم د. شريف نورالدين

بتاريخ: ١٩ / ٩ / ٢٠٢٤
هي “ساحات الموت الخفي بين القتل السيبراني والانفجار النووي والتفخيخ النووي والارهاب النووي” للعدو الاسرائيلي على الكوكب والمجتمع العالمي.
هو العالم الضطرب التي تختلط فيه القوى والمصالح وتتداخل حدود السيادة والسلطة، فتبرز ظاهرة القتل بوصفها أكثر الأفعال وحشية وقسوة، تجسد الانهيار الأخلاقي والإنساني الذي يتسبب به الإرهاب والجريمة.
القتل ليس مجرد فعلٍ إجراميٍّ ينهي حياة فرد، بل هو تجسيدٌ للعنف الممنهج الذي يعكس تفكك المجتمع وغياب العدالة، فالإرهاب، بأشكاله المتعددة، يتغذى على الوحشية ليزرع الخوف ويزعزع الاستقرار، محولاً العنف إلى أداةٍ سياسية لإخضاع الشعوب وفرض الهيمنة.
في هذه السياقات، يصبح القتل سلاحاً لتحقيق أهداف خبيثة؛ حيث تتماهى الجريمة الفردية مع الإجرام المنظم، وتختفي الفروق بين السفاحين والمتطرفين.
الإرهاب الذي يتخذ من القتل وسيلةً لفرض أجنداته، ليس مجرد انحرافٍ عن السلوك الإنساني، بل هو تمردٌ على القيم المشتركة للبشرية، مما يجعل الوحشية نفسها تكتسب طابعاً مؤسسياً وممنهجاً، وفي ظل هذه الفوضى، يصبح الإرهاب والحرب والجريمة أوجهًا لعملةٍ واحدة، تدمر كل أملٍ في حياةٍ أكثر عدالةً وسلامًا.
لكننا في هذا العالم الذي يغرق في الدماء، لا نستطيع تجاهل الرابط الخفي بين القتل كفعلٍ فردي والإرهاب كفعلٍ جماعيٍّ ممنهج؛ فكلاهما يستند إلى العنف كأداةٍ لتحقيق مآرب سياسية أو اقتصادية أو أيديولوجية، في حين تبقى أرواح الأبرياء هي الثمن الذي يُدفع.
* “القوة التدميرية عبر الأبعاد: مقاربة علمية بين القتل السيبراني، النووي، الكيميائي والبيولوجي”
١- المقاربة المشتركة: تتشارك أنواع القتل الأربعة (السيبراني، النووي، الكيميائي، والبيولوجي) في كونها أدوات فتاكة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، وكل منها يمثل تهديدًا يمكن أن يستخدمه الفاعلون الدوليون أو غير الدوليون بهدف فرض الهيمنة أو تخويف الشعوب. يمكن تقسيم المقاربة المشتركة إلى عدة نقاط:
٢- الدوافع السياسية والاستراتيجية: جميع هذه الأسلحة تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية، سواء كانت للسيطرة على الموارد، تهديد الأمن القومي، أو قلب موازين القوى في العالم.
٣- الطبيعة غير التقليدية: بخلاف الأسلحة التقليدية التي تعتمد على المواجهة المباشرة، تعتمد هذه الوسائل على التأثير الواسع والسريع الذي يصعب التصدي له بسهولة، مما يمنح الفاعلين ميزة نفسية وسياسية.
٤- الدمار الشامل: كل نوع من هذه الأسلحة له القدرة على إحداث دمار شامل، سواء من خلال قتل آلاف الأشخاص في وقت قصير أو من خلال شلّ البنية التحتية.
*العلاقة بين الأنواع: يمكن ملاحظة وجود علاقة وطيدة بين هذه الأسلحة الأربعة من حيث طبيعة التهديد وطريقة التنفيذ:
١- التكنولوجيا المتطورة: النووي والسيبراني كلاهما يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، فالنووي يعتمد على العلم النووي والتكنولوجيا العسكرية، بينما السيبراني يعتمد على قدرات الاختراق الإلكتروني وتعطيل الأنظمة الرقمية، وبالمثل تتطلب الأسلحة الكيميائية والبيولوجية تكنولوجيا معقدة لتطويرها ونشرها بطريقة فعالة.
٢- الإخفاء والتخفي: القتل البيولوجي والسيبراني يتشابهان من حيث صعوبة الكشف عنهما قبل فوات الأوان، حيث يمكن أن يتسلل الفيروس البيولوجي أو السيبراني دون أن يشعر به الضحية إلا بعد أن يكون الضرر قد تحقق. في المقابل، النووي والكيميائي يحملان أثرًا تدميريًا فوريا.
٣- الإرهاب النفسي: جميع هذه الأسلحة تثير خوفًا هائلًا في النفوس، فمثلاً التهديد السيبراني يثير الذعر بسبب القدرة على شلّ الدول بأكملها دون طلقة واحدة، والتهديد النووي يحمل فكرة الدمار الكامل. أما الكيميائي والبيولوجي، فهما يلعبان على مخاوف التلوث والموت الصامت غير المرئي.
* التباين بين الأنواع: بالرغم من العلاقة التي تربط هذه الأسلحة، إلا أن هناك تباينات مهمة في طريقة التأثير، الانتشار، والمخاطر:
١- القتل السيبراني: يستهدف البنية التحتية الرقمية مثل الأنظمة العسكرية، المالية، والطاقة، رغم أنه قد لا يقتل مباشرةً، إلا أن تأثيره قد يسبب انهيارًا واسع النطاق يؤدي إلى موت جماعي نتيجة لتعطيل خدمات حيوية مثل المستشفيات أو شبكات الكهرباء.
– القتل النووي: يعتمد على التفجيرات النووية التي تقتل أعداداً ضخمة من البشر في لحظات، مع تأثيرات طويلة المدى بسبب الإشعاع، ويستخدم كأداة للدمار الشامل، وهو الأسلوب الأكثر وضوحًا وتدميرًا بين الأنواع الأربعة.
– القتل الكيميائي: يستند إلى نشر مواد كيميائية سامة في الجو أو المياه، مما يؤدي إلى موت سريع أو بطء اعتمادًا على نوع المادة المستخدمة، وغالبًا ما يكون التأثير موضعيًا، ولكنه يمكن أن يتسبب في تأثيرات بيئية وصحية طويلة الأمد.
– القتل البيولوجي: يتم عبر نشر فيروسات أو بكتيريا مميتة تنتشر بسرعة بين السكان. هذا النوع من القتل صامت وخفي، وقد يستغرق وقتًا طويلاً قبل أن يُكتشف. الفيروسات البيولوجية يمكن أن تسبب أوبئة عالمية، مما يجعلها تشكل تهديدًا عالميًا خطيرًا.
* التأثيرات المتباينة على المجتمع:
١- السيبراني: يمكن أن يُحدث شللًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة، حيث يتوقف اعتماد الحياة الحديثة على الأنظمة الرقمية.
٢- النووي: يؤدي إلى دمار شامل للبشر والبنية التحتية ويترك أثرًا طويل الأمد من الإشعاع والتلوث البيئي، مما يجعل إعادة الحياة إلى المناطق المصابة شبه مستحيلة.
٣- الكيميائي: يؤثر مباشرة على صحة الأفراد والبيئة. غالبًا ما تكون التأثيرات مدمرة محليًا، لكنها لا تمتد إلى نطاق واسع كما هو الحال مع النووي والبيولوجي.
٤- البيولوجي: يسبب أوبئة تتسع نطاقها على مستوى العالم، حيث تنتقل العدوى بين الدول بسرعة عبر وسائل النقل الحديثة، مما يجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة من الأسلحة الأخرى.
* السياسات العالمية والردع: على الرغم من أن جميع هذه الأسلحة خطيرة، إلا أن الردع يختلف بينها:
١- الردع النووي: يعتمد على مبدأ “التدمير المؤكد المتبادل” (MAD)، حيث تعلم الدول أن استخدامه سيؤدي إلى دمار شامل لجميع الأطراف.
٢- الردع السيبراني: أكثر تعقيدًا، حيث يصعب تحديد الجهة المهاجمة، مما يخلق تحديات أمام تحديد المسؤولية والرد على الهجمات.
٣- الأسلحة الكيميائية والبيولوجية: رغم أنها محظورة دوليًا وفقًا لمعاهدات مثل اتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية، إلا أن استخدامها ما زال يمثل خطرًا بسبب انتشار المعرفة بتصنيعها.
* الخلاصة: في النهاية، يشترك القتل السيبراني، النووي، الكيميائي، والبيولوجي في كونهم وسائل تدمير غير تقليدية تستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية. وبينما تشترك جميعها في القدرة على إثارة الخوف والدمار، إلا أن التباين بين أساليب التأثير والانتشار يجعل كل نوع منها يحمل مخاطره الخاصة. في ظل التقدم التكنولوجي، يتزايد الاعتماد على الردع والتعاون الدولي للحد من استخدامها، لكن التهديد لا يزال قائمًا في عالم تتصارع فيه القوى المختلفة لتحقيق مصالحها.
وفي ختام هذا المشهد المظلم من عملية تفخيخ وتفجير وحرب “سبرانية نووية” للعدو الالسرائيلي على غزة وفلسطين ولبنان بل ارهاب اعلى كل العالم، حيث تتقاطع أبعاد الموت الخفي بين الضربات السيبرانية والدمار النووي، نرى كيف تتوسع أدوات الصراع وتتغير أوجه التهديد. فكما يخترق السلاح السيبراني للعدو الاسرائيلي العقول والشبكات بصمتٍ قاتل، تنفجر القوة النووية لتسحق كل شيء في لحظةٍ من الجحيم المشتعل.
كلاهما يجسد وحشيةً جديدة في لعبة القوة، حيث لم يعد القتل مجرد إزهاق أرواحٍ بوسائل تقليدية، بل أصبح عنصراً في معادلة الإرهاب والجريمة المنظمة على نطاقٍ عالمي. في عصرٍ تتراجع فيه القيم الإنسانية أمام المصالح القومية والطموحات المتطرفة، لا مفر من التأمل في حجم التهديدات التي تنتظر البشرية ما لم يتم إرساء نظامٍ دولي قائم على العدل والسلام، بدلاً من العنف والدمار…





