بأقلامنا

خيار “واحد أحد” لعودة المستوطنين إلى الشمال بقلم الكاتب و الاعلامي واصف عواضة

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

يقال إن مجلس للوزراء الإسرائيلي سوف يجتمع اليوم الأحد للمصادقة على اعتبار عودة المستوطنين إلى الشمال كهدف من أهداف الحرب.وهذا يعني أن إسرائيل ستصعد حربها على لبنان لتحقيق هذا الهدف ،سواء من خلال الهجمات الجوية والبرية والبحرية ،وربما من خلال الدخول البري إلى جنوب لبنان واحتلال منطقة جنوب الليطاني من جديد بعد انسحاب القوات الإسرائيلية عام 2000 ،وبعد احتلال استمر 22 سنة.

إن نقاشا هادئا وتحليلا منطقيا لما تقدم ،يقودنا إلى النتائج الآتية:

 

لنفترض جدلا أن الجيش الإسرائيلي تمكن من احتلال جنوب الليطاني من جديد وإبعاد المقاومة إلى ما بعد النهر ،وتحقيق دمار هائل في المناطق اللبنانية الأخرى،فهل أن هذا الواقع يحقق الاستقرار للمستوطنات الشمالية ويحفّز المستوطنين على العودة إلى منازلهم وتسيير شؤونهم وتشغيل مصانعهم وقطف مواسمهم الزراعية بكل ارتياح؟

لا شك أن أحدا لا يستطيع أن يضمن ذلك،لا في لبنان ولا في الكيان الصهيوني ولا في العالم أجمع ،قياسا إلى الوقائع التي لم تعد خافية على أحد بالنسبة إلى قدرات المقاومة العسكرية والأمنية واللوجستية،هذا إذا لم تورّط إسرائيل الولايات المتحدة وبعض دول الغرب في حرب إقليمية ضروس.

فالمقاومة الباقية، من شمال الليطاني حتى تخوم عكار والبقاع،قادرة على تحريك صواريخها القصيرة المدى والبعيدة والبالستية والدقيقة ومسيّراتها الجوية باتجاه المستوطنات ،وكل الأراضي الفلسطينية ،ليس من حدود الليطاني فقط ،وإنما من أقاصي شمال لبنان .. وإسرائيل تعرف ذلك جيدا.(في المناسبة لمن تفوته الجغرافيا ،فإن مجرى الليطاني يبتعد عن حدود فلسطين الشمالية بين ستة كيلومترات شرقا ،ونحو 27 كيلومترا غربا).

كما يعرف الإسرائيليون جيدا ويخرق آذان قادتهم وإعلامهم ،أن الضغط العسكري على لبنان أيا كان شكله ،وتحديدا على المقاومة،لن يؤدي إلى عودة المستوطنين إلى منازلهم في شمال فلسطين،لكنهم يصرون على التهديد والوعيد وإطلاق الوعود لهؤلاء المستوطنين بإعادتهم واستئناف حياتهم الطبيعية في مستوطناتهم.

وبكل هدوء ومنطق نقول إن ثمة ثلاثة خيارات لعودة سكان الشمال إلى مستوطناتهم :

الخيار الأول عسكري ،وهو كما أسلفنا لن يحقق الهدف المنشود ،لأنه لن يقضي على المقاومة وحزب الله الذي ستبقى ذراعه العسكرية طويلة في الحؤول دون عودة المستوطنين.

الخيار الثاني دبلوماسي ،وقد أثبت فشله خلال الأشهر الماضية التي تلت طوفان الأقصى ،حيث أضنى عاموس هوكشتاين فكره وجسده في محاولة التوصل إلى نوع من التفاهم يوقف إسناد المقاومة لغزة ،ولكن من دون جدوى.

الخيار الثالث يكمن في وقف الحرب على غزة والضفة الغربية ،بما يؤول إلى وقف إسناد محور المقاومة للفلسطينيين ،ومن ضمن ذلك المقاومة في لبنان .ويبدو هذا الخيار ممكنا بل أكيد ،ويؤدي إلى عودة المستوطنين بأمان ،وكذلك النازحين الجنوبيين إلى قراهم ومنازلهم.

في الخلاصة ،إن أي مغامرة باتجاه لبنان ،لن تجلب إلا المزيد من الخراب والدمار والموت في الجانبين اللبناني والإسرائيلي ،أما عودة المستوطنين إلى الشمال ،فهي حساب آخر تعرفه إسرائيل جيدا.

زر الذهاب إلى الأعلى