شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

عماد سعيد : أسيرصنعت فيه تجرية الإعتقال في ” أنصار” كاتباً واعلامياً بقلم نهاد حشيشو

 في زمن المواقع وخطوط الإنترنيت الرقيمة وصحف الإلكترون تراجع الكتاب الورقي وغالبية ما يصدر عنه من روايات وأشعار وسياسة . ولعل القارئ العربي المعاصر، يعيش في عالمهم الإفتراضي هذا بعد أن غيُبّ عن واقعة المعاش ، بفعل سيطرة الإعلام والإعلان التسويقي السياسي والإقتصادي والإجتماعي. في  هذا المناخ المتحول يأتي صدور الطبعة الثانية من كتاب الدكتور عماد عن ” يوميات أسير لبناني في السجون الإسرائيلة ” بعد عشرين عاماً ونيف على إنزاله الى الى القراء .. وكأنه فعل تحد لماهو سائد،  راهنا، من هشاشة فكر وقيم في زمن العولمة الجامحة نحو الإستلاب والاستهلاك في كافة الميادين. لقد أغنى عماد مكتبة العربية وصور مدينة التراث التاريخي والصمود يكتبه التي أصدرها.

لكن أن يعيد طباعة هذا الكتاب مجدداً عن الأسير  في السجون الإسرائلية في زمن الأسر الجمعي لإرادات اللبناني في عيشهم وحياتهم ، فذلك يتضمن في هذا المنعطف معاني واستهدافات عديدة للواقعوالمصير كما المسار.

فشكراً لك يا أبا باشار لهذه الخطوة المميزة… منحن ، راهناً، في أشد الحاجة لاستعادة نضالاتنا والتذكير بها، كل شباب وشابات اليوم يتلمسون فيها ومنها كبر المسؤوليات التي يتحملونها، إزاء مخاطرة التحالف الصهيوني الأميركي القائم مع أصحاب الفكر التدميري السلفي والداعشي علىشعبنا وبلادنا!.

في حقبة صدور كتابك يا دكتور، كنا نواجه الصهاينة مدعومون بستار مموه وملتبس في آن ضمن التغطية الدولية والأميركية على نحو خاص. أما الآن إصدارك الثاني الجديد فبتنا نواجه حلفاً مكشوفاً وومتآزراً في المهام والتخطيط، لصهاينة وعملاء صفقة العصر من متآمري جبهة الداخل وداعميهم في الخارج الأميركي والدولي.

مهم جداً أن نتذكر عذابات ونضالات رجالنا ونسائنا في زمن الغزو الإسرائيلي لبلدنا لبنان عام 1982 وأن لمجد صمودهم ، كما أن من الأهمية بمكان ، وأن نجدد عزيمتنا لدرء مخاطر مؤامرات من يريدون تدمير وطننا، راهناً بقصد أو بدونه، عبر سلوكيات فاسدة في الإداء السياسي كما الإقتصادي، غير آبهين لخطورة المرحلة الدقيقة التي تمر بها حركة التحرير والممانعة، جراء الضغوطات والتآمر الأميركي الصهيوني .

في هذا المفصل من تاريخنا، يجب علينا أن نقف سداً منيعاً أمام من يعمل على إضعاف هيكلية وطننا الإقتصادية والإجتماعية، كما وحدتنا الوطنية.

فمن قاوم بالنضال والسلاح غزو الأعداء الصهاينة وانتصر فلن يسمح بأي إنهيار لجبهتنا الداخلية في هذين الحقلين والمجالين .

عودة الى الكتاب في حلّته الجديدة واصداره الثاني المستجد ” نضالات تتجدد وتواريخ لا تنسى” … نعم إنخا تتجدد في كافة المجالات وأهم قيادين هذا التجدد ما نشهده راهناً، من صراع على هوية هذا البلد واقتصاده. هويته الكفاحية ضد خطر اسرائيل وداعميها في الداخل والخارج، واقتصاده بأن يصمد بوحدة وحسن أداء كي لا يتسبب أي خلل صارخ فيه بإنهيار تخلط فيه الأوراق فينفذ من هذا الإختراع تعابين العودة الى الفوضى والإقتتال الداخلي والفتنة والتفتيت، واختلال قوى الممانعة.

هنا ممكن الخطورة… محذار جذار اول ولنقاوم معاً وبحزم سريع دروب ومسارات الفاسدين ونسدها ونقصي اولئك الذين لا يأبهون لمصير هذا البلد ومكانته في دوره في التصدي والصمود لخلاص العرب وقوى التحرر كافة.

في مقدمة هذا الكتاب التي خطها الحاج محمد حرقوص إشارة مشكورة لتنبهه بان لا نسمح للسماسرة بطمس تاريخنا وتزييفه، لأجل إنتاج ذاكرة مزيفة للمستقبل.

وفي صفحة التمهيد كلمة راشخة بأن معتقل أنصار سيبقى مدرسة حاضرة نتعلم منها الدروس حول النضال، الحرية والعدالة.

أما في صفحة لماذا الطبعة الثانية من بصمات في الذاكرة فيقول الكاتب ” لأن العالم قد تعنير لكن بصمة الدم والدموع التي زرعتها تجربة معتقل ” أنصار ” في داخلي كانت أكبر من أن تخضع لعملية تجميل أو يضاف اليها بعض ” الرتوش”. ثم لأن اوراق الذاكرة الذابلة في الأساس قد إحترقت في نيران ما سمي  ” بالربيع العربي” رأيت أن أكتب مجدداً ولو بتقديم يعيد تشكيل كتابي القديم بحلته الجديدة مع إضافات جديدة من زوايا الخيمة في المهتقل وعلى غلاف رسائلي التي نقلها الصليب الأحمر الدولي إلى حبيبته مجهولة، لأنني وزملائي في الإعتقال كان لدنيا مجموعة الأحلام والرؤى والإستراتجيات قررت أن اكتب”.

ثم يعود الكاتب فيقول في صفحة ” اضاءة جديدة ” لماذا الطبعة الثانية من يومياتي في الأسر؟؟؟

” في أصل المذكرات التي كتبتها في معتقل أنصار ما يغني عن المقدمة، لكن الواقع الذي تبدّل بعد تحرير الجنوب والبقاع الغربي من رجس الإحتلال الصهيوني (25 أيار 2000) يفرض عليّ إعادة التوثيق وإفراغ الأحاسيس القديمة المشتعلة في وجداني كي أضيء على واقعنا اليومعلني أترك بصمة وصرخة وجع وأن تفتح الجرح على مصراعيه لأن الصراع مع العدو الصهيوني ليس صراعاً على  الحدود بل أنه صراع وجودي. وأن الحاجة الى المقاومة اليوم بكل أشكالها حاجة ماسة في ظل المشروع الصهيوني الأمريكي الرجعي العربي المتواصل ضد شعبنا العربي وخاصة في لبنان وفلسطين حيث تمارس عليه الإدارة الأميركية حرب تجويع وحصار كما تضغوا بكل إمكاناتها المادية والإعلامية على محور المقاومة والممانعة ورفض التطبيع كل الضغوطات من أجل وقف المد الثوري والوطني والقومي.

من هنا أرى أن إعادة نشر ” يومياتي” إنما هو رسالة الى القارئ الجديد في ظل وجود الشبكة الفكبونية، وان في اعادة النشر ما يزيد من قيمة الكتاب وما يحتويه من صفحات ومحطات مشرقة، فيها آهات وانتظارات كثيرة للمعتقلين في ” أنصار”. وفي الكتاب تاريخ وحياة وسائل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي وفيه شهادات حية لم تمسح عنها الأيام مرارتها وصعوبتها وخطوراتها وآلامها التي تعترش في القلوب والعيون. إن في أنصار حكايات وحكايات لا تختصر في كتاب واحد، لكنها لا بد أن تدون كي تحفظ للأجيال القادمة لتعرف العدو الذي كان يتضنن ويخترع أشكال جديدة من الإرهاب النفسي والجسدي بحق الأسرى والمعتقلين الذين صنعوا طائرة شراعية (داخل المعتقل) واكثر من ذلك فقد حلقوا في سماء الحرية والإبداع والثورة.

أما في صفحة ” محطات في الذاكرة” فيعود الكاتب الى بث ذكرياته ولواعجه النفسية فيقول عنها كثيرة هي المحطات التي عشتها في معتقل أنصار من لحظة الإعتقال في 12 حزيران 1982 حتى إطلق سراحي في 9 شباط 1984.

واهمها مراحل التحقيق والتعذيب، التحقيق كان بمثابة امتحان حقيقي لإرادتي وصلابة موقفي وتمسكي بثوابتي.

لقد اكتشفت في داخلي قوة كامنة إستمديتها من خلال تجربتي النظالية على امتداد أكثر من عقدين من الزمن .

أيقنت أن سلاح المواجهة الى جانب البندقية هناك الكلمة والتعلم والموقف الثابت.

لقد صنعت في تجربة ” أنصار” كاتباً حقيقياً يبحث عن الحقيقة وتضارب القضايا الوطنية والقومية والانسانية.

إن الإنسان العربي بشكل عام واللبناني الوطني والفلسطيني المقاوم بشكل خاص يملك من الأحساسيس ما يؤهله لكتابة تاريخه المشرق وأيامه النظالية التي تستحق وسام الشرف. لذلك إن الوسام الذي حصلت عليه ( وسام الأسير اللبناني) من فخامة الرئيس الراحل الياس الهراوي، هو أكثر  ما اعتز به هو وسام الأسير المحرر من سجون العد الصهيوني. باختصار أنا أسير محرر بصفة كاتب واعلامي ومشروع أديب.

يكيفني أنني عشت زمن أنصار، زمن المعتقل والموت والشهادة والمعاناة، ثم عشت زمن المقاومة والتحرير.

إن اوراق شجرة الثورة المستمرة على أغصان الحب والمقاومة لشجرة جذورها في أرضنا الطيبة عميقة عميقة عميقة.

يبقى أن الدكتور عماد  في كتابه هذا عن نضالات أسرى انصار وصمودهم وبصفته راهنا سفير النوايا الحسنة والى الانسانية فقد اصبح رمزاً من رموز هذا الوطن الذي علينا حمايته من لصوص الهياكل وقنّاصي فرص الترددي والانحطاط. وقد أضاف الى مكتبتنا العربية سفراً نضالياً على الشباب أن يقرأوه ويسيروا على هدى مسارات هؤلاء الذين ضحوا في زمن ما ولحظة تاريخية محددة بحياتهم ومستقبلهم في سبيل درء العدوان الصهيوني الزاهق، راهناً، علينا من أجل قضم حدودنا وارضننا وأرض شعبنا العربي وفي مختلف المجالات الحياتية ، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. 

زر الذهاب إلى الأعلى