بأقلامنا

التّيّار بين نار الحزب ونار البيطار بقلم الباحث السياسي حسن الدر

حسن الدر- خاص ليبانون تايمز

أربع ساعات ثقيلة مرّت على لبنان وعلى قيادة وجمهور الثّنائي الشّيعي، حيث كان لبنان يقف على شفير هاوية الفتنة الطّائفيّة والحرب الأهليّة.
هذه نتيجة طبيعيّة للمسار الّذي انتهجة قاضي التّحقيق العدلي طارق البيطار وللحملة السّياسيّة والاعلاميّة الّتي رافقته لتصنع منه نجمًا سياسيًّا وخصمًا عنيدًا لقسم كبير من اللّبنانيين، هم أولياء دماء أيضًا.
وقبل الخوض في قراءة أبعاد مجزرة كمين الطّيونة لا بدّ من وضع علامات استفهام حول اللّيلة الّتي سبقت الدّعوة إلى الاعتصام أمام قصر العدل، وحول أداء القوى الأمنيّة لتفادي احتمال وقوع ما قد وقع:
ألم يستمع المعنيّون إلى كلام رئيس حزب القوّات اللّبنانيّة لقناة العربيّة عندما هدّد صراحة بشارع مقابل شارع؟
ألم يستمعوا إلى المعاون السّياسي للرّئيس نبيه برّي علي خليل، على قناة الميادين، عندما حذّر مّمن يريد أخذ البلد إلى فتنة أهليّة؟
ألم يلتفت المعنيّون إلى رفع الصّلبان المشطوبة على مداخل عين الرّمانة؟
ألم يستمعوا إلى مقدّمات نشرات أخبار بعض القنوات الفتنويّة وكمّ الحقن والتّحريض الّذي كانت تبثّه؟
لماذا لم تتّخذ إجراءات أمنيّة وقائيّة، هل هو تقصير أم اهمال متعمّد؟
أمّا السّؤال الأكبر والأخطر فهو عن امتداد الاعتداءات لساعات على عين وحدات الجيش. قنّاصون محترفون ومدرّبون منتشرون على الأسطح ومكشوفون لكاميرات القنوات التّلفزيونيّة الّتي كانت تبثّ بشكل مباشر ثمّ ينسحبون بخفّة وهدوء!
أقنعونا يرحمكم الله، تصريحاتكم مقزّزة، واعتذار الرّئيس نجيب ميقاتي للّبنانيين مضحك مبكٍ، وكلام وزير

الدّاخليّة عن تعمّد القنص على الرّؤوس بقصد القتل مؤلم، أمّا البيان الثّاني لقيادة الجيش فخطير ومؤسف!
بهذه الحكومة وهذه المؤسّسات تبنى الدّولة ويطمئنّ المواطن؟
في السّياسة وبعد الّذي حصل أمس، باتت الأمور أكثر وضوحًا، ولا حاجة لسوق أدلّة إضافيّة لتأكيد الغرفة السّوداء الّتي تحرّك البيطار وهذا ما حذّر منه الرّئيس نبيه برّي اليوم لجريدة النّهار.
وعليه، يؤكّد مصدر قريب من الثّنائي بأن لا مكان للمساومة على بقاء البيطار، ويجب أن يتنحّى أو ينحّى عن ملفّ تحقيقات المرفأ، والمعادلة الّتي يحاولون فرضها: البيطار أو الفتنة لن تمرّ!
وهنا يبرز الموقف الملتبس لرئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس التّيّار الوطني جبران باسيل، فكيف يقول الرّيس بأنّ الشّارع ليس مكان اعتراض! ألم تقم الحالة العونيّة على نبض الشّارع؟
وكيف يقول الوزير باسيل بأنّه لا يمكن فرض الرّأي بالقوّة، في الوقت الّذي يعتبر فيه حزب الله بأنّ سلوك القاضي بيطار يؤدّي حتمًا إلى إلباس الحزب ومعه المقاومة تهمةً لا يمكن حملها مهما كلّف الأمر.
نحن إذن أمام مفترق سياسيّ ووطنيّ كبير، فإمّا المزايدة على سمير جعجع وتبنّي خطابه التّحريضيّ للكسب الانتخابيّ في الشّارع المسيحيّ، وإمّا أن يتّخذ رئيس الجمهوريّة وفريقه موقفًا وطنيًّا يسحب فتيل الأزمة وينقذ

البلد من الانفجار الكبير.
أمّا كلمة رئيس الجمهوريّة المتلفزة أمس، وتصريح الوزير باسيل من بكركي، إضافة إلى بيان التّيّار الوطنيّ الحرّ كلّها كانت مخيّبة لآمال الحليف الأوّل والوحيد، حزب الله، وجمهوره، وقد انعكس ذلك على وسائل التّواصل الاجتماعي وعلى ألسنة عدد من المحلّلين والاعلاميين المقرّبين من الحزب، فلا يمكن امساك العصا من المنتصف في مرحلة حرجة كالّتي يمرّ بها البلد، ومن غير المقبول المساواة بين الجلّاد والضّحيّة.
هناك قاتل اسمه سمير جعجع وقتيل اسمه ثنائي “أمل حزب الله” ولا بدّ من موقف واضح وحاسم وحازم.
لقد عضّ الثّنائي الشيعي على ثلاثة جراح دامية من خلدة إلى الطّيونة وبينهما شويّا، وفي كلّ مرّة كانت أبواب الجحيم تنتظر يدًا أخرى تطرقها، فامتنعت تلك اليد واستعصمت عن الفتنة، رغم قسوة المواقف وحساسيّتها، ورغم الغضب العارم في صدور الجمهور الوفيّ والملتزم قرار قيادته، ولكن، وباسم هؤلاء الّذين يسترخصون دماءهم ودماء أبنائهم وأخ

وانهم فداءً لبلدهم وتلبية لقيادتهم، لأجل هؤلاء الأوفياء، أمّنوا ظهور المتظاهرين وصدور المعتصمين، فقد بلغ السّيل الزّبى!

زر الذهاب إلى الأعلى