أخبار صور و الجنوب

كتب الاعلامي الشاعر محمد درويش ٠٠٠٠٠قال الشاعر الدكتور بسام بزون انه خلال مشاركتي في حفل الوفاء الوطني: لحظات من العرفان والتقدير

في أمسية تحمل في طياتها روح الوفاء والعرفان، فقد كان لي شرف المشاركة في حفل الوفاء الوطني الذي أقامته الدولية للتنمية والخدمات IDAS، بحضور نخبة من الشخصيات الرسمية والسياسية والدينية والبلدية. كان اللقاء تجسيدًا لمعاني التقدير والالتزام الوطني، حيث تلاقت الأيدي والأفكار في أجواء من الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة.
منذ اللحظات الأولى، كان واضحًا أن هذا الحدث لم يكن مجرد تجمع اعتيادي، بل كان مساحة للحوار العميق والتواصل المثمر. التقيت خلاله بعدد من الشخصيات المرموقة، حيث تشرفت بتقديم كتابي “66 يومًا في المنفى” إلى كل من الدكتور سامر غدار، والمربية السيدة ناهد سوسان، والدكتور ناجي عبدالله، إضافة إلى عدد من الزملاء والأصدقاء الذين كان لكل منهم بصمته الخاصة في المشهد الثقافي والاجتماعي.
لم تكن هذه المشاركة مجرد حضور، بل كانت فرصة للتفاعل والتعبير عن قناعات راسخة حول الوطن والإنسانية والمصير المشترك. تبادلنا الأحاديث حول قضايا فكرية وثقافية، وكان للكتاب نصيب من النقاش، حيث لامس موضوعه بعضًا من تجارب الحاضرين وتأملاتهم حول الاغتراب والهوية.
في مثل هذه اللقاءات، يدرك الإنسان أن الكلمة قد تكون جسرًا، وأن الأدب والفكر يمكنهما أن يصنعا مساحة حوار تتجاوز الحدود الرسمية. كانت الأجواء نابضة بالحيوية، والأحاديث ممتدة بين تجارب شخصية ورؤى مستقبلية، تعكس التنوع والغنى الثقافي الذي يحمله الحاضرون.
مع انتهاء الأمسية، كان في القلب شعور بالامتنان لهذه الفرصة التي جمعتني بنخبة من المبدعين وأصحاب الفكر، والتقدير العميق لكل من وقف ليقدم دعمه وتشجيعه. تبقى مثل هذه المناسبات محطات مضيئة في المسيرة، تحمل معها الإلهام لمواصلة الطريق، حيث يبقى الوفاء قيمة ثابتة تتجسد في اللقاءات الصادقة والتقدير العميق لكل جهد يُبذل من أجل وطن يستحق الأفضل.٠٠٠٠٠٠٠من جهة ثانية ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠”66 يومًا في المنفى” هو كتابي الجديد الذي يحمل بين صفحاته نبض المشاعر، ووهج الحنين، ومرارة الفقد. إنه ليس مجرد سردٍ للأحداث، بل رحلة وجدانية تمزج بين الألم والأمل، بين الحزن العميق والشوق الدافئ إلى الديار.

في طياته، خواطر تتدفق كنبعٍ صادق، تعبر عن لوعة الغياب وقسوة المنفى، عن أيامٍ ثقيلة امتلأت بالحزن على الشهداء الذين ارتقوا تاركين خلفهم أحلامًا لم تكتمل، وعن ليالٍ طويلة كان فيها الحلم الوحيد هو العودة إلى الأرض التي غادرها القلب لكنه لم ينسَها لحظة.

إنه كتابٌ عن حلم العودة الذي لم يفارق الروح، عن لحظات الانتظار، عن نسمة هواء باردة حملت معها قرار وقف النار، وكأنها همسة رجاء وسط العاصفة. لكن الجرح ظل مفتوحًا، حتى جاء قرار الرئيس نبيه بري، ليكون بلسمًا يشفي بعض الوجع، ويعيد للأرواح المشتتة إحساس الانتماء.

“66 يومًا في المنفى” ليس مجرد حكاية، إنه حالة شعورية كاملة، نداء داخلي لكل من عاش التهجير، ولكل من عرف معنى أن يكون بعيدًا عن وطنه، يحلم بلحظة العودة كمن يحلم بلقاء أحبته بعد طول غياب.

“66 يومًا في المنفى” ليس مجرد كتاب، بل مرآةٌ لروحٍ هائمة بين الذكريات والحنين، تسير على خيط رفيع بين الأمل واليأس، وبين الغربة والانتماء.

في كل صفحة، صوت القلب يعلو حنينًا للأرض التي لم تغادر الوجدان، ورثاءً لشهداء تركوا فراغًا في الأزقة والبيوت، كأنهم غابوا لحظةً ليعودوا حلمًا في ذاكرة الوطن. إنّه دفتر الأيام الثقيلة، حيث المنفى ليس فقط غياب الجسد عن المكان، بل غصة الروح حين يشتد الشوق ولا سبيل للعودة.

عندما حلّت نسمة الهواء الباردة بإعلان وقف النار، لم يكن الأمر فرحًا بقدر ما كان توقفًا عند مشهد الدمار والأطلال، عند بيوت هجرتها خطوات أصحابها لكن أصواتهم ما زالت تتردد بين الجدران. ثم جاء القرار المنتظر، قرار العودة الذي حمل توقيع الرئيس نبيه بري، ليعيد القلوب إلى أماكنها ويُنهض الأمل من بين الركام.

“66 يومًا في المنفى” هو رسالة من روحٍ أرهقها الفقد، لكنه لم يكسرها، وهو نداء لكل من تجرّع ألم الغربة بأن الوطن ليس مكانًا نعيش فيه فقط، بل هو ذاكرةٌ ووجدانٌ ودمعةٌ لا تجف.

زر الذهاب إلى الأعلى