بأقلامنا

بين الحياة والشهادة أسطورة المقاومة القائد يحيى السنوار التي لا تموت ولا تنتهي ولا تنطفئ \ د. شريف نورالدين

بتاريخ: 19 / 10 / 2024

\

في تقرير أعدته صحيفة “نيويورك تايمز” بتاريخ 17 أكتوبر 2024، أُعلن عن وفاة يحيى السنوار، الزعيم الفلسطيني البارز لحركة حماس، الذي قاد المجموعة بعد أكثر من عقدين من الزمن قضاها في السجون الإسرائيلية.
يُعد السنوار شخصية محورية في الصراع الفلسطيني، حيث ساهم في التخطيط لأحد أعنف الهجمات ضد إسرائيل، مما يعكس إرادة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
تتجاوز دلالات وفاة السنوار حدود الفقد الشخصي، لتصبح رمزًا للصراع الدائم والمستمر بين قوتين متنافستين، حيث شكلت قيادته وتجربته في السجون أساسًا لبناء استراتيجيات حركة حماس التي تمزج بين العمل العسكري والسياسي.

من هنا؛ تأتي حياة الشهيد يحيى السنوار كنموذج ملحمي يختزل أسمى معاني البطولة والتضحية في سبيل القضية الفلسطينية، قضية تحررت من قيود الزمان والمكان لتصبح رمزاً عالمياً للمقاومة ضد الظلم والاحتلال.

لقد عاش السنوار حياة ملؤها التفاني والإخلاص، فكان زعيماً فذاً يقود حماس بجسارة وذكاء، وفي الوقت ذاته، كان إنساناً لا ينفصل عن آلام شعبه وطموحاته.
فبعد أن خرج من السجون الإسرائيلية حاملاً إرادة لا تقهر، قاد الحركة في أصعب مراحلها، حتى أصبح أسطورة حيّة ومصدر إلهام لا للأجيال الفلسطينية فحسب، بل لكل من يتوق إلى الحرية والعدالة في العالم.

– حياة مقاتل لا يعرف الانكسار
ولد يحيى السنوار في 1962 في مخيم خان يونس، جنوب قطاع غزة، حيث كانت الأرض مشبعة بأحلام العودة والحرية.
نشأ في بيئة فقيرة، في مجتمع لاجئين يسعى للعودة إلى وطنه المسلوب منذ عام 1948.
ورغم الظروف الصعبة، كانت طفولته مزيجاً من الكفاح والتعلم، حيث درس اللغة العربية في الجامعة الإسلامية في غزة، وانخرط في الحركات الإسلامية التي كانت تحمل روح المقاومة.

مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987، ظهر السنوار كقائد شاب يحمل رؤية شاملة لتحرير فلسطين. كان من المؤسسين الأوائل لحركة حماس، ووضع الأساس لفكر الجهاد والمقاومة.
وفي ظل صراع لا يعرف التهدئة، قاد السنوار عمليات عقابية ضد الفلسطينيين المتهمين بالتعاون مع إسرائيل، مستخدماً أسلوباً عنيفاً لفرض التماسك الداخلي.
هذه المرحلة من حياته أكسبته لقب “جزار خان يونس”، لكنها أيضاً جعلته رمزاً للقوة والعزم في مواجهة العدو.

– اكاديمية السنوار في الأسر التي صنعت القائد
في عام 1988، اعتقلت إسرائيل السنوار وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل أربعة فلسطينيين تعاونوا مع الاحتلال.
خلال عشرين عاماً من السجن، لم يكن السنوار مجرد سجين بل قائدًا. استفاد من هذا الوقت لبناء معرفته ودراسة عدوه، متعلماً اللغة العبرية ومتعمقاً في فهم المجتمع الإسرائيلي. حول السجن إلى أكاديمية للمقاومة، حيث كانت جدران الزنزانة شاهدة على إرادته التي لم تنكسر.
“لقد أرادوا أن يكون السجن قبرًا لنا، لكننا حولناه إلى مزار للعبادة وأكاديمية للدراسة”، هكذا لخص السنوار تجربته، في إشارة إلى عزمه الذي لم ينضب.

هذا التعليم العميق، الذي مزج بين دراسة عدوه وإعادة تربية نفسه ورفاقه على الصبر والاستعداد، جعل من السنوار شخصية ذات بُعد جديد في حركة حماس؛ شخصية تجمع بين المكر السياسي والبراعة العسكرية، وبين الحزم والمرونة.

– قائد بعد الإفراج والعودة إلى المقاومة
في عام 2011، تم الإفراج عن يحيى السنوار كجزء من صفقة تبادل الأسرى مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وعاد إلى غزة وهو يحمل على عاتقه عبء الحرية التي وعد بها زملاءه.
كانت عودته إلى الحياة العامة مليئة بالتحولات، حيث وجد نفسه في قيادة جناح حماس العسكري، ثم لاحقاً في منصب القائد العام لحركة حماس في غزة.

منذ تسلمه قيادة الحركة في 2017، كان السنوار القوة الدافعة وراء تعزيز قدرات حماس العسكرية، وإعادة بناء العلاقة مع إيران، وتطوير شبكة الأنفاق التي جعلت من حماس خصماً لا يستهان به أمام الجيش الإسرائيلي.

لقد قاد حماس في واحدة من أصعب مراحلها، في ظل الحصار الإسرائيلي المصري المفروض على غزة. وعلى الرغم من محاولاته التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل لتخفيف الحصار، إلا أن السنوار ظل متمسكاً بخط المقاومة المسلحة كخيار أساسي، مدركاً أن أي اتفاق مع الاحتلال لن يكون إلا موقتاً.

– الهجوم الأكبر طوفان الاقصى
كان الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي خطط له السنوار بالتعاون مع محمد ضيف، هو أقوى ضربة توجهها حماس لإسرائيل في تاريخها. تمكنت قوات حماس من اختراق الحدود الإسرائيلية وقتل حوالي 1200 شخص، بالإضافة إلى أسر أكثر من 250 إسرائيلياً.
هذا الهجوم جعل من السنوار هدفاً رئيسياً لإسرائيل، حيث وعد قادتها بمطاردته حتى القضاء عليه.

ولكن السنوار، كما كان طوال حياته، لم يكن هدفاً سهلاً. عاش في انفاق غزة وخارجها لأكثر من عام، بعيداً عن الأضواء، بينما كانت إسرائيل تسعى جاهدة لإيجاده.
ورغم جميع الجهود العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية والعالمية وبالخصوص الاميركية والاوروبية والدول الصهيوعربية، كان السنوار يعيش في قلب المقاومة، قائداً من خلف الكواليس، متمسكاً برؤية تحرير فلسطين مهما كانت التضحيات.

– استشهاد السنوار القائد واستمرار القضية
في 17 أكتوبر 2024، أعلنت إسرائيل عن مقتل يحيى السنوار في عملية عسكرية.
كان استشهاده نهاية لمسيرة ملحمية، لكنها ليست نهاية للقضية التي عاش ومات من أجلها.
فحتى بعد استشهاده، ستظل روحه حاضرة في قلوب الفلسطينيين وكل من يؤمن بقضية التحرير.
لقد ترك السنوار إرثاً من النضال والشهادة، سيظل مرجعاً لاجيال قادمة من المقاومين.

– التداعيات الإقليمية والدولية
استشهاد السنوار لن يكون مجرد حدث محلي، بل له تداعيات على المستوى الإقليمي والدولي.
لكن التجربة والزمن اثبت ومن خلال ما سبقوه في الاستشهاد من قادة لم يؤثر او يغير من مسار حركة حماس كمقاومة ونضال مستمر ودائم، لم ولن تنتهي مع الاغتيال والقتل والشهادة، و يتوقع أن تشهد القيادة الجديدة تحديات في الحفاظ على وحدة الحركة وتقديم استراتيجية جديدة في مواجهة الاحتلال.

كما سيؤدي إلى زيادة منسوب التوترات في المنطقة، حيث قد تستمر إسرائيل في استهداف القادة العسكريين والسياسيين لحماس، مما يزيد من دائرة العنف ويدفع الفلسطينيين إلى تبني أساليب جديدة في المقاومة.

– إلهام الأجيال القادمة
استشهاد السنوار يلهم العديد من الأجيال الجديدة في العالم العربي والإسلامي، حيث سيسهم في إعادة إحياء قضية فلسطين في قلوب الشعوب.
إن مسيرة السنوار وحياته القتالية تشكل نموذجًا يحتذى به لكل من يسعى إلى تحقيق العدالة والحرية، وبالتالي فإن قصته ستبقى تذكرنا بأن النضال من أجل الحق يتطلب شجاعة وتفانيًا.

خاتمة: أسطورة لا تموت
بموته، يكون السنوار قد انضم إلى قائمة طويلة من القادة الشهداء الذين جعلوا من حياتهم وسيرتهم وقوداً للقضية الفلسطينية. ولكن حتى في غيابه، سيظل حضوره قوياً. فبينما فقدت حماس أحد أقوى قادتها العسكريين، فإن روحه لا تزال تجسد ما تعنيه المقاومة والإيمان الراسخ بالتحرر من الاحتلال، والتفاني من أجل الهدف الأعلى، مهما كانت التضحيات.

لقد عاش يحيى السنوار رمزاً للمقاومة، واستشهد بطلاً سيظل إلهامًا لكل من يرفض الظلم ويطمح إلى الحرية.

هذه هي الأساطير التي لا تنطفئ، وهذا هو الإرث الذي يبقى حيًا في ذاكرة الشعوب.

إن تاريخه وحياته ستبقى نموذجاً يُحتذى به، في زمن تتقاطع فيه مصائر الشعوب، وفي زمن يحتاج فيه العالم إلى رموز الشجاعة والإقدام في مواجهة القهر والظلم.

كما تُسلط وفاة يحيى السنوار الضوء على تحول دراماتيكي في مسار النضال الفلسطيني، كما تنبّه إلى استمرارية القضية الفلسطينية التي لا تنتهي بموت أي قائد.

برز السنوار كممثلٍ حقيقي للإرادة الفلسطينية، حيث ألهب مشاعر الكفاح والمقاومة في قلوب الملايين. إن رحيله لا يعني نهاية المسار، بل يُعدّ دعوة للمواصلة في النضال من أجل الحرية والعدالة.

تبقى أفكاره وإرثه حاضرين في وجدان الأجيال القادمة، مؤكدين أن طريق الاستقلال ما زال طويلًا ومعقدًا، ولكن يتجدد الأمل في كل خطوة نحو تحقيق الحرية.

إن ما تركه السنوار من أثر يُلهم شعوبًا أخرى في مسعاها نحو حقوقها، مُظهرًا أن التضحيات والشجاعة ستظل أبدًا في صميم القضية الفلسطينية، مما يحث الآخرين على البحث عن الحرية والكرامة في مواجهة الظلم.
إليك مجموعة من العناوين الدرامية الملحمية التي تعكس البطولة والأسطورة المتعلقة بحياة يحيى السنوار:

– سيبقى يحيى السنوار اسطورة المقاومة وتجسيد الإرادة الفلسطينيو الزعيم الذي تحدى الأقدار.
-يحيى السنوار من السجون إلى ساحات النضال.
-يحيى السنوار بطل الظل الذي أشعل شعلة الحرية في قلب المعركة.
– حياة يحيى السنوار رمز للبطولة والتضحية وملاحم المقاومة.
– يحيى السنوار كتب ودون وسطر تاريخ فلسطين الحديث
-/يحيى السنوار صقر غزة وعنوان رحلة الجهاد من الزنزانة إلى القيادة.
– بطل الكفاح يحيى السنوار ورمز القضية الفلسطينية إلى الأضواء.
– أسطورة يحيى السنوار ودروس الكفاح وملحمة الشهادة. – يحيى السنوار رمز الصمود والتحدي والنضال الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى