بأقلامنا

معَ قدومِ عامٍ هجريٍّ جديد: ضرورةُ الاهتمامِ بالتَّقويمِ الهجريّ العلامة بقلم السيد علي فضل الله

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. صدق الله العظيم.
الاهتمامُ بالتَّقويمِ الهجريّ
نستعيد في أوَّل شهر محرَّم الحرام، بداية سنة جديدة بناءً على التَّقويم الهجريّ، وهي سنةُ ألفٍ وأربعمائةٍ وستٍّ وأربعين.
ونحن أحوج ما نكون إلى تذكير أنفسنا وأجيالنا بهذه السَّنة، لأنَّ الكثير – ومع الأسف – لا يعرف التقويم الهجريّ، ولا يشعر ببداية السنة الهجريَّة أو يهتمّ بها، كما هو الاهتمام الَّذي نشهده مع بداية السنة الميلاديَّة. وإذا كان البعض قد يعيد ذلك إلى الارتباط ببداية موسم عاشوراء، وما يوحي به من حزن لا يتناسب والاحتفال ببداية سنة جديدة، لكن هذا لا نراه مبرِّراً، لأنَّ الاحتفاء بسنة جديدة، ليس من الضّروريّ أن يكون مواكَباً بمظاهر الفرح، بل باستحضار المعاني الَّتي ينبغي استحضارها عند وداع سنة فاتت، قد يكون حصلت فيها تبعات وإخفاقات، والإقبال على سنة جديدة فيها الكثير من الأعباء والمسؤوليَّات، ويخشى فيها من العقبات والضّغوطات التي لا بدَّ من الاستعداد لها.
ويعود اهتمامنا بالتقويم الهجري، أوَّلاً لكون السنة الهجريَّة تحتضن في داخلها الأشهر القمريَّة التي دعانا الله إلى الأخذ بها، والتي أشارت إليها الآية الَّتي تلوناها، وهي الَّتي ترتبط بالعديد من الفرائض والمستحبَّات والمناسبات الإسلاميّة، كشهر رمضان والحجّ وعاشوراء، وفيها الأشهر الأربعة الحرم الَّتي يتوقَّف فيها القتال والنزاعات والخصومات وتتجمَّد، ولأنَّ هذا التقويم يرتبط بتاريخنا الإسلاميّ الَّذي حدَّده المسلمون وتوافقوا عليه بناءً على إشارة من أمير المؤمنين (ع)، وهو اليوم الَّذي هاجر فيه رسول الله (ص) من مكَّة المكرَّمة إلى المدينة المنوَّرة، وهناك من أشار إلى أنَّه هو الَّذي كان يؤرِّخ به النبيّ (ص) مراسلاته بعد هجرته إلى المدينة المنوَّرة…
وكان قرار الهجرة قد أخذه رسول الله (ص)، وأعدَّ العدَّة له وهيَّأ له، لكن تنفيذ ذلك جاء بعدما علم رسول الله (ص) بالاجتماع الَّذي حصل في دار النَّدوة، والذي جمع رؤساء قريش، وتداولوا فيه كيفيّة مواجهة رسول الله (ص)، بعدما تنامت دعوته، ولم تنفع كلّ الوسائل الَّتي عملوا لها لثنيه عن دعوته، وكان قرارهم آنذاك بأن لا سبيل إلى ذلك إلَّا باغتيال رسول الله (ص) وهو نائم في فراشه، وحتَّى لا يثأر بنو هاشم له، قرَّروا أن تشارك كلّ قبيلة منهم بأن تختار رجلاً منهم، وبذلك يضيع دمه بين القبائل، ولا يستطيع بنو هاشم أن يواجهوها كلّها، فيرضون بالدّية.
تضحيةُ عليّ (ع)
وحين نتحدَّث عن الهجرة، لا بدَّ أن نشير إلى أمرين:
أوَّلاً: إلى موقف أمير المؤمنين (ع)، عندما طلب منه رسول الله (ص) في ليلة الهجرة أن يبيت على فراشه، ليسهل له أمر هجرته وحتى لا يكشف أمر خروجه. يومها، لم يتردَّد أمير المؤمنين (ع)، رغم معرفته بأنَّ البيت كان محاصراً بأربعين فارساً ينتظرون قدوم الفجر حتى ينقضّوا على الفراش لقتله وهو نائم على فراشه.
اكتفى حينها أمير المؤمنين (ع) بأن قال لرسول الله (ص): “أوتسلمنَّ بمبيتي يا رسول الله؟”، قال (ص) له: “نعم”، فهوى (ع) إلى الأرض ساجداً، شكراً لله لما أبداه رسول الله (ص) من سلامته، ولما رفع رأسه، قال لرسول الله (ص): “امضِ لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي”.
يومها، نزلت الآية الكريمة الَّتي أشارت إلى شخصيَّة عليّ (ع)، والَّتي حكمته طوال حياته، وهي أنَّه باع نفسه لله ولله وحده، والَّتي ينبغي أن تكون حاضرة في كلِّ الذين يشهدون أنَّ عليَّاً وليّ الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة: 207]…
وثانياً: إلى مدى الرِّعاية الَّتي تأمَّنت لرسول الله (ص) حين لاحقته قريش، فقد كادت تصل إليه لولا أن منَّ الله عليه بتأييده ومنع كيد الأعداء عنه: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}، وقوله سبحانه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
وهذا أمر قد يتكرَّر عند كلِّ من يدعو الله، وهو على استعداد للتضحية في سبيله.
دروسٌ للسَّنةِ الجديدة
أيُّها الأحبَّة: ونحن على أعتاب بداية سنة هجريَّة جديدة، نحن مدعوّون إلى استلهام معانٍ عدّة، وهي:
أوَّلاً: أنّها تدعونا إلى ضرورة التَّعريف بأهميَّة السنة الهجريَّة، وتعزيز حضورها في مجتمعاتنا، ولدى أجيالنا، وفي مساجدنا والاحتفالات والنَّدوات، بأن نؤرِّخ بها كلَّ مناسباتنا ومعاملاتنا، لأجل أن نخرج واقعنا من الأميَّة والجهل بالسنة الهجريّة وموقعها الكبير في التَّاريخ الإسلاميّ. ونحن في هذا، لا نتنكَّر للتَّاريخ الميلاديّ الَّذي له موقع عندنا، لارتباطه بميلاد السيِّد المسيح (ع)، أو لأيِّ تاريخ آخر أصبح أمراً واقعاً، بل إنَّ ما ندعو إليه، هو أن نقرن التَّاريخ الميلادي أو أيّ تاريخ آخر بالتّاريخ االهجريّ…
العنوان الثاني: أن يكون رأس السنة بالنِّسبة إلينا واحداً من أبرز محطَّات المراجعة وتصويب المسار في ضوء المسؤوليّات الَّتي ألقاها الله علينا، وجسَّدها رسول الله (ص) وأهل بيته (ع) في مسيرتهم وكلماتهم ومواقفهم، تلك الَّتي نحن مدعوّون إليها في كلِّ يوم كما في كل سنة، والَّتي أشار إليها الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وفي الحديث: “حاسِبُوا أَنْفُسَكُم قَبلَ أَنْ تُحاسَبُوا، وَزِنوها قَبْلَ أَنْ تُوزَنوا، وَتَجَهَّزُوا للعَرضِ الأَكْبَرِ”، ليتأكَّد الإنسان أنّه وهو يغادر سنة، قد أدّى واجباته تجاه الله وتجاه نفسه والنَّاس الَّذين يعنى بأمورهم، فيحمد الله إن أدَّى ما عليه، ويستغفره إن هو قصَّر بحقِّه، ويبدي استعداده لأداء المسؤوليَّات الَّتي ستلقى على عاتقه في سنة جديدة، وتوفير العدة الكافية لمواجهة تسويلات شياطين الجنّ والإنس، ولمواجهة نفسه الأمّارة بالسوء، ومنعها من أن تأخذ به إلى حيث لا يرضى الله.
العنوان الثَّالث: تعلِّمنا الهجرة الَّتي ارتبطت بالسنة الهجريَّة، أن لا نقبل بالأمر الواقع، أو أن نعيش في الذلِّ، أو في مكان نققد فيه إيماننا، أو لا نستطيع فيه القيام بمسؤوليَّاتنا الَّتي دعانا الله سبحانه وتعالى إليها، فلا ينبغي للإنسان أن يبقى في بلد أو أيّ مكان لا يحفظ فيه دينه ودين أهله أو كرامته أو عزَّته، بل ينبغي له الهجرة إلى حيث تتوفَّر الظروف الّتي تحرّره من الضّغوط.
وهو ما دعا إليه سبحانه: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}، وقد فسِّرت بأنَّه إذا عُصِيَ اللهُ في أرضٍ وأنت فيها، وكنْتَ غيرَ قادرٍ على مواجهة ذلك، وخائفاً على نفسك، فاخرج إلى غيرها.
فيما ورد التَّحذير للَّذين يستكينون إلى الظّلم والانحراف لأنهم ضعفاء، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً}.
والهجرة الَّتي ينبغي أن نعمل لها، لا تقف عند حدّ الهجرة المكانيَّة، بل هي أبعد من ذلك، حيث يمكننا أن نهاجر ونحن في أرضنا.. وقد ورد في الحديث: “أفضل الهجرة أن تهجر السّوء”، “المهاجر من هَجَرَ الخطايا والذنوب”.
الهجرةُ منَ الواقعِ السيِّئ
ومن هنا، أيُّها الأحبَّة، نحن مدعوّون، ومع بداية سنة هجريَّة جديدة، إلى أن نهاجر، وليس من الضروريّ من حيث المكان، بل أن نهاجر من كلّ واقعنا السيِّئ الَّذي نعيشه، واقع التمزّق والانقسام، إلى واقع التَّواصل والانفتاح والوحدة، من واقع الكراهية والحقد والرَّفض للآخر، إلى واقع التَّصالح والحبّ والرّحمة، من واقع الفساد والظّلم والاحتلال، إلى واقع الإصلاح والعدل والحريَّة، من واقع التعصّب إلى واقع الانفتاح، ومن الأنانيَّة إلى الاهتمام بالآخرين كاهتمامنا بأنفسنا.. وبذلك نستحقّ أن نكون من المهاجرين، ومع المهاجرين مع رسول الله (ص)، لنحظى بما حظي به، وهم الَّذين قال الله عنهم: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما ينبغي القيام به مع بداية سنة جديدة، حيث ورد أنَّه (ص) كان في آخر يوم من أيَّام شهر ذي الحجَّة يصلِّي ركعتين، بعدها يتوجَّه إلى الله سبحانه داعياً: “اللَّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ، وَنَسِيْتُهُ وَلَمْ تَنْسَهُ، وَدَعَوْتَنِي إِلى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرائِي عَلَيْكَ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي اسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ، فَاغْفِرْ لِي، وَما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي، وَلا تَقْطَعْ رَجائِي مِنْكَ يا كَرِيمُ”.
وقد ورد في الحديث: “أنَّ من يأتي بذلك ويدعو الله فيه، يجعل الشَّيطان يقول: يا ويلي، ما تعبت فيه هذه السنة هدمه أجمع بهذه الكلمات… وشهدت له السَّنة الماضية أنَّه قد ختمها بخير”.
ومع بداية شهر محرَّم، كان (ص) يتوجَّه إلى الله، وأيضاً بعد أن يصلِّي ركعتين، داعياً: “اللَّهُمَّ، وهذه سَنَةٌ جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشَّيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك”.
فلنحرص، أيُّها الأحبَّة، على أن تنتهي السنة الهجريَّة التي مرَّت علينا، وليس هناك من تبعة لله أو للنَّاس علينا، وقد قبل الله أعمالنا، لنقبل على سنة جديدة بكلِّ طهارة وصفاء، وبتصميم على أداء مسؤوليَّاتنا، ومواجهة من يريد العبث بإيماننا، وبذلك نكون أكثر وعياً ومسؤوليّةً وقدرةً على مواجهة التحدّيات.
غزّةُ تستنزفُ العدوّ
والبداية من غزَّة الّتي يواصل العدوّ فيها اتّباع سياسة ارتكاب المجازر والحصار والتَّجويع، في إطار هدفه الرَّامي إلى إخضاع الشَّعب الفلسطيني، وجعله تحت هيمنته الكاملة.
ومع الأسف، يحصل ذلك على مرأى العالم، من دون أن نشهد أيَّ إدانة لما يجري لهذا العدوّ، بل نجد من لا يزال يمدّ هذا الكيان بكلِّ سبل الدَّعم، ويوفِّر له سبل التَّغطية على جرائمه.
في هذا الوقت، تستمرّ المقاومة الفلسطينيَّة بالتصدّي لهذا العدوّ، ومنعه من أن يحقِّق أهدافه التي رسمها لهذه الحرب، سوى هدف التَّدمير للقطاع، ومنع أيّ مظهر من مظاهر الحياة فيه، حتَّى بات هذا العدوّ يعترف، وعلى لسان قادته العسكريّين، بأنَّه يتعرَّض لحرب استنزاف يدفع فيها ثمناً باهظاً لم يعد بمقدوره تحمّله، وهو لذلك بات يستعجل القيادات السياسيَّة لأخذ قرارهم بإيقاف هذه الحرب، أو استبدالها بضربات موضعيَّة تقيه من الاستنزاف اليوميّ لجنوده على كلّ الجبهات.
إنَّنا أمام ما يجري، نجدِّد اعتزازنا بهذا الشَّعب المضحِّي الَّذي تستند إليه المقاومة، وهي الَّتي باتت تتوسَّع يوماً بعد يوم، وتقوم بإنجازات رغم الحصار المطبق عليها، وحجم الضغوط الَّتي تتعرَّض لها، وقد استطاعت بهذا الصّمود والتصدّي أن تنقل المعركة إلى داخل كيان العدوّ.
عودةُ المفاوضات
وفي هذا الجوّ، عاد الحديث يعلو عن العودة إلى المفاوضات التي تفضي إلى إيقاف النَّار وتبادل الأسرى، بعدما اعترف العدوّ أن لا خيار له باستعادة أسراه إلَّا بالمفاوضات، بعد الثَّبات والصّمود الَّذي أبدته المقاومة، والضغوط الخارجيّة والداخليّة على كيانه.
وهنا، لا بدَّ لنا من أن ننوِّه بالإيجابية التي تبديها المقاومة في فلسطين، ومن موقع القوَّة، تجاه المبادرات التي تعرض عليها، والَّتي نأمل أن تفضي إلى ما يريده الشَّعب الفلسطيني من إنهاء نزيف الدَّم والدَّمار، ورفع الحصار عنه، وعودة أهالي القطاع إلى ديارهم.
سياسةُ اغتيالِ القادة!
ونصل إلى لبنان، الَّذي تستمرّ فيه اعتداءات العدوّ، سواء في عمليَّات التَّدمير للبيوت في القرى المتاخمة للشَّريط الحدوديّ، أو في عمليَّات الاغتيال للقادة الميدانيّين للمقاومة، والَّتي يبدو أنَّها سياسة بات يعتمدها العدوّ للضّغط على المقاومة، بهدف إضعافها ومنعها من أن تؤدِّي الدور الذي أخذته على نفسها بإسناد غزَّة، ومنع العدوّ من الاستفراد بها.
لكنَّنا على ثقة بأنَّ كلَّ ذلك لن يثنيها عن القيام بواجبها تجاه الشَّعب الفلسطيني ونصرته، ولن يضعف من جذوة المقاومة والدّفاع عن هذا الوطن.
تجاهلُ التَّهويل.. بالوحدة
في هذا الوقت، تستمرّ سياسة التهويل التي يقوم بها العدوّ عبر قادته السياسيّين والأمنيّين، والتي تواكبها وسائل إعلاميَّة ومواقع تواصل، فضلاً عن الخرق اليوميّ لجدار الصَّوت عبر طائراته، وفي معظم المناطق اللّبنانيَّة، وصولاً إلى العاصمة، وذلك في إطار السَّعي لإضعاف الروح المعنويَّة للّبنانيّين، ودفعهم إلى تقديم التَّنازلات من حسابهم لحساب هذا العدوّ.
إنَّنا أمام ذلك، نجدِّد دعوتنا للّبنانيّين إلى أن يثقوا بالله، أوَّلاً، وبقدراتهم، وعدم التّأثّر بهذه التهاويل والحرب النفسيَّة التي يمارسها هذا العدوّ.
وبالتوازي، فإنَّنا نهيب بكلِّ الأطراف في الداخل، أن يتمسَّكوا بالوحدة الوطنية، وبشعارات العزة والسيادة التي يتحدَّث بها الجميع، وألا نعطي العدوّ أيَّ وسيلة أو ذريعة ليواصل عدوانه، أو أن يضعف من موقف لبنان أمام هذا الكيان المغتصب الَّذي يتربَّص بالوطن كلّه، وقد يبادر بالعدوان عندما يشعر بأنَّ الساحة الداخليَّة باتت هشّة وضعيفة ومنقسمة أمام أطماعه وأحلامه.
فلتوفِّر القيادات السياسيَّة على اللّبنانيّين كلَّ ما يهدِّد المناعة الوطنية في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها إلى هذه الفرصة لمواجهة هذا التحدّي، وكلّ التحديات التي تواجهنا على الصعيد السياسي والاقتصادي والمعيشي، والَّتي لا تعالَج بهذا الترهّل.
شكرٌ للمشاركين
وأخيراً، نجدِّد شكرنا لكم على مشاركتكم في مناسبة رحيل السيِّد (رض)، سواء بحضوركم، أو بمشاعركم، أو بأقلامكم، أو برسائلكم، والَّذي هو عرفان جميل وتعبير ووفاء لمن وفى لنا جميعاً، ولا تزال بركاته حاضرة تنير لنا درب حياتنا، وتخفِّف من وقع معاناتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى