بأقلامنا

وقفةٌ معَ بعضِ وصايا الإمامِ الصَّادقِ (ع) بقلم العلامة السيد علي فضل الله

وقفةٌ معَ بعضِ وصايا الإمامِ الصَّادقِ (ع)
العلامة السيد علي فضل الله
قال الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: 23]. صدق الله العظيم.
في الخامس والعشرين من شهر شوّال، نحن على موعد مع ذكرى حزينة، هي ذكرى وفاة واحد من أئمَّة أهل البيت (ع)، ممن أمرنا الله عزَّ وجلَّ بمودَّتهم، واعتبرها بمثابة ردِّ الجميل على ما قام به رسول الله (ص) وما بذله من جهود في تبليغ رسالته، وما تعرَّض له من أذى لأجلها، وممن قال فيهم رسول الله (ص): “إنّي تاركٌ فيكم ما إن تَمَسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي؛ كتابَ الله، وعترتي أهلَ بيتي”، وهو الإمام جعفر بن محمَّد الصَّادق (ع).
من صفاتِ الصَّادق (ع)
هذا الإمام الَّذي عرف بالعلم والحلم والعبادة وكثرة ذكر الله وحسن الخلق وكثرة التصدّق والبذل والعطاء، وقد أشارت الصّفة التي اقترنت باسمه، وهي “الصَّادق”، إلى الميزة التي اتَّسم بها، وهي الصِّدق في القول والعمل، وهو الَّذي قال: “لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإنَّ الرجل ربما لهج بالصَّلاة والصَّوم حتى لو تركهما استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة”.
عاش هذا الإمام في المرحلة الانتقاليَّة ما بين أفول الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي، ما أتاح له قدراً من الحريَّة لم تتوفَّر لبقيَّة الأئمَّة (ع)، وهو ما ساهم في نشر علوم أهل البيت (ع)، حتَّى اقترن مذهب أهل البيت (ع) باسمه، فيقال المذهب الجعفري، وأشار إلى ذلك الشَّيخ المفيد، حين قال: “لقد نقل عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه، ولا نقل عنهم كما نقل عنه”.
مدرسةُ العلمِ والانفتاح
وكان مسجده، مسجد الكوفة، مقصداً لطلاب العلم الذين كانوا يفدون إليه من شتَّى أقطار البلاد الإسلاميَّة ليتتلمذوا على يديه، وكانوا يجدون عنده العلم الواسع والإجابات الشَّافية لما كان يطرح آنذاك من تساؤلات وشبهات في السَّاحة الإسلاميَّة، وفي ذلك يقول أحد الرّواة: “دخلْتُ إلى مسجدِ الكوفةِ – وبعد عشرين عاماً من وفاة الإمام الصَّادق (ع) – فأدركْتُ تسعمائةَ شيخٍ (أي عالم)، وكلٌّ يقولُ: حدَّثني جعفرُ بنُ محمَّد”.
وقد تميَّزت مدرسة هذا الإمام، كما عرف عنها، بانفتاحها، فقد جمعت في داخلها كلَّ التنوّعات الفقهيَّة والفكريَّة والعقديَّة على الصَّعيد الإسلامي… وشكَّلت مظهراً عملياً للوحدة الإسلاميَّة، حيث لم يتأخَّر أحد ممن يختلفون معه في المذهب أن يتتلمذوا على يديه ويأخذوا من علمه، لما كانوا يجدون عنده من معرفة عميقة بالإسلام واحترامه لآراء الآخرين… فنجد أنَّ أبا حنيفة النّعمان، إمام المذهب الحنفي، لم يجد مشكلة في أن يتتلمذ على يد الإمام الصّادق (ع) وينهل من علومه، ويصل به الأمر إلى أن يقول: “لولا السَّنتان لهلك النعمان”. وكان تتلمذ على يديه أيضاً مالك بن أنس، إمام المذهب المالكي، والذي قال: “مَا رَأَتْ عَيْنٌ، وَلا سَمِعَت‌ أُذُنٌ، وَلا خَطَرَ علی قَلْبِ بَشَرٍ، أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ فَضْلاً وَعِلْماً وَعِبَادَةً وَوَرَعاً”.
وقد عُرِفَ الإمام الصّادق (ع) بحواريته، فحاور الزنادقة والملاحدة والغلاة والمتصوّفة وأتباع الديانات السماوية، وقد شهد له كلٌّ من حاوره بحسن الخطاب، واحترامه للرأي الآخر، وبمنطقه الرَّصين، وعقلانيَّته في الردّ.
وقد عبَّر عن ذلك ابن المقفَّع، والَّذي كان ممن تأثَّروا بالزنادقة، بقوله: ليس هناك من يستحقّ اسم الإنسانيَّة كجعفر بن محمَّد. وعبَّر عن ذلك ابن العوجاء، وهو من كبار الملاحدة، لأحد تلامذته، لما خشن عليه بالكلام عندما كان يحاوره عن وجود الله: “إن كنت من أصحاب جعفر بن محمَّد الصَّادق، فما هكذا يخاطبنا، ولا بمثل دليلك يجادلنا؛ ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا، ولا تعدَّى في جوابنا، وإنه الحليم الرّزين، العاقل الرصين”.
من وصايا الصَّادق (ع)
ونحن اليوم، وفي ذكرى وفاة هذا الإمام العظيم، سنشير في هذه المناسبة إلى ما أودعه لدينا من وصايا لنهتدي بها…
الوصيَّة الأولى الَّتي أراد أن يؤكِّد من خلالها أنَّ علاقة المؤمنين في ما بينهم ينبغي أن تبنى على حسن الظّنّ، فلا يحمل ما صدر عنهم من قول أو فعل على السّوء وفيه احتمال للخير، فقال: “ضعْ أمرَ أخيك على أحسنِهِ، حتَّى يأتيك ما يغلبُك منه، ولا تظنّنَّ بكلمةٍ خرجَتْ من أخيك سوءًا، وأنت تجدُ لها في الخيرِ محملاً”، وهذا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. وقد فسِّرت بظنِّ السّوء. نعم، قد تحكم عليه إذا لم تجد أيَّ محمل للخير.
أمَّا وصيته الثانية، فقد أشار بها إلى أحد أصحابه الَّذي قدم إليه بعدما كان في سفر، فقال له: “كيفَ من خلَّفْتَ من إخوانِكَ؟”، فكان ردّه أن أحسن الثَّناء عليهم، وأشار إلى ولائهم للإمام (ع)، فقال له الإمام (سلام الله عليه): “كيفَ عيادةُ أغنيائِهم على فقرائِهم؟”، فقال: قليلة، قال: “فكيفَ مشاهدةُ أغنيائهم لفقرائِهم؟”، قال: قليلة، قال (ع): “فكيف صلةُ أغنيائِهم لفقرائِهم في ذاتِ أيديهم؟”، فقال الرَّجل: إنَّك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا، فقال (ع): “فكيفَ تزعمُ هؤلاء أنَّهم شيعة؟!”. فالشيعة هم المتواصلون المتباذلون المتراحمون الَّذين يسند غنيّهم فقيرهم، ولا يتمايزون بموقع أو بمال.
وفي وصيَّة أخرى له: “ينبغي للمؤمنِ أن تكونَ فيه ثمان خصالٍ: وقوراً عندَ الهزاهزِ، صبوراً عندَ البلاءِ، شكوراً عندَ الرّخاءِ، قانعاً بما رزقَهُ اللهُ، لا يظلمُ الأعداءَ، ولا يتحاملُ للأصدقاءِ، بدنُهُ منه في تعبٍ، والنَّاسُ منه في راحة”.
وقد ورد عنه: “لا تتصدَّقْ على أعينِ النَّاس ليزكّوك، فإنَّك إنْ فعلْتَ ذلك، فقد استوفيْتَ أجرَكَ، ولكن إذا أعطيْتَ بيمينِكَ، فلا تطلعْ عليها شمالَكَ، فإنَّ الَّذي تتصدَّقُ له سرّاً، يجزيك علانية”.
أمَّا وصيَّته الأخيرة الَّتي وجَّهها إلى شيعته من خلال أحد أصحابه: “أقرئْ مَنْ ترى أنَّه يطيعُني ويأخذُ بقولي منهم السَّلامَ، وأوصِهم بتقوى اللهِ، والورعِ في دينِهم، والاجتهادِ للهِ، وصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وطولِ السّجودِ، وحسنِ الجوارِ، فبهذا جاءَ محمَّدٌ (ص)”.
أمَّا حول علاقتهم مع أتباع المذاهب والأديان الأخرى، فقال (ع): “صِلوا عشائرَهم، واشهدوا جنائزَهم، وعُودوا مرضاهم، وأدّوا حُقوقَهم، فإنَّ الرَّجلَ منكم إذا ورعَ في دينِهِ، وصدقَ الحديثَ، وأدَّى الأمانة، وحسُنَ خُلقُهُ مع النَّاسِ، قيل: هذا جعفريٌّ، فيسرُّني ذلك، ويدخلُ عليَّ منه السّرور، وإِذا كانَ غيرَ ذلكَ، دخلَ عليَّ بلاؤُه وعارُه… كونوا دعاةً للنَّاسِ بغيرِ ألسنتِكم، ليروا منكم الورعَ والاجتهادَ والصَّلاةَ والخيرَ، فإنَّ ذلكَ داعية”.. “يا شيعةَ آل محمَّدٍ، اتّقوا اللهَ ما استطعْتم، ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله”.
الولاءُ الحقُّ للإمام (ع)
أيُّها الأحبَّة: إنَّ ولاءنا لهذا الإمام لن يقف عند حدود الانتماء إليه واللَّهج باسمه وزيارته، بل إنّ الانتماء أيضاً بالأخذ بأخلاقه، بقيمة الصِّدق في حياته، والسَّير على هدى وصاياه الَّتي تركها زاداً لنا، في نهجه الحواريّ الَّذي بلغ به القلوب والعقول، ومدّه لجسور التَّواصل مع الآخرين، الَّتي نحن أحوج ما نكون إليها، والَّتي بها نتمثّله ونقتدي به…
لذا، نسأل الله أن يعيننا على الأخذ بهذا النَّهج، نهج الإسلام الأصيل، وأن نكون من المخلصين لهم قولاً وعملاً، ومن المنضوين تحت لوائه، لنحظى بشفاعته وشرف القرب منه، ومن الموقع الَّذي سيكرِّمه الله فيه.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة الإمام جعفر الصَّادق (ع): “أكثروا من الدّعاء، فإنَّ الله يحبُّ من عباده الَّذين يدعونه، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة، والله مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم، عملاً يزيدهم به في الجنَّة. وأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلِّ ساعة من ساعات اللّيل والنَّهار، فإنَّ الله أمركم بكثرة الذِّكر له، والله ذاكرٌ مَنْ ذكرَهُ من المؤمنين. وعليكم بالمحافظة على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين، كما أمر الله به المؤمنين في كتابه من قبلكم. وإيَّاكم أن يبغي بعضكم على بعض، فإنَّها ليست من خصال الصَّالحين، فإنَّه من بغى، صيَّر الله بغيه على نفسه، وصارت نصرة الله لمن بغي عليه. وإيَّاكم أن يحسد بعضكم بعضاً، فإنَّ الكفر أصله الحسد. إيَّاكم أن تشره نفوسكم إلى شيء مما حرَّم الله عليكم، فإنَّه من انتهك ما حرَّم الله عليه ها هنا في الدّنيا، حال الله بينه وبين الجنَّة ونعيمها ولذَّتها وكرامتها”.
أيُّها الأحبَّة، إنَّنا أحوج ما نكون إلى هذه الوصايا، لنهتدي بها، ونجعلها زاداً لنا في الدنيا، وسبيلاً لنا في الآخرة، وبها نعبِّر عن حبِّنا وولائنا لهذا الإمام، ونصبح أكثر وعياً ومسؤوليَّةً وقدرة على مواجهة التحديات.
إرادةُ غزَّة تكسرُ العدوّ
والبداية من غزَّة التي يستمرّ العدوّ في الغرق في رمالها، من دون أن يكون قادراً على أن يحقِّق، ورغم مرور أكثر من مئتي يوم، أيَّ هدف من أهدافه فيها، والتي أعلن عنها منذ بداية حربه.
لقد راهن هذا العدوّ، ومنذ بداية المعركة، على كسر إرادة الشَّعب الفلسطينيّ، باتباعه سياسة القتل والتّدمير بحقِّه، ودفعه إلى التنازل عن حقوقه المشروعة، ولكنّه فوجئ بإرادة هذا الشَّعب وصبره وصموده، فهو رغم الجراح والآلام والتَّدمير، لم يهن ولم ينهزم، ما أربك هذا العدوّ، ونقل المعركة إلى داخل كيانه، وهو الَّذي عبَّرت عنه تصريحات قادته العسكريّين والأمنيّين، واعترافهم بفشلهم في إدارة المعركة، وعدم قدرتهم على تحقيق النَّصر الحاسم فيها، والاستقالات الَّتي جرت مؤخّراً، والَّتي يبدو أنها ستتوالى، وتصاعد التّظاهرات الشعبيَّة، والتي باتت تشكِّل ضغطاً على كيان قادة العدوّ ومجلس حربه.
أمّا الدول الداعمة لهذا الكيان، فقد باتت تضيق ذرعاً به، بعدما بدا عاجزاً عن تحقيق الأهداف الّتي أعلنها، رغم كلِّ المهل التي أعطيت له، والإمكانات والتغطية التي تأمَّنت له، حتى أصبح العدوّ موضع إدانة من العالم، حتى وصل الأمر إلى رفع دعاوى ضدّه، فيما أخذت المحكمة الدوليّة تلوّح بمحاكمة قادة العدوّ، وهم راحوا يستجدون الولايات المتحدة للضّغط على هذه المحكمة لمنع صدور أحكام بحقّهم.
في هذا الوقت، تستمرُّ المفاوضات الَّتي يسعى الكيان إلى أن يحقِّق من ورائها ما لم يستطع أن يحقِّقه في الميدان، من دون أن يبدي أيَّ استعداد لإعطاء الشَّعب الفلسطيني حقَّه في إيقاف نزيف الدَّم والدَّمار، والعودة الطوعيَّة إلى أرضه، وفكّ الحصار المطبق عليه…
إنَّنا أمام ما يجري، نحيِّي كلَّ الَّذين يقفون اليوم مع هذا الشَّعب، عبر المواقف الَّتي تدين هذا العدوّ، أو عبر المسيرات، أو ما نشهده من اعتصاماتٍ طلابيَّةٍ في العديد من الجامعات الأميركيَّة الدَّاعم الأساس لهذا الكيان، والَّتي امتدَّت إلى فرنسا وبريطانيا، رغم القمع والاعتقالات والطَّرد من الجامعات، والتَّشويه الَّذي يتعرَّض له الطلَّاب في تحركهم، وهو ما يشكِّل إدانةً لهذا الكيان وللدّول الَّتي تدَّعي التزامها بالحريَّة وتدين من يخالفها.
في هذا الوقت، نجدِّد دعوتنا الفصائل الفلسطينيَّة إلى الاستجابة لكلِّ الدَّعوات الَّتي تعمل على توحيد الصّفّ الفلسطيني، لمواجهة التحدّي الَّذي يواجهه هذا الشعب من كيان العدوّ الَّذي يريد الإجهاز على القضيَّة الفلسطينيَّة بأكملها، وهو لا يفرِّق بين فصيل فلسطيني وآخر.
الوحدةُ في مواجهةِ العدوّ
وننتقل إلى لبنان، الَّذي تستمرُّ المقاومة فيه بأداء دورها في مساندة الشَّعب الفلسطيني وبالحدود الَّتي رسمتها، بإشغال الكيان الصهيونيّ، مع الحرص على إبقاء المعركة بالحدود الَّتي هي عليها، وفي الردّ على اعتداءاته على قاعدة السنّ بالسنّ والعين بالعين، ومنعه من تحقيق الأهداف الَّتي يسعى إليها، والتي تمسّ السِّيادة اللّبنانيَّة، والعمل بسياسة الرَّدع في مواجهته، وأنَّه لن يكون في نزهة إذا شنَّ حرباً واسعة على لبنان.
في هذا الوقت، تستمرّ حركة الموفدين الدّوليّين، وكان آخرها ما جاء به وزير الخارجيَّة الفرنسي. ونحن في الوقت الَّذي نرحِّب بأيّ مبادرة تسعى لمساعدة لبنان وإيقاف الحرب عليه، فإنَّنا، للأسف، ما زلنا نرى أنَّ حركة الموفدين لا تزال تأخذ في الاعتبار إخراج العدوّ من مأزقه، بإيقاف المعارك على الحدود الفلسطينيَّة اللّبنانيَّة وإعادة مستوطني كيانه، من دون الالتفات إلى معاناة الشَّعب اللّبناني من هذا العدوّ وما قد يعانيه، أو أن تأخذ في الاعتبار السَّبب الَّذي دفع المقاومة لفتح هذه الجبهة والدَّور الذي تقوم به، ما يدعو إلى العمل على معالجة جادَّة لهواجس اللّبنانيين ومعاناتهم، وعدم الاكتفاء في الأخذ بهواجس العدوّ.
ونحن، في ذلك، نشدِّد على أهمية الموقف اللبناني الموحَّد في مواجهة هذا العدوّ، وفي التعامل مع كلِّ الطروحات التي يأتي بها الموفدون من الخارج.
ملفُّ النّزوحِ السوريّ
أمَّا على صعيد النزوح السوري، فقد بات هذا الملفّ يحتاج إلى معالجة جادّة، نظراً إلى التَّداعيات التي يتركها على أكثر من صعيد، وهو لا يتوقَّف على البعد المالي، كالَّذي يتمّ التّداول به من قبل الاتحاد الأوروبي وإغراء اللّبنانيّين به، بل معالجة أسبابه، وتنظيم هذا الوجود بما لا يترك أيّ تداعيات على الداخل، والهواجس الَّتي تحدث من ورائه والخشية من تفاقمها، مما يخلّ بالعلاقة بين اللّبنانيّين والنَّازحين السوريّين.
الأمنُ الاجتماعيُّ في خطر
ونبقى عند ما جرى أخيراً من اعتداءات بحقّ عدد من القاصرين، والتي أشارت إلى مدى الخطر الّذي يهدّد الساحة اللبنانيّة على الصعيد الأخلاقي، ما يستدعي استنفاراً من قبل الأهل لأداء دور الرّقابة على أولادهم، ومن كلّ العاملين في الشَّأن التربوي والاجتماعي والدّيني، لمواجهة تفشّي هذه الظَّاهرة، ولا بدَّ للدولة من تحمّل المسؤوليَّات الجسام، حرصاً على الأمن الاجتماعي لهذا البلد وسلامة أبنائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى