هل تُسَلّْمُ المقاومة سلاحها ؟؟!!! بقلم الدكتور حسن عاصي

أشْهُرٌ من الحرب … أشهر من القتل والتقتيل ، أشهر من الهمجية والوحشية، أشهر من الغطرسة والرعونة و التفلت من كل شرع و قيد ومنطق وقانون .
بالمقابل مقاومة مقاومة، شهادة واستشهاد، تضحية وفداء، وطن ووطنية وقدسية وصلاة .
حطت الحرب أوزارها وبدأت الحرب النفسية، بدأ الخداع و ((( الدبلوماسية ؟!!)))، بدأ الإلتفاف على النصر ومحاولة مصادرة الإنتصار :
فريق رأى في انتصار المقاومة قذىً في عينه وشوكة في حلقه، فراح يتبنى المطالب الأميركية والصهيونية بتسليم المقاومة سلاحها، إلى درجة أنه يستعجل بوضع برنامج زمني لذلك .
فريق آخر وهو المجاهد والمقاوم والمضحي والمنتصر، يتأبط سلاحه منتعلا حياته ذوداً عن ثرى وطن ودفاعا عن قداسة أرض، و تطلعا إلى عزة و كرامة … إلى أنفة وكبرياء .
تُرَى إْلامَ الإتجاه : إلى أين نميل منطقا وشرعا و واقعا ؟ و احتكاما إلى الأعراف و التاريخ وإلى تجارب الشعوب و الأمم ؟!
لقد أفاض باحثات وباحثون منذ حين على إدراج تجارب شعوب و أمم تخلّت عن سلاحها و ركنت إلى ما طلبه منها المستعلون و المتسلطون، فكانت النتيجة مجازر و مجازر و مجازر …
لا داعي للإطالة واستعراض تلك الخيبات، وإنما نعرض تجربة ” الذئب و الحمل ” التي كتبها ” لافونتين ” ( 1621 – 1695)، وردت تحت عنوان Fables de La Fontaine خرافات لا فونتين، إنها حقائق وحقائق دامغة دون التطرق إلى الكلام عن سبب إيرادها على ألسنة الحيوانات كما سبقه إليها ” إبن المقفع ” في كتابه الشهير ” كليلة و دمنة ” .
نورد قصة الذئب والحمل التي ترجمها إلى العربية نظما الأب نقولا أبو الهنا و نشرت في ضمن مجموعة ” الأمثال والحكم في آداب الشعوب والأمم ” الصادرة عن دار المواسم للطباعة والنشر والتوزيع العام 1995 في بيروت ، تحقيق الدكتور حسن عاصي ( القصة العاشرة في كتب لافونتين الأربعة ، ص 41 ) .
الذئب والحمل
حجة الأقوى هي الفُضلَى
سترى البرهان في هذا المثل
كان يوما حمل يروي الظما
من معين سلسل مثل العسل
طلع الذئب عليه بغتة
وهو غرثان (جوعان) به الجوع اشتعل
فتجنّى ذلك الضاري على
وارد الماء ولم يَخْشَ العذل
قال : ” قد عَكّرت وِرْدي يا حمل
إن هذي جرأةٌ لاتُحْتمل ”
فأجاب الحمل المسكين : ” لا
تحتدم مولاي غيظا بالعجل
وانظُرنّي واردا في صَيّْبٍ
بخُطىً عشرين عنك في الأقلّ
فَمُحالٌ أنني عَكَّرتُ من
موضعي منهل مولاي الأجلّ ”
قال : ” بل عكَّرتَهُ يا وقِحاً
منذ عامٍ سبَّني سبّاً جلَلْ ”
قال : ” إني منذ عامٍ لم أَكُنْ
فأنا اليوم رضيعٌ لم أَزَلْ ”
قال : ” إن لم تَكُ أنت المعتدي
فأخوك الجاهل الغِرُّ فَعّلْ ”
قال : ” يا مولاي مالي إخوةٌ ”
قال : ” ذو قُرْباك ، فاقطعِ الجدل ”
لم تُراعوا حرمتي يوما و لم
تبرحوا تبغون كيدي بالحٍيَلْ
أنتمُ مع كل راعٍ لِكُمُ
و الحوامي ( الكلاب ) كلكم قتلي استحلّْ
فأنا أطلب ثأري عادلا
منكمُ و الثأر في شرعْيَ حَلّْ
قال هذا ثم كانت وثبةً
منه فانْدَقَّتْ بها عُنْقُ الحمل
و مضى يحمله من فَوْرْهْ
نحو غابٍ و لَهُ ثم أكلْ
لم يُقْمْ في تلكُمُ الدعوى سوى
حُجَّةٍ زاغت و بالفلج (الغابة) قَفَلْ