محفوظ: العماد رودولف هيكل وتاريخ المؤسسة العسكرية وبناء الدولة

وطنية – قال رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ في بيان:” عندما تلتقي قائد الجيش العماد رودولف هيكل تكتشف أنك أمام شخصية مختلفة مميزة وهادئة وتصغي إليك جيدا، وتمنحك خصوصية. فهو لا يشرك أحدا من فريق عمله، ويناقش الأفكار المطروحة بعمق ويحيط بأبعاد المشكلات المطروحة على اختلافها. وفي الشأن العسكري متمكن ويعرف تماما ما يذهب إليه من مسار تحيطه الصعوبات ومن حسابات دولية واقليمية ومن مرامي اليمين الديني اليهودي في التوسع الجغرافي وفي الهيمنة”.
أضاف:”قارئ متعمق في التاريخ اللبناني ونشأة الدولة فيه. الدولة التي أعاقت الطائفية السياسية قيامها ولا زالت. والإعاقة كانت تأتي دائما من فوق. من جانب الزعامات المتحكمة بالسلطة. وهو ’’شهابي‘‘ ولا يقول ذلك. لكن أنت تستنتج الأمر عندما تشير أن الرئيس اللواء فؤاد شهاب هو الوحيد الذي حاول أن يبني دولة المؤسسات. فيستنتج هو أن النظام الطائفي كان أقوى منه حيث تحالفت الزعامات ضده وعطلت المؤسسات. فبناء الدولة غير ممكن بدون مشاركة قاعدة شعبية من كل المكوّنات وتستند إلى بناء القواسم المشتركة وتعزيزها وهذا يتطلب حاليا الوقت. لا تبالغ إذا قلت إنه وطني بامتياز وغير طائفي ولا ينتمي إلى طبقة الأثرياء. كما يعرف جيدا حجم معاناة الناس في الاقتصاد والاستشفاء وكلفة المعيشة والسكن والفساد وأقساط المدارس والجامعات والرواتب ومعهم رواتب جنوده وضباطه وكون جيشه يحتاج إلى تسليح حقيقي. همّه الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية وعلى دعم الرأي العام لها وابتعادها عن الاصطفافات والانقسامات الداخلية. فهو يريد أن يجنبها عن قناعة أن تكون طرفا في أي نزاع محلي بين المكوّنات. وهو لا يستبعد في حساباته أن تغذي إسرائيل الانقسامات اللبنانية وصولا إلى الفتنة الأهلية. من هنا في مراجعته لتاريخ المؤسسة العسكرية يتوقف طويلا عند المعطيات التي استتبعت ضعفها أو تهميشها وكيف يمكن تجاوز ذلك”.
تابع:”في العلاقة مع الرأي العام يغذي فكرة أن المؤسسة العسكرية هي ضامنة الاستقرار والوحدة. وهذا ما يريده اللبنانيون عموما وما يقتنعون به. ولذا ثمة مكانة خاصة لرودولف هيكل في تفكيرهم العميق. أما من يستطيع ان يُعمّق هذه ’’العلاقة‘‘ الخاصة بين قائد الجيش والرأي العام واستنادا إلى التجربة فهو: من جهة النخب الفكرية والثقافية والنقابية والاجتماعية والجمعيات والنوادي… وهؤلاء جميعا مبدئيا ينتمون في الأساس إلى الطبقة المتوسطة التي اختفت من ’’اللوحة الاجتماعية‘‘ بسبب سياسات الافقار والرواتب المتدنية ما يجعلها أكثر شجاعة للإنحياز إلى ’’حاملة اجتماعية‘‘ لبناء الدولة وجعل خيارها المؤسسة العسكرية. ومن جهة ثانية الاعلام الذي يسوّق السياسات والسياسيين ويوجّه الرأي اعام ويصنّعه عبرالصوت والصورة والكلمة. وفي هذا السياق لا ينبغي المبالغة. ذلك أن هناك مؤسسات اعلامية تابعة لمن هم في السلطة السياسية. ومصلحة المؤسسة العسكرية ’’تحييدها‘‘. وهناك أيضا مؤسسات مموَّلة من الخارج وتلبي سياسات الدول المموِّلة. كما هناك غالبية من المؤسسات الاعلامية لا تتبع لأحد وهي مستقلة وأكثرها انتشارا هو في الاعلام الالكتروني الأقل كلفة في الاعلام. والوزن الحقيقي للاعلام الالكتروني ولاعلام التواصل الاجتماعي أنه اعلام اللحظة واعلام المعلومة السريعة واعلام الانتشار واعلام الذكاء الاصطناعي كما هو اعلام الاشاعة. هذا الإعلام الالكتروني في توجّهه العام يساند المؤسسة العسكرية. ذلك أن بين مالكيه هناك 700 شاب وشابة وهؤلاء يبحثون عن مصيرهم ومستقبلهم ولا يريدون الهجرة. وملاذهم بناء الدولة وإقامة المدينة الاعلامية التي تستوعب ما يزيد على 3000 صحافي ومخرج ومصوّر وتقني كما تعود بما يزيد على 6 مليار دولار لصالح الخزينة اللبنانية باعتبار لبنان يتبنى حرية التعبير والاعلام الحر المسؤول ما يشجع على توظيفات مالية عربية خصوصا إذا أتاحت الدولة اللبنانية تملّك العرب لأسهم على أن تكون المرجعية للقانون اللبناني”.
ختم:”بالتأكيد يمكن أن يشكو العماد رودولف هيكل من الأخبار الكاذبة والإساءة إلى المؤسسة العسكرية وإلى النقد السلبي، لكن هنا يأتي دور السلطة السياسية في اتخاذ التدابير لمواجهة المخالفات ومعها أيضا القضاء. وهنا أيضا ثمة تقصير. ولا بد من اتخاذ المبادرة. فالمستقبل المضيء يرتبط بحضور المؤسسة العسكرية كفاعل رئيسي. وهذا ما يعلّمنا إياه تاريخنا اللبناني القريب والبعيد”.






