السيد نصرالله شهيد الإنسانية والوحدة العابرة لحدود الدين والدنيا في معركة نصرة الحق والحرية بفلم د. شريف نورالدين
بتاريخ: ٢٩ / ٩ / ٢٠٢٤
السيد نصرالله شهيد الإنسانية والوحدة العابرة لحدود الدين والدنيا في معركة نصرة الحق والحرية
في زمن الصمت العالمي الرهيب، والخنوع الدولي الغريب العجيب، ووحشية تجاوزت كل زمن وتاريخ وظالم،وجبار، ومتعالي، ومتكبر ومتعجرف على كل القيم والحقوق والعدالة والمساواة، في ظل تتصاعد فيه أصوات الظلم والاحتلال، برز سماحة السيد حسن نصرالله كقائد يجسد الأمل والكرامة، حيث خاض معركته من اجل نصرة الحق ومقارعة الباطل، بكل شجاعة وإيمان.
سياسيا؛ الأمين العام لحزب الله اللبناني سماحته، يعتبر واحداً من أبرز الشخصيات السياسية في المنطقة، وله مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية. م
نذ سنوات، يعبر نصرالله عن دعمه القوي لفلسطين والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
حزب الله، بقيادة نصرالله، يربط علاقته مع فلسطين بناءً على محور المقاومة الذي يضم إيران وسوريا وبعض الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي.
سماحته؛ يشدد في خطبه على أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية لحزب الله وللمسلمين بشكل عام، ويدعو إلى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي. ويعتبر أن الصراع مع إسرائيل ليس فقط صراعًا سياسيًا، بل صراع وجودي وأيديولوجي، ويصر على رفض أي تسويات سلمية لا تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
كما أن نصرالله يعزز التعاون العسكري بين حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية، مما يجعل لحزب الله دوراً رئيسياً في دعم المقاومة الفلسطينية، سواء من خلال تقديم التدريب أو السلاح.
أما مواقف السيد حسن نصرالله تجاه فلسطين تندرج ضمن رؤية أوسع تهدف إلى تعزيز محور المقاومة في مواجهة النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.
وجدانياً؛ فلسطين تحتل مكانة خاصة لدى السيد حسن نصرالله ولدى حزب الله بشكل عام.
بالنسبة لسماحته، فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية وجدانية ودينية وإنسانية.
يعتبرها قضية الأمة ومقدسة، حيث أن القدس تمثل له، رمزاً دينياً مهماً للمسلمين والمسيحيين على حد سواء.
في خطاباته، يظهر سماحته ارتباطه العاطفي العميق بالقضية الفلسطينية، ويعتبر أن دعم فلسطين واجب ديني وأخلاقي قبل أن يكون سياسياً.
كما حديثه عن معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وكفاحه المستمر، ويصفها بأنها جزء من كفاح الأمة الإسلامية ضد الظلم والاضطهاد.
سماحته يرى في فلسطين جرحاً مفتوحاً في جسد الأمة، ويستدعي التاريخ الديني والوطني للتأكيد على ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى استعادة حقوقه.
لذا، فإن التضامن مع فلسطين بالنسبة له ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تعبير عن ارتباط وجداني عميق يتجذر في القيم الدينية والأخلاقية التي يؤمن بها.
هذا الارتباط الوجداني يظهر جلياً في التزام حزب الله بالمقاومة ضد الكيان وتقديم الدعم المستمر للفلسطينيين، وبالنسبة لسماحته،تحرير فلسطين هو جزء من تحقيق العدالة واستعادة الكرامة للأمة الإسلامية ككل.
وفي لحظة من لحظات التاريخ، توقف الزمن وتوقفت قلوب الملايين عن النبض، ليس لأنها فارقت الحياة، بل لأن صوتاً لطالما كان نبض الأمة قد غاب، حينما أقدم العدو على جريمة وحشية هزّت وجدان الأمة، باغتيال قائدٍ حمل راية المقاومة بصدق وإخلاص.
كان اغتيال السيد حسن نصرالله فعلاً يتجاوز ليس مجرد تصفية جسدية؛ كان محاولة لاغتيال روحٍ متجذرة في قلوب الملايين.
بوحشية لا تعرف حدوداً، أقدمت آلة الاغتيال على إسكات صوتٍ طالما كان يصدح بالحق، في محاولة يائسة لقتل الرمز الذي تحدى الاحتلال لعقود، لكن دمه المسفوك لم يكن إلا بذرة أخرى تُنبت ألف مقاوم في وجه الظلم.
اغتال العدو، الرجل الذي حمل فلسطين في قلبه قبل أن يحمل السلاح، وقدم روحه ودمه قرباناً لأجل الأرض التي عانت طويلاً تحت وطأة الاحتلال.
لم يكن السيد حسن نصرالله مجرد قائد عسكري أو زعيم سياسي، بل كان رمزاً لعاطفة الأمة، صرخة وجدانها، وبوصلة ضميرها.
فلسطين كانت تسري في عروقه، كما تسري الدماء، وكأنها جزء من كيانه الذي لم يعرف الخنوع يوماً.
لم يكن صوته حين يتحدث عن فلسطين مجرد كلمات، بل كانت أصداء التاريخ والآمال المنسوجة بدماء الشهداء ودموع الأمهات، تتردد عبر كل بيت، وتغرس في كل قلب وعداً بأن فلسطين ستعود يوماً، مهما بلغت التضحيات.
وحين جاء اليوم الذي أبت فيه الروح إلا أن تتحدى الغدر، لم يكن في هذا سوى إتمام لرسالة حملها في قلبه منذ البداية.
فكيف لقلبٍ امتلأ بفلسطين أن يتوقف عن النبض إلا ليكون النبض الأخير شهادةً للعالم بأن فلسطين لا تنسى ولا تموت؟
بدمه الطاهر، خط سماحته آخر سطر في مسيرة مليئة بالتضحيات، وكأنه يقول؛ إن لم أكن أنا، فسيكون دمي منارةً لكم يا أبناء القدس، يا حراس الحلم.
كان نصرالله يرى في تحرير فلسطين نهاية كل ظلم، وكانت فلسطين ترى فيه آخر الفرسان، الذي لا يهاب المعارك ولا يخاف النهاية.
واليوم، وإن غاب الجسد، فإن روحه ستظل حاضرة في كل بيت مقاوم، في كل حجر يقذف ضد الاحتلال، وفي كل نبض قلب يتطلع إلى يوم التحرير.
قد اغتالت إسرائيل السيدحسن نصرالله، لكنها لن تستطيع اغتيال ما زرعه من حبٍ لفلسطين في قلوب الملايين.
هو دمه؛ اختلط بدماء شهداء فلسطين، كما تختلط الأنهار في مجرى واحدٍ لا يعرف التفرقة ولا الحدود. كان دمه حين سُفك عنواناً لوحدةٍ تمتد عبر الأمة، راب صدعاً عربياً مزّقته الخلافات، وأطفأ جذوة الانشقاق المذهبي الذي طالما استخدم لتمزيق الصفوف.
في تضحيته بنفسه، تجسدت رسالة سامية: أن فلسطين ليست قضية شعب أو مذهب، بل قضية كل قلب ينبض بالعروبة والإسلام. لقد خط نصرالله بدمه جسراً يربط القلوب المتفرقة، ليقول للعالم إن التضحية من أجل فلسطين قادرة على توحيد الأمة من المحيط إلى الخليج، رغم كل العواصف والانقسامات.
ففي رحيله، كما في حياته، ظل رمزاً للصمود، رجلًا قدم روحه ودمه في سبيل القدس، وفي سبيل أن تبقى فلسطين حرةً، وعزيزةً، وأبيةً كما أرادها أن تكون.
لقد كان نصرالله رمزاً للإنسانية والوحدة، يجمع بين قلوب الناس بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الثقافية، مدافعًا عن الحق والحرية. بدمه وتضحياته، ترك بصمةً خالدة على طريق النضال، لتظل ذكراه محفورة في وجدان كل من يسعى إلى العدالة. في مسيرته، أصبح نصرالله شهيد الإنسانية، الذي علمنا أن النضال من أجل الحق يتجاوز الحدود ويجمع كل الأحرار في مواجهة الظلم.
وفي النهاية، حين غاب جسد السيد حسن نصرالله عن الدنيا، بقيت روحه تسري في كل ركن من أركان الأرض، تُلهم كل مناضل وكل مظلوم.
تضحيته لم تكن مجرد فصل في قصة نضال، بل تحولت إلى رمز خالد، يجمع حوله كل من ينشدون الحرية والعدالة، من فلسطين إلى أقاصي الأرض. برحيله، لم تنكسر راية المقاومة، بل ارتفعت أعلى، شامخة بالدم الذي سال من أجل فلسطين ومن أجل الوحدة.
نصرالله لم يترك وراءه مجرد إرثٍ من التضحيات، بل ترك شعلة أضاءت الطريق للأجيال القادمة. في كل قلب ينبض بحب فلسطين، وفي كل يد تقبض على حجر أو سلاح ضد الظلم، يحيا السيد حسن نصرالله كرمزٍ للعزة والكرامة.
لقد وحد بدمه الممزقين، وأعاد للأمة وجهها الواحد، القادر على تحدي الاحتلال والظلم بكل أشكاله.
على مدار الزمن، سيبقى اسمه محفورًا في قلوب الأحرار، وسيذكر التاريخ أنه في لحظة من الزمن، قدم سماحته روحه ليبقى الحق خالداً. من خلال تضحيته، تحولت فلسطين إلى رمزٍ عالمي للنضال، وأصبح السيد نصرالله عنوانًا عالميًا لدعم المظلوم، يقف شامخاً في ضمير الإنسانية، يروي قصته لكل من يؤمن بأن العدل والحرية يستحقان كل تضحية، حتى لو كانت الروح هي الثمن.