بأقلامنا

عودة الى انفجار مرفأ بيروت بقلم المستشار خليل محمد الخليل

ترددت كثيرا قبل ان اكتب هذه الأسطر وهي من باب التحليل وربط الأخبار ببعضها البعض وليس من باب المعلومات المؤكدة ، لأني اعرف حجم الخبر كيف يتناقله الناس وهناك مثل لبناني يقول ( بيعملوا من الحبة قبة )، اذ اني واثناء ظيفتي اصطدمت كثيرا بمن يضخمون الخبر او يصيغونه وفقا لمصالحهم وكنت حريصا على ان اقول للمتعاون اعطني الخبر كما هو دون تحليل وانا كفيل بتحليله، وكنت اربط الأمور ببعضها البعض واستخلص النتائج وقلما اخطأت بنتيجة …
عودة الى انفجار مرفأ بيروت كنت أول من تجرأ وكتبت مقالا بعد اتصالي بخبير متفجرات صديق، كانت اتصلت به محطات تلفزيونية عديدة للوقوف على رأيه كخبير الا انه رفض ان يصرح لأي وسيلة اعلامية، ولكن نظرا للصداقة التي تربطنا اكد لي ان مادة النترات لا يمكن ان تنفجر الا بصاعق او بقصق صاروخي…
نقل موقع النشرة اليوم ان مادة النترات التي كانت في العنبر رقم ١٢( ووفقا للتقرير الذي سبق أن أجرته ​مديرية المخابرات في الجيش اللبناني في تشرين الأول من العام 2015، في حينها كلف الجيش خبيراً عسكرياً عملية الكشف على المواد، وسحب عينات منها، وفحصها في معهد البحوث الصناعية ليتبين أن نسبة مادة الأزوت المتفجرة الموجودة في النيترات تبلغ 34،7% علماً ان النسبة المسموح بها قانوناً لإستيراد نيترات الأمونيوم المستعمل في الأسمدة الزراعية، لا يجب أن تتخطى11%).
وهذا يعني ان النترات كانت معدة للتفجير وليس للإستعمال كسماد زراعي.

 

لن اقف عند امر كيف دخلت هذه المواد الى لبنان ولا الى اين وجهتها في موزبيق مع العلم ان هناك معلومات وردت تفيد عن نفي هذه الدولة ان النترات كان متوجها اليها. انما سنقف عند تساؤل : من صاحب هذه المواد التي يبلغ ثمنها اكثر من مليون دولار وتخلى عنها بكل هذه السهولة دون ان يطالب بها او بثمنها على الأقل ؟ !!!.

تقارير ومقالات تناقلها الإعلام الروسي تضمن ما خلاصته ان كمية النترات التي فجرت في مرفأ بيروت لم تكن ٢٧٥٠ طن وانما اقل من ذلك بكثير وذهب الرأي الى انها نهبت فمن هو الناهب؟ وفي وجهة تم استخدامها ؟

 

موقع الكتروني سوري معارض (الحقيقة syriatruth.info ) كان قد نشرعام 2013 اي قبل حوالي ست سنوات خبرا فيه تفاصيل مثيرة عن كيفية ادخال النترات الى بيروت وانها احضرت الى لبنان لتسليمها لجهات مسلحة في سوريا للقيام بعمليات تفجيرية، فهل ما نهب من هذه المواد هرب الى سوريا فعلا؟

هل كان ضمن هذه المواد صواعق للتفجير وعند تلحيم الحديد في العنبر ١٢ انفجر احد هذه الصواعق وادى الى هذه النتيجة الكارثية؟
تناقل رواد التواصل الإجتماعي صورا فوتوغرافية نشرتها على صفحتها الإعلامية ديما صادق كانت التقطتها بنفسها او عبر وسيط للعنبر المذكور قبل التفجير بأيام. وهنا نسأل لماذا التقطت هذه الصور وما الغاية من التقاطها ولماذا تم نشرها؟
نشرت صور فوتوغرافية لفريق العمل الذي كان يفتح باب العنبر رقم 12 قبل وقت قصير من التفجير بالإضافة الى الفريق الذي كان يقوم بالتلحيم , فمن هي الجهة التي قامت بالتصوير وما هي الغاية منها وهل هكذا اعمال بحاجة للتصوير , علما ان الصور المتلقطة لا علاقة للأشخاص الموجودين فيها لأنهم يديرون ضهورهم ولو كان لهم علاقة بها لكانوا اظهروا وجوههم ؟

تقارير تشير الى انه لم يسجل تحليق اي طيران صهيوني في الأجواء اللبنانية قبل ولحظة حصَول الانفجار !
وهنا يمكننا ان نسأل اليس من الممكن ان يقصف المرفأ من اجواء قبرص مثلا كما تفعل الطائرات الصهيونية حين تقصف دمشق من سماء الجولان او من سماء الجنوب اللبناني او تم التفجير بواسطة درون صغيرة لا يمكن للرادارات ان تكشفها ؟
هنا بات الشك يتعزز بوجود احتمالين الأول وجود صاعق بين مادة النترات التي كانت تهرب على الأرجح الى سوريا انفجر لحظة التلحيم واعتقد ان هذا الإحتمال ضعيف والإحتمال الأقوى هو ان اسرائيل ضالعة في هذه العملية.

الرئيس الأمريكي ترامب فور حصور الإنفجار ووفقا لمعلومات جنرالاته تحدث ان الإنفجار كان بواسطة قنبلة .

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قام بجولة تفقدية على مرفأ بيروت خلال العام 2019 والأكيد انه قبل زيارة اي مسؤول لبناني لمكان ما يتم تفتيشه تفتيشا دقيقا بواسطة خبراء المتفجرات واجهزتهم وبواسطة كلاب بوليسية مدربة فهل فعلا حصل التفتيش قبل الزيارة ام لم يحصل وما كانت نتيجته وهل تم الكشف على العنبر رقم 12 من ضمن عملية التفتيش ؟ هل كان الرئيس الحريري معرضا للخطر لحظة وجوده في المرفأ مع فرضية حصول التفجير ؟

الرئيس الفرنسي ماكرون كان سباقا بالحضور الى لبنان وبالطبع لديه ضؤ اخضر بالحضور من حليفه الأمريكي ومن ادارة ترامب بالتحديد، فنزل الى الشارع ووقف بين الناس وصرح تصريحات امام المسؤولين اللبنانيين ذكرتنا برستم غزالة وغازي كنعان ايام الحقبة السورية، وبسحر ساحر جمع كافة الأقطاب السياسية اللبنانية المتناقضة وهي التي كان من المستحيل جمعها رغم المساعي التي بذلت سابقا في هذا المضمار .
والأغرب من كل ذلك هو اجتماعه منفردا برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وبقي الحديث الذي دار بينهما سريا ولم يتسرب لأي وسيلة اعلامية… وهنا مربط الفرس… اذا كيف يجتمع رئيس فرنسا بنائب يمثل منظمة ارهابية بنظر امريكا وبريطانيا والمانيا والكثير من الدول الأوربية؟ وما هو مضمون الحديث بينهما؟

اعتقد ان اسرائيل قصفت مستودع النترات، ولم يكن في حسبانها ان حجم الأضرار سيكون كارثيا وبهذا الحجم من الشهداء والجرحى والمفقودين والدمار الهائل فسارعت الى نفي علاقتها بما حصل على لسان اكثر من مسؤول وذلك خشية من تعرضها للملاحقة القانونية الدولية , اذ يندرج هذا العمل في اطار جريمة حرب بكل ما للكلمة من معنى،لا بل ذهبت الى ابعد من ذلك اذ عرضت تقديم المساعدة للشعب اللبناني وانارت بلدية تل أبيب بالعلم اللبناني اسوة بباقي دول العالم مع انها تقوم بقتل الشعب اللبناني منذ العام 1948 بدون اي شفقة ورحمة ولا تميز بين عكسري ومدني او بين رجل وإمرأة وطفل ، واستغاثت بأمريكا خوفا من ردة فعل المقاومة فسمحت امريكا لماكرون بحرية التحرك، فكان صريحا مع رعد وطلب منه التهدئة والتروي وعدم الرد على اسرائيل مع وعود مؤكدة بالمساعدة بتشكيل حكومة وفاق وطني ومساعدة على لملمة الجراح واغاثة المنكوبين وايوائهم قبل بداية موسم الشتاء مع تقليص حجم الحصار على لبنان واللبنانيين وبوشرت تنفيذ الوعود من مساعدات فورية من دول كانت بالأمس القريب ترفض مد يد العون للبنانيين بحجة التخوف من ان تصل المساعدات ليد الحزب وكرت سحابة المساعدات ووصلت الى المؤتمر الدولي الإفتراضي الذي عقده ماكرون مع زعماء دوليين كانت حصيلته نحو ٣٠٠ مليون دولار.وأمام هذه التبدلات بالسياسة الأميركية الأوروبية وحتى العربية الخليجية رأينا اول التغييرات هي استقالة حكومة الرئيس حسان ذياب وهي الخطوة الأولى بالتغيير المطلوب دوليا تمهيدا لزيارة ماكرون التي اعلن عنها وحدد تاريخها بشهر ايلول القادم ليرى ماذا صنع اللبنانييون .ومن الملاحظ انه رغم الدمار الهائل وفقدان اهراءات القمح الا اننا لم نر ازمة خبز , وحتى ازمة البنزين التي كانت مفتعلة لم تبق وكأنها لم تكن .

لا اعتقد ان التحقيقات التي تجريها الدولة اللبنانية سيكون فيها اي ادانة للكيان الصهيوني واخشى ما اخشاه ان يكون توجه حاملة الطائرات الفرنسية ومن ثم البريطانية الى السواحل اللبنانية ليس لتقديم المساعدات للمتضررين وانما لأسباب اخرى فيها نوع من عرض العضلات .وهنا لا بد ان نذكر ان محور المقاومة الداخلي لم يكن متصلبا ولا حتى متمسكا بحكومة الرئيس ذياب فهل حكومة يرأسها سعد الحريري مباشرة او بالواسطة ستكون هي الكفيلة بمنع انزلاق البلد الى صراعات دموية مذهبية جديدة حين صدور حكم المحكمة الدولية بقضية مقتل الرئيس رفيق الحريري ؟

للننتظر تاريخ 18 آب فإن لم يكن هناك انفراجات فستعم الفوضى لما بعد الإنتخابات الأمريكية .على امل ان يكون الإنفجار الجريمة هو فداء للبنان وبداية لقيامته من جديد .

قلم حر \ خليل الخليل

زر الذهاب إلى الأعلى