بأقلامنا

بعض من هذه الأرض المعطاء المحروسة بالحبر والشهداء بقلم عباس عيسى

هكذا يرحل الأحبة، يمضون بصمت في هذا الزمن الصاخب، والضجيج الفارغ..
ينسلّون من جوارحنا وجراحنا، تراهم تعبوا من عوالمنا العبثية المسكونة بالمرارات والأوجاع،
فأشهروا الغياب بلا حسرة أو مناديل وداع.!.
وها نحن اليوم نفتقد قامة من قامات وقيم صور والجنوب والوطن ،المناضل والمربي الأستاذ محمود شعبان ( ابو هيثم) هذا الصوريّ حتى المغالاة والوطني حتى آخر حدود الانتماء والعروبي الذي نذر نفسه لقضايا أمة حملت تعاليم السماء..
ابو هيثم عشق تلك المدينة منذ الولادة حفظ حاراتها ورمل شطآنها وشواهد قيامتها، له مع النوارس حكاية مع تعب الصيادين مع نادي التضامن وزمن النصال القومي، مع الامام الصدر ونهضته التي آمن بها الراحل، ولما قصدته من أجل شهادة في مسيرة الإمام لكتاب أحضّر له ،كتب أجمل كلام عن أجمل إمام..!
الاستاذ محمود شعبان الذي وزع آخر سنوات العمر بين الرسالة التربوية ونادي التضامن، كان دائما مهجوسا بالنور ومساحات الضوء، يريد أن يعطي أن يوسِّع من هامش البصمة التي يريدها على وجه هذه الحياة التي يحكمها التصحر والبوار..
لم يضعفه المرض بقي مظللا بالثقافة وفي المسافة الفاصلة بين جلسات المستشفى كان يلوذ بكتبه..
لطالما دعاني للاطلاع على صنوف الكتب في مكتبته التي كان يشرب قهوته قبالتها ويحدق في عناوين الإصدارات ويرتوي من مضامينها..
اغبط نفسي ان كتبي وقعت بين يديه وتحدث في تواقيع اجريتها وسمعت من هذا الرجل الأنيق في فكره أنبل الشهادات..
الاستاذ ابو هيثم كتاب لا ينتهي
صفحاته مشرعة على عناوين وأسئلة ، على همم الرجال الذين امتطوا صهوة المعرفة وطاردوا الحرف والكلمات وبنوا شخصية نتباهى بها على مستوى هذه الأرض المعطاء المحروسة بالحبر والشهداء..
أبو هيثم كم أنا حزين على فقدك، لك في قلبي مكانة كبرى هي تراكم احاديث وذكريات، ما يريحني أنني مع بعض الأحبة كنا نسأل عنك نأنس بحضورك وفيض اخلاقك حتى في مرحلة المرض، كثيرا ما هاتفتك على الرقم المنزلي كانت السيدة الطيبة شريكة مسيرتك ام هيثم تجيب ، أعلم حينها أنك في رحلة علاج،لم أكن أعلم أو أنتظر أن هذه الرحلة ستطول لتطوي صفحة العمر، ويتوارى طيفك بين الجموع، فتغدو صورة جميلة كوجه صور وذاكرة طيبة لذكرى أطيب ، عن النهضوي المناضل، عن الإنسان..
الإسم اللصيق بأمكنتنا المزدهرة مجدا وكرامة: محمود شعبان
الفاتحة
عباس عيسى ٥-٣-٢٠٢٠

زر الذهاب إلى الأعلى