بأقلامنا

(سلاحك) حصانك بقلم الدكتور حسن عاصي

 

لسانك حصانك كان ذلك عندما كانت هناك ألسنة، عندما كان هناك ديموقراطية وحوار، و عندما كانت هناك حقوق للإنسان وأعراف ترمي إلى إنسانية الإنسان ، وعندما كان … وكان … وكان.
أما اليوم بعدما استؤصلت الألسنة وكُمّت الأفواه، و بعدما علا صوت البترول والدولار، وأمام الهجمات المبرمجة والنوايا المبيتة للإجهاز على المقدسات وعلى القيم والمبادىء، أمام ذلك بات سلاحك حصانك ودرعك، ولعل فيما ذهب إليه سماحة الإمام السيد موسى الصدر من أن السلاح زينة الرجال كان متلمسا للواقع ومستشرفا للمستقبل، ومن المؤكد أن ذلك كان سبب إخفائه ومصادرة صوته في الوقت الذي كان شعاره شعار المرحلة .

ضجت وسائل التواصل الإجتماعي وأخبار المواقع الإلكترونية وشاشات التلفزة، وتصدرت عناوين الصحف منذ حين متناولة الشيعة تصريحا وجهارا بعدما كان تلميحا وهمسا و وشوشة؛ تناولتها ودَعَتْ للنيل منها وكمّ أفواه مثقفيها بهدف إخراسهم مقدمة للقضاء عليهم … وللأمانة كان هناك مناصرون كما كان مناهضين، لم يقتصر ذلك على الإعلام الداخلي فقط وإنما تعداه إلى الإعلام الخارجي وصولا إلى الإقليميي والدولي .

لم يقتصر ذلك على الصعيد الإعلامي وحسب، وإنما تعداه إلى التهديد والوعيد وصولا إلى الإستهداف العسكري قصفا وتهديدا وتفجيرا، فكانت المجازر وكان التهجير، بحيث لم تُدَّخَر وسيلة إلا استعملت في سبيل ذلك .

إن استعمال كلمة شيعة بالدلالة المذهبية شيء مقيت، وكذلك بالمنطق الطائفي أمر بغيض؛ واستعماله بهذا المنحى ينزلق إلى الجاهلية وما كان فيها من تناحر وتعصب وهمجية، لكن من الضروري التصدي لذلك، على قاعدة قول الإمام علي (ع) : إذا سكت أصحاب الحق عن الباطل، توهم أصحاب الباطل أنهم على حق .

فالشيعة عقيدة وتراثا ونهجا ومسارا نفخر بالإنتماء إليها بملء الفم، و نُنَوّْهُ بما ازدهى به التاريخ من مآثر الشيعة محطات تاريخية وأحداثا وجهادا وإنجازات، وبما حَفَلَ التاريخ فيه من رجالات الشيعة في سائر حقب التاريخ : جهادا وسياسة وعلما وأدبا وفنا وتراثا، في كافة الميادين وعلى سائر الصُّعُد، والواقع يغني عن ذكر أمثلة على ذلك .
لم يقتصر ذلك على الماضي فحسب، فالحاضر كذلك يشهد على مآثر الشيعة على الصعد الجهادية والسياسية وفي الميادين الإجتماعية، يبارك ذلك القاصي والداني من الأحرار طبعا، من ذوي الأخلاق والمبادئ والقيم والمفاهيم الحرة، المجردة عن الأهواء السياسية والسامية عن المشارب الهادفة و الدنيئة .

إزاء ذلك لا نغفل عن أقلام حرة لأصحاب ضمير وذوي مواقف مشرفة، وما أكثرها، أقلام ومواقف تهدف إلى الحقيقة والحقيقة ليس إلا، منزّهة عن أية غاية مترفعة عن أي هدف .

صحيح أن من يتوجه للشيعة يهدف إلى اتقاء شرها وتحاشي خطر يحدق به إذا ما استمرت على نهجها جهادا و مقاومة ونصر وانتصارا… إليه وإلى أمثاله، لسان حالنا قول الشاعر :

ففي السماء نجوم ما لها عَدَدٌ …
وليس يُكْسَفُ إلا الشمس والقمر

وكم على الأرض من خضراء مونقة …
وليس يُرْجَمُ إلا ما له ثَمَرُ

زر الذهاب إلى الأعلى