تباين وتأثير حرب غزة في الانتخابات الاميركية بقلم د. شريف نورالدين

بتاريخ: ٨ / ٩ / ٢٠٢٤
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، يواجه السباق الرئاسي منعطفاً حاسماً على التصويت المقرر في نوفمبر. من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة المناظرة الأولى بين نائبة الرئيس الحالية والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في ذات الوقت ستبدأ صناديق البريد في استقبال أولى بطاقات الاقتراع في الولايات المتأرجحة، بعد فترة وجيزة من عطلة عيد العمال.
وتشير شبكة “سي إن إن” إلى أن شهر سبتمبر قد شهد تركيز الحملتين على الولايات المتأرجحة الرئيسية، حيث تسعى هاريس لتوسيع دائرة تأييدها لتشمل ولايات جديدة، بينما يهدف ترامب إلى تعزيز وجوده في الولايات الوسطى التي منحت له الرئاسة في 2016 وأطاحت به في 2020.
في هذا السياق، سيبدأ التصويت بالفعل هذا الأسبوع، حيث سيتم إرسال أولى بطاقات الاقتراع لانتخابات 2024 يوم الجمعة في ولاية نورث كارولينا، التي تُعتبر إحدى “ولايات حزام الشمس” الحاسمة، والتي تشمل أيضاً أريزونا وكاليفورنيا وفلوريدا ونيفادا وتكساس، وبعد أسبوعين ينطلق التصويت الشخصي المبكر في كل من مينيسوتا وجنوب داكوتا وفيرجينيا، مما يضع الأسس لحملة انتخابية ستشهد تفاعلات مكثفة وأحداثاً مفصلية، في ظل التقارب والمنافسة الحادة في ظل دعم اليهود المؤثر في العملية الانتخابية والانشقاق الحاصل فيما بينهما مع تطور الاحداث في حرب غزة والمنطقة.
واليهود في أمريكا يشكلون جزءًا هامًا من المجتمع الأمريكي من خلال تأثيرهم في العديد من المجالات الثقافية، السياسية، والاقتصادية، ويقدر عدد اليهود في الولايات المتحدة بحوالي 7 مليون شخص، مما يجعلهم ثاني أكبر مجتمع يهودي في العالم بعد الكيان.
* التاريخ وتواجد اليهود: بدأ الوجود اليهودي في أمريكا منذ القرن السابع عشر، مع وصول اليهود السفارديم (اليهود القادمين من إسبانيا والبرتغال) إلى المستعمرات الأمريكية هربًا من الاضطهاد الديني.
وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وصل عدد كبير من اليهود الأشكناز (اليهود من أوروبا الشرقية والوسطى) إلى أمريكا هربًا من الفقر والاضطهاد، خاصة بعد موجات “البوغروم” (الاعتداءات على اليهود) في روسيا وأوروبا الشرقية.
– التأثير في السياسة: اليهود الأمريكيون لديهم حضور مؤثر في السياسة الأمريكية، وغالبًا ما يكونون نشطين في الأحزاب السياسية، خاصة الحزب الديمقراطي.
والعديد من السياسيين اليهود لعبوا أدوارًا هامة في الحكومة، مثل برنارد ساندرز، تشاك شومر، وهنري كيسنجر.
واللوبي المؤيد لإسرائيل، مثل إيباك (AIPAC)، له تأثير قوي على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
– الثقافة والاقتصاد: اليهود الأمريكيون أسهموا بشكل كبير في مجالات مثل الفن، الأدب، السينما، الموسيقى، والأعمال، بعض الشخصيات البارزة مثل ستيفن سبيلبرغ، وودي آلن، وبوب ديلان، هم من أصول يهودية.
وفي مجال الاقتصاد، يبرز اليهود في العديد من القطاعات مثل البنوك والاستثمار (على سبيل المثال، غولدمان ساكس)، والإعلام (العديد من مؤسسي الشركات الإعلامية الكبرى هم يهود).
– التنوع الديني: اليهود الأمريكيون ينقسمون إلى طوائف دينية مختلفة، تشمل اليهود الأرثوذكس، المحافظين، والإصلاحيين، ويختلف التزامهم بالدين وممارسته بين هذه الطوائف.
وهناك نسبة كبيرة من اليهود غير المتدينين، الذين يرون في اليهودية هوية ثقافية أكثر من كونها دينية.
– التحديات: يواجه المجتمع اليهودي في أمريكا تحديات مثل اللاسامية، التي زادت في السنوات الأخيرة، وبعض اليهود يشعرون بالقلق من تزايد مشاعر العداء تجاه إسرائيل وتأثير ذلك على وضعهم في المجتمع الأمريكي.
بوجه عام؛ اليهود في أمريكا يشكلون مجموعة متنوعة ومؤثرة، حيث يتراوح تأثيرهم بين المحافظة على الهوية الدينية والثقافية والانخراط النشط في جميع مجالات الحياة الأمريكية.
كما واليهود في الولايات المتحدة يميلون تاريخيًا إلى دعم الحزب الديمقراطي، لكن هذا لا يعني أنهم لم يكن لهم تأثير أو تواجد في الحزب الجمهوري، والعلاقة بين اليهود والسياسة الأمريكية متشابكة ومعقدة، وفيما يلي نظرة شاملة على كيفية تقارب اليهود بين الحزبين ودعمهم التاريخي:
– دعم اليهود للحزب الديمقراطي: منذ القرن العشرين، وتحديدًا بعد الصفقة الجديدة التي قدمها الرئيس فرانكلين روزفلت خلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، أصبح اليهود يميلون بقوة نحو الحزب الديمقراطي، وكانت سياسات روزفلت الاجتماعية وبرنامجه للإصلاحات الاقتصادية تتماشى مع مبادئ العديد من اليهود الأمريكيين، خصوصًا أولئك القادمين من أصول مهاجرة أوروبية والذين كانوا يعانون من الفقر والتمييز.
وأيضا الحركة المدنية في الستينيات أيضًا عززت ارتباط اليهود بالديمقراطيين، حيث كان اليهود نشطين في دعم حقوق الإنسان وحقوق السود، وكانت السياسات التقدمية للحزب الديمقراطي تتماشى مع هذه القيم، ومواضيع مثل حقوق الأقليات، العدالة الاجتماعية، والسياسات الاجتماعية التقدمية، هي ما جعلت الأغلبية الكبيرة من اليهود تدعم الحزب الديمقراطي بشكل مستمر، ووفقًا للاستطلاعات حوالي 70-75% من اليهود يصوتون عادةً للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
– العلاقة مع الحزب الجمهوري: رغم أن اليهود يدعمون الديمقراطيين بشكل كبير، إلا أن هناك جزءًا منهم مرتبطًا بالحزب الجمهوري، وخاصة في العقود الأخيرة، يبرز دعم الحزب الجمهوري بين اليهود المحافظين دينيًا أو من ينتمون إلى طبقات اقتصادية عالية، الذين يرون في سياسات الجمهوريين المتعلقة بالضرائب، والأمن القومي، ودعم إسرائيل أسبابًا للانحياز إليهم.
وفي العقود الأخيرة، وخاصة منذ عهد الرئيس رونالد ريغان، نما دعم الجمهوريين لإسرائيل بشكل ملحوظ، ما جذب بعض اليهود المحافظين إلى الحزب الجمهوري، وان السياسات الأمريكية الجمهورية غالبًا ما تتسم بالدعم القوي وغير المشروط لإسرائيل، وهو عامل رئيسي في استقطاب الناخبين اليهود.
أيضًا، بين اليهود الأرثوذكس، هناك تزايد في دعم الجمهوريين، حيث تميل هذه المجموعة إلى المحافظة الاجتماعية وتتوافق مع الجمهوريين في قضايا مثل معارضة زواج المثليين والقيود على الإجهاض.
– التحديات الحديثة والاتجاهات الجديدة: خلال فترة حكم الرئيس دونالد ترامب، ازداد الاستقطاب بين اليهود الأمريكيين، وحصل ترامب على دعم كبير من بعض اليهود المحافظين والجماعات الداعمة لإسرائيل، خاصة بعد قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومع ذلك استمر معظم اليهود في دعم الديمقراطيين، نظرًا لاعتراضهم على سياسات ترامب الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والعدالة الاجتماعية، حيث الاستطلاعات التي جرت في الانتخابات الأخيرة تشير إلى أن حوالي 30% من اليهود صوتوا لترامب في انتخابات 2020، وهي نسبة أكبر مما كانت عليه في انتخابات سابقة، لكنها لا تزال أقلية بالمقارنة مع الدعم الكبير للديمقراطيين.
– الدوافع والقضايا الأساسية: القضايا التي تدفع اليهود نحو الديمقراطيين تشمل العدالة الاجتماعية، الحقوق المدنية، الإصلاحات الاقتصادية، والسياسات الاجتماعية التقدمية، ومن ناحية أخرى، القضايا التي تجذب اليهود المحافظين نحو الحزب الجمهوري تتعلق بـالسياسات الاقتصادية المحافظة، دعم إسرائيل القوي، والمواقف المحافظة الاجتماعية.
وفي سياق المنافسة الحالية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، فإن موقف الناخبين اليهود الأمريكيين يتأثر بعدة عوامل، من بينها العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، السياسات الداخلية، والحرب الحالية على غزة.
– ميل اليهود الأمريكيين في انتخابات 2024: اليهود الليبراليون والديمقراطيون، وهم غالبية المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، يميلون إلى دعم الحزب الديمقراطي وكامالا هاريس كمرشحة، وهذا الميل ينبع من تقليد طويل لدعم القضايا الليبرالية مثل حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، ودعم الأقليات، وسياسات هاريس حول العدالة الاجتماعية والإصلاحات الداخلية تلبي احتياجات هذا القطاع من المجتمع اليهودي، بالإضافة إلى دعمهما لسياسة (حل الدولتين)، وهي نقطة محل نقاش دائم بين اليهود الليبراليين الذين يعارضون الاحتلال الإسرائيلي أو السياسات المتشددة تجاه الفلسطينيين.
أما اليهود الأرثوذكس والمحافظون، الذين يميلون نحو الحزب الجمهوري يفضلون ترامب، هؤلاء يميلون إلى رؤية ترامب كداعم قوي لإسرائيل، بناءً على قراراته السابقة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وترامب يتبنى موقفًا قويًا مؤيدًا لإسرائيل دون ضغوط ملحوظة لحل النزاع مع الفلسطينيين، وهذا يلقى دعمًا من اليهود الأكثر محافظة وصهيونية.
تأثير الوضع الحالي في غزة على الانتخابات: الحرب على غزة قد تزيد من الاستقطاب داخل المجتمع اليهودي الأمريكي، وجزء من اليهود خاصة الليبراليين يشعرون بالقلق من تصاعد العنف وتأثيره على المدنيين الفلسطينيين، وهذا قد يؤدي إلى دعمهم للمرشحين الذين يسعون إلى حلول دبلوماسية أكثر، وهو ما يعبر عنه الديمقراطيون.
في المقابل اليهود الذين يرون الصراع من منظور أمني بحت أو يؤيدون سياسات إسرائيل المتشددة في غزة، قد يجدون في ترامب قائدًا قويًا يدعم إسرائيل دون تردد في مقابل الصوت العربي.
* العرب في أمريكا: يشكلون جزءًا متزايدًا من المشهد الانتخابي، حيث يمتلكون حضورًا وتأثيرًا متزايدًا في الانتخابات الأمريكية على مدى العقود الأخيرة، رغم أن العرب الأمريكيين يمثلون نسبة صغيرة من الناخبين الإجماليين، إلا أن عددهم المتزايد وتوزيعهم في ولايات حرجة قد جعلهم مجموعة ذات أهمية استراتيجية في الانتخابات وفيما يلي:
– التعداد والانتشار: يقدر عدد العرب الأمريكيين بحوالي 3.7 مليون شخص، وفقًا لإحصائيات حديثة، يشمل هذا العدد أمريكيين من أصول لبنانية، فلسطينية، مصرية، سورية، عراقية، ويمنية وغيرها.
ويتواجد العرب الأمريكيون بشكل رئيسي في ولايات مثل ميشيغان، كاليفورنيا، نيويورك، فلوريدا، وإلينوي، و في بعض المناطق، مثل ديربورن في ميشيغان، يشكل العرب الأمريكيون نسبة كبيرة من السكان.
– التوجهات السياسية: في العقود الأخيرة مال العرب الأمريكيون بشكل عام نحو دعم الحزب الديمقراطي وذلك لأسباب متعددة:
١- قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات وسياسات الهجرة: والكثير من العرب الأمريكيين، خاصة من ذوي الأصول المهاجرة، يرون أن الحزب الديمقراطي أكثر دعمًا لحقوق المهاجرين ولقضايا العدالة الاجتماعية التي تؤثر على المجتمعات المهمشة.
٢- الموقف التقليدي للحزب الديمقراطي فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي: حيث يُنظر إلى الديمقراطيين على أنهم أكثر استعدادًا للضغط من أجل حل الدولتين وحقوق الفلسطينيين، مقارنة بالجمهوريين الذين غالبًا ما يتخذون موقفًا أقوى في دعم إسرائيل دون انتقادها.
٣- التوجه نحو الحزب الجمهوري: على الرغم من الميل العام للديمقراطيين، هناك أيضًا بعض العرب الأمريكيين الذين يميلون إلى الحزب الجمهوري، وخاصة أولئك الذين لديهم مواقف محافظة دينيًا أو اقتصاديًا، كما وبعض مسيحيي العرب خاصة من لبنان أو سوريا، يميلون نحو الجمهوريين بسبب مواقفهم من السياسات الدينية والمحافظة الاجتماعية.
وبعد هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من سياسات مكافحة الإرهاب والرقابة الأمنية، شعروا بعض العرب بعدم الراحة مع السياسات الأمنية التي دفعتها إدارات كلا الحزبين، لكن البعض رأى في الحزب الجمهوري شريكًا في قضايا مثل مكافحة الإرهاب.
* القضايا المؤثرة على التصويت: العرب الأمريكيون لا يشكلون كتلة تصويتية متجانسة، حيث تختلف توجهاتهم حسب البلد الأصلي والخلفية الدينية والموقع الجغرافي. ومع ذلك، هناك بعض القضايا الرئيسية التي تؤثر على تصويتهم:
– السياسات الخارجية: قضايا الشرق الأوسط تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مواقف العرب الأمريكيين. الموقف الأمريكي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الحرب في سوريا، التدخلات العسكرية في العراق، والاتفاق النووي الإيراني، كلها قضايا رئيسية تؤثر على تصويت العرب الأمريكيين.
– الهجرة وحقوق المهاجرين: العرب الأمريكيون، خاصة من الجيل الأول أو الثاني من المهاجرين، يهتمون بشكل خاص بقضايا الهجرة والسياسات التي تدعم تسهيل الهجرة وتقليل القيود على القادمين الجدد تحظى بدعم كبير بينهم.
– التطرف والعنصرية: منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، واجه العرب الأمريكيون والمسلمون في أمريكا تحديات متزايدة من العنصرية والتمييز. السياسات التي تركز على مكافحة الإسلاموفوبيا وحماية الحقوق المدنية تجد صدى بين العرب المسلمين في الولايات المتحدة.
– الدور الانتخابي في الولايات المتأرجحة: العرب الأمريكيون لديهم تأثير كبير في بعض الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وفلوريدا، حيث يمكن أن تؤثر أصواتهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية على سبيل المثال في انتخابات 2020، لعبت الجالية العربية في ميشيغان دورًا هامًا في فوز بايدن في الولاية، وفي بعض المناطق ذات التركز الكبير للجاليات العربية، مثل ديربورن بميشيغان، يعمل المرشحون السياسيون بشكل مباشر على استمالة الناخبين العرب من خلال تنظيم فعاليات محلية وتبني سياسات تعكس اهتماماتهم.
– المشاركة السياسية المتزايدة: في العقود الأخيرة، زاد تمثيل العرب الأمريكيين في السياسة الأمريكية، وهناك عدد متزايد من المرشحين العرب الأمريكيين الذين يفوزون في الانتخابات المحلية والولائية، بما في ذلك في مناصب مثل أعضاء الكونغرس على سبيل المثال، رشيدة طليب من ميشيغان وإلهان عمر من مينيسوتا (رغم أن أصولها صومالية) تعتبران من أبرز الأصوات العربية والإسلامية في الكونغرس.
وأيضا تزايد الوعي السياسي والمشاركة الانتخابية بين الشباب العرب الأمريكيين، الذين يسعون إلى التأثير في السياسات المحلية والوطنية، يعزز من دورهم في الانتخابات الأمريكية.
– التوجهات : الأغلبية العظمى من العرب الأمريكيين، خاصة المسلمين، يميلون إلى دعم الحزب الديمقراطي بنسبة تتراوح بين 60% إلى 80% في معظم الانتخابات.
وحوالي 20% إلى 35% من العرب الأمريكيين يميلون إلى الحزب الجمهوري، وغالبًا ما يكونون من العرب المسيحيين أو المحافظين اقتصاديًا أو دينيًا.
* الرأي العام الأمريكي: ينقسم الرأي العام بشكل كبير على أسس حزبية، اجتماعية واقتصادية، مما يعكس التوجهات السياسية في الولايات المتحدة، أما نسبة التصويت وتوجه الدعم للحزبين الرئيسيين – الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري – تعتمد على عوامل متعددة مثل الخلفية العرقية، العمر، التعليم، والموقع الجغرافي.
– نسبة التصويت في الانتخابات: نسبة المشاركة العامة في الانتخابات الرئاسية تتراوح عادة بين 50% إلى 60% من الناخبين المؤهلين، مع ارتفاع ملحوظ في الانتخابات الأخيرة.
وفي انتخابات 2020، كانت نسبة التصويت حوالي 66.8%، وهي واحدة من أعلى نسب المشاركة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث صوت أكثر من 159 مليون أمريكي.
وفي الانتخابات النصفية، تكون نسبة المشاركة أقل بكثير، حيث تتراوح بين 35% إلى 50% في معظم الحالات.
* التوجهات الحزبية:
– الدعم للحزب الديمقراطي:
١- الشباب: الناخبون الشباب (تحت سن 30) يميلون بشكل كبير إلى دعم الحزب الديمقراطي، وفي انتخابات 2020، صوت حوالي 60-65% من الناخبين الشباب لصالح جو بايدن.
٢- الأقليات العرقية: الأمريكيون من أصول أفريقية يدعمون الديمقراطيين بشكل كبير، حيث يصوت حوالي 90% منهم لصالح الحزب الديمقراطي.
٣- اللاتينيون: غالبية اللاتينيين يميلون إلى الديمقراطيين، حيث صوت حوالي 65-70% منهم لبايدن في 2020، رغم أن الجمهوريين شهدوا زيادة طفيفة في دعمهم بين بعض الشرائح اللاتينية، خاصة في ولايات مثل فلوريدا.
٤- الآسيويون: يميلون أيضًا نحو الحزب الديمقراطي بنسبة تتراوح بين 60-70%.
٥- النساء: النساء بشكل عام تميل لدعم الديمقراطيين، خاصة النساء الشابات والمتعلمات، و في 2020، صوتت نسبة كبيرة من النساء لصالح بايدن.
٦- المتعلمون حضريًا: الأفراد الذين يعيشون في المدن الكبيرة وذوي التعليم العالي يميلون لدعم الحزب الديمقراطي.
– الدعم للحزب الجمهوري:
١- الرجال البيض: يشكل الرجال البيض وخاصة في المناطق الريفية والضواحي، القاعدة الأكبر لدعم الحزب الجمهوري، وفي انتخابات 2020، صوت حوالي 57-60% من الرجال البيض لصالح دونالد ترامب.
٢- المسيحيون الإنجيليون: هذه المجموعة تعتبر واحدة من أقوى القواعد الداعمة للجمهوريين، حيث يصوت أكثر من 75% منهم لصالح الحزب الجمهوري، حيث المواقف المحافظة المتعلقة بالقضايا الاجتماعية مثل الإجهاض وزواج المثليين تدفع هذه المجموعة نحو الجمهوريين.
٣- الأرياف: المناطق الريفية والولايات الجنوبية والغربية (باستثناء بعض الولايات الساحلية مثل كاليفورنيا) تميل بقوة نحو الجمهوريين.
٤- الناخبون الأكبر سنًا: الناخبون فوق سن 50 يميلون أكثر نحو الحزب الجمهوري، خاصة في القضايا المتعلقة بالضرائب والرعاية الصحية.
* العوامل المؤثرة على التصويت:
– الاقتصاد: الاقتصاد هو أحد العوامل الرئيسية التي تحدد التصويت، وكالعادة الناخبون يميلون لدعم الحزب الذي يرون أنه يمكنه تحسين الظروف الاقتصادية، سواء عبر السياسات الضريبية أو خلق الوظائف وتقليل التدخل الحكومي.
– السياسات الاجتماعية: القضايا الاجتماعية مثل الإجهاض، زواج المثليين، والسيطرة على السلاح تؤثر بشكل كبير على التصويت، حيث الجمهوريون يميلون إلى مواقف محافظة في هذه القضايا، بينما يدعم الديمقراطيون الحقوق الفردية والاجتماعية بشكل أوسع.
– السياسة الخارجية: رغم أن السياسة الخارجية ليست دائمًا القضية الرئيسية في الانتخابات الرئاسية، إلا أنها قد تؤثر على بعض شرائح الناخبين، خاصة في الأوقات التي تشهد توترات دولية مثل الحرب في الشرق الأوسط.
* التوجهات حسب الولايات (الولايات الزرقاء والحمراء والمتأرجحة): الولايات المتحدة تُقسّم بشكل تقليدي إلى ولايات زرقاء (تدعم الديمقراطيين)، حمراء (تدعم الجمهوريين)، ومتأرجحة (تُحدّد الفائز في الانتخابات لأنها تنتقل بين الحزبين).
– الولايات الزرقاء: تشمل ولايات مثل كاليفورنيا، نيويورك، إلينوي، وماساتشوستس، وتميل هذه الولايات إلى التصويت للديمقراطيين بسبب كثافتها السكانية الحضرية ودعمها للسياسات الليبرالية.
– الولايات الحمراء: مثل تكساس، ألاباما، أيداهو، وكنتاكي، حيث يحظى الجمهوريون بدعم كبير من الناخبين المحافظين والريفيين.
– الولايات المتأرجحة: مثل فلوريدا، بنسلفانيا، ميشيغان، ويسكونسن، وأريزونا، وهذه الولايات تُعتبر المفتاح لأي مرشح يريد الفوز بالرئاسة، إذ ينتقل الدعم بين الحزبين بناءً على القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
الخلاصة:
تاريخيًا، يعتبر اليهود جزءًا من قاعدة الدعم الأساسية للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، لكن هناك شريحة من اليهود المحافظين الذين يجدون تقاربًا مع الحزب الجمهوري، خاصة في العقود الأخيرة بسبب الدعم الجمهوري القوي لإسرائيل وبعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية، واليهود الأمريكيون، على الرغم من ميلهم الكبير للديمقراطيين، ليسوا كتلة واحدة، فهناك تنوع كبير في مواقفهم السياسية بناءً على الخلفيات الدينية والاجتماعية والاقتصادية.
أما العرب الأمريكيون يميلون بشكل عام نحو دعم الحزب الديمقراطي، لكن هناك فئة محافظة تدعم الحزب الجمهوري، خاصة في القضايا الاجتماعية والأمنية، تأثيرهم الانتخابي متزايد، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وفلوريدا، والقضايا الرئيسية التي تؤثر على تصويتهم تشمل السياسات الخارجية في الشرق الأوسط، حقوق المهاجرين، والعدالة الاجتماعية.
وبالنظر إلى النمو المستمر لهذه الجالية وزيادة مشاركتها السياسية، من المتوقع أن يستمر العرب الأمريكيون في لعب دور أكبر في السياسة الأمريكية في السنوات القادمة.
أما الرأي العام الاميركي وفي ظل التذبذب الحاصل في الانتخابات الحالية، يبقى الديمقراطيون بدعم من الشباب والأقليات العرقية والنساء والمتعلمين في المدن الكبرى والمناطق الساحلية الأوفر حظا.
وكذلك الجمهوريون يهيمنون على دعم الرجال البيض، المسيحيين الإنجيليين، سكان المناطق الريفية، والناخبين الأكبر سنًا.
ولذلك؛ الانتخابات تُحدد بشكل كبير في الولايات المتأرجحة التي تكون ساحة المعركة بين الحزبين، حيث يُعتبر كل صوت مهمًا لحسم النتيجة.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، تزداد حدة التوتر بين الحملتين المتنافستين في سباق يتسم بشدة التنافس وتقارب النتائج، كما وتشكل مناظرة 10 سبتمبر بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، التي ستستضيفها شبكة ABC، نقطة تحول محورية في هذا السباق، حيث من المتوقع أن تكشف تفاصيل جوهرية حول استراتيجيات كل من المرشحين.
وتظهر الاستطلاعات الوطنية تفوقًا طفيفًا لهاريس على ترامب، حيث يتبادل المرشحان التأييد بنسبة ضيقة بين الناخبين المسجلين، ويشير استطلاع جامعة كوينيبياك إلى تصدر هاريس بنسبة 49% مقابل 47% لترامب بين الناخبين المحتملين، وهذا التنافس الشديد يعكس انقسامًا ملحوظًا بين الجنسين، حيث يحظى ترامب بميزة بين الرجال، بينما تفضل النساء هاريس، وهو ما يسعى ترامب لتقليصه عبر تقديم اقتراحات تتعلق بحقوق الإنجاب، مثل تغطية تكاليف التلقيح الصناعي.
ووسط هذا الجو المشحون، لم يتم تناول الأسئلة الصعبة حول التفاصيل الدقيقة لمقترحات كل من هاريس وترامب، مما يترك المجال مفتوحًا لتفاصيل قد تتضح في المناظرة الأولى.
أما حظوظ الفوز بين المرشحين: فإن كامالا هاريس قد تستفيد من دعم قاعدة الديمقراطيين الكبيرة، بما في ذلك غالبية اليهود الليبراليين، ومع ذلك فإن سياسات بايدن تجاه إسرائيل قد تكون محط نقاش بين الناخبين اليهود؛ فبعضهم قد يرى أن الإدارة تتخذ مواقف متوازنة بين دعم إسرائيل والدعوة إلى حماية حقوق الفلسطينيين.
الديمقراطي لديه تاريخ قوي من دعم إسرائيل، لكن سياساته أكثر براغماتية مقارنة مع ترامب، وبالتالي حظوظ الفوز تعتمد على كيفية إدارة الإدارة الأمريكية للحرب على غزة ورد الفعل اليهودي حيال ذلك.
ولا يزال دونالد ترامب يتمتع بدعم كبير بين اليهود الأرثوذكس والمحافظين بفضل سياساته المؤيدة لإسرائيل بشكل غير مشروط، وحظوظه بالفوز بين اليهود تعتمد على مدى تأثير الوضع في غزة على الأمن الإسرائيلي وكيفية استجابة إدارة الديمقراطي للأزمة. إذا تصاعدت الأحداث واستمرت سياسات ادارة البيت الابيض وكامالا هاريس في الظهور بمظهر “الضعف” بالنسبة لمؤيدي إسرائيل، فقد يستفيد ترامب من هذا في جذب المزيد من الدعم.
تأثيرحرب غزة على الانتخابات: الوضع الحالي في غزة يزيد من الاستقطاب السياسي والتعقيد، اليهود الليبراليون قد يضغطون على الإدارة الديمقراطية لأخذ موقف أكثر توازنًا أو الضغط من أجل السلام، في حين أن المحافظين يرون في الإجراءات القوية ضد حماس ضرورة أمنية.
لذلك ترامب يستغل الحرب في غزة لتعزيز صورته كمدافع عن إسرائيل وأمنها، وهو ما قد يساعده في كسب مزيد من الدعم بين اليهود المحافظين.
النتيجة المتوقعة: الغالبية من اليهود الأمريكيين، خاصة الليبراليين، ستظل تدعم الديمقراطيين ومرشحهم كامالا هاريس.
وسيظل يحظى دونالد ترامب بدعم قوي بين اليهود الأرثوذكس والمحافظين، خاصة إذا استمرت الحرب على غزة وتفاقمت التوترات في الشرق الأوسط.
بالتالي، فوز أي من المرشحين سيعتمد بشكل كبير على تطورات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وكيفية استجابة الولايات المتحدة للأحداث الجارية، وفي الوقت الحالي، الحظوظ تميل لصالح الديمقراطيين بسبب قاعدة الدعم اليهودية التقليدية الكبيرة لهم، ولكن يبقى الوضع مرهونًا بالأحداث السياسية المتسارعة.
وتبقى المناظرة الأولى في 10 سبتمبر لحظة حاسمة قد تحدد معالم السباق الانتخابي، في حين أن المناظرة الثانية التي ستستضيفها شبكة CBS في الأول من أكتوبر بين المرشح لمنصب نائب الرئيس والز، ونائب ترامب، فانس، قد تضيف مزيدًا من التعقيد والتشويق إلى الحملة، وفي ظل هذه الظروف يبدو أن الفوز في الانتخابات يعتمد على القدرة على جذب الناخبين في الولايات المتأرجحة واستغلال الفرص التي توفرها المناظرات لتحديد مسار الحملة وتوجهاتها.
وفي حالة التنافس الحاد والمتقارب وعدم حسم النتيجة، مع اتهام كل من الخاسر للآخر بالتزوير أو الفساد، يمكن أن تتجه الأمور في عدة اتجاهات:
التقاضي والطعن في النتائج: قد يسعى الخاسر للطعن في نتائج الانتخابات من خلال تقديم دعاوى قضائية للطعن في النتائج في بعض الولايات المتأرجحة، وهو ما قد يؤدي إلى إجراءات قانونية معقدة تستغرق وقتاً طويلاً قبل الوصول إلى حكم نهائي.
التدخل الفيدرالي: في حالات النزاع الكبيرة، يمكن أن يتدخل القضاء الفيدرالي، أو حتى الكونغرس، لتحديد النتيجة النهائية، وقد يتم اللجوء إلى المحكمة العليا للفصل في النزاعات القانونية المتعلقة بالانتخابات.
التحقيقات والتحقق من التزوير: قد تُجرى تحقيقات للتأكد من صحة الانتخابات، بما في ذلك مراجعة وإعادة فرز الأصوات، خاصة إذا كانت هناك ادعاءات قوية بالتزوير.
الاضطرابات السياسية والاجتماعية: قد تؤدي الاتهامات المتبادلة والاضطرابات إلى مظاهرات واضطرابات اجتماعية، مما يتطلب استجابة من السلطات المحلية والفيدرالية للحفاظ على النظام العام.
وهناك العديد من العوامل قد تؤثر في احتمال حدوث عنف اجتماعي:
البيئة السياسية: مستوى الاستقطاب السياسي والاحتقان الاجتماعي يلعبان دوراً مهماً، إذا كانت الأجواء مشحونة وتعكس انقسامات عميقة، فقد يكون من المرجح أن تندلع أعمال عنف.
ردود الفعل الشعبية: كيفية استجابة أنصار المرشحين الخاسرين يمكن أن تؤثر على مستوى الاحتجاجات، والتأكيدات أو النفي من قادة الأحزاب والسياسيين يمكن أن يسهم في تهدئة الأوضاع أو تصعيدها.
ترقب مشوب بالحذر: التنافس المحتدم بين هاريس وترامب وتأثير المناظرة المقبلة، حيث تتطلع الحملتان إلى المناظرة الأولى في 10 سبتمبر كفرصة حاسمة لتشكيل مستقبل السباق مع تقارب النتائج في الاستطلاعات، مما يبرز أهمية كل حركة سياسية وتفصيل في الحملة، وسط التوترات المتزايدة، ويبدو أن النجاح في هذه المناظرة قد يمنح أحد المرشحين ميزة حاسمة في السباق المتقارب.
التشويق والاضطراب: ماذا لو كانت النتيجة غير حاسمة؟
في حال عدم حسم نتائج الانتخابات ووجود اتهامات متبادلة بالتزوير، قد تشهد البلاد توترات اجتماعية، ومن التقاضي إلى الاحتجاجات، فإن تعقيد الموقف قد يؤدي إلى اضطرابات، مما يستدعي استجابة فعالة من السلطات للحفاظ على الاستقرار والأمن.
الخوف من تصعيد الأزمات: هل يمكن أن يكون عدم حسم الانتخابات بمثابة تكرار لأحداث الكابيتول؟
تثير التوترات المرتبطة بانتخابات 2024 قلقًا مشابهًا للأحداث التي شهدها مبنى الكابيتول في يناير 2021. إذا لم تُحسم الانتخابات بوضوح وظهرت اتهامات بالتزوير، فإن احتمال تصعيد الأزمات يصبح حقيقيًا، قد يتكرر سيناريو الكابيتول وبشكل دراماتيكي أوسع قد يؤدي الى انشقاق أجتماعي عمودي أفقي ينذر بتصادم اجتماعي عنيف ومؤشر لنزاع أهلي طبقي حزبي عنصري ، أثني قومي عرقي، ديني طائفي، اقتصادي(تضخم وبطالة)، مالي، سياسي وامني، في ظل تصاعد الاحداث والنزاعات من اوروبا الى البحر الهادئ حتى شرق الاوسط وبالخصوص الحرب على غزة، مع تعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة التلمودية، القائمة على التوسع والاستيطان والاحتلال وجرائم الحرب، والتي قد تؤدي الى حرب شاملة على مستوى المنطقة، في ظل رغبة الاميركي في عدم الحسم أو عدم قدرته على ذلك، وجراء ضغط اللوبي الصهيوني على قرارات ادارة الحرب او وقفه…
هذا المشهد المشوب بالتعقيدات بين الرغبة والتعنت والتلاعب والكذب والضغط وعدم الحسم في الميدان والمواجهة، وهروب ادارة الكيان الى الامام في فتح جبهة الضفة مع ضعف العاجز في حرب مع لبنان، كل ذلك وضع المنطقة بأسرها في حالة فوضى وتشوش واضطراب وعدم رؤية ويقين للوقت الراهن والمستقبل القريب، الذي انعكس بشكل أساسي على الانتخابات الرئاسة الاميركية وحسم نتائجها المتأرجحة على وقع نيران حرب غزة، والتي تفضي الى صورة واحدة بين الصورتين في نسخة طبق الاصل عن المشهدية العامة (للمفاوضات) في ظل الدعم المطلق من اميركا للكيان في حربه على غزة والضفة، والبعيدة كل البعد عن الوضوح والرؤية والحلحتى بالابعاد الثلاثية.
يبقى الرهان على الوضع الداخلي للكيان من مظاهرات واحتجاجات وتناقضات وانقسامات وازمات اجتماعية واقتصادية ومالية وصمود المقاومة في الداخل وجبهات الاسناد لها، في الوصول الى حل لوقف هذه الحرب…