رواية “كسر المخرز” للدكتور محمّد نعمة فقيه الصادرة عن دار الفقيه للنشر

رواية “كسر المخرز”
عمل أدبيٌّ آخر يفاجئنا به الدكتور محمّد نعمة فقيه الذي تعوّدنا على مؤلفاته الفكرية في الاقتصاد والاجتماع والفلسفة، إضافة إلى أبحاثه التاريخيّة المعمّقة. فبعد روايته الأولى “الجذر التربيعي” التي أمتعنا بها بسرديّة مشوّقة تنساب خلالها الأحداث انسياباً سلساً حول حدثٍ وقع في مدينة يافا عام 1927، تأتي روايته الثانية “كسر المخرز” التي يروي فيها بأسلوبه الشيّق والممتع المليء بالأحداث المتلاحقة والمتشعبة، معاناة شعب اختصره بعائلة تعيش تحت الاحتلال في نابلس عام 2000، وفي خضم انتفاضة الأقصى الثانية.
وعلى طريقته في رواية “الجذر التربيعي” التي سار بنا بأحداثها الممتعة من أوديسّا في أوكرانيا، إلى سالونيك في اليونان، والإسكندرية في مصر، ليحط بنا في يافا، ضمن سياقٍ روائي تتصاعد فيه الحبكة الدراميّة، متداخلة بوقائع تاريخية تخدم الرواية، دون أي تعقيدات أو خطابات إيديولوجيّة، نراه في عمله الروائي الثاني، “كسر المخرز”، يجول بنا لتزويدنا بمعلومات عن عائلات ماليّة يهودية كبرى ومشهورة عبثت بالاقتصاد السوري واللبناني، بعد أن عبثت بالاقتصاد العثماني، وكانت في خدمة الوكالة اليهودية ومخططاتها في فلسطين، وصولاً إلى مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، لينتقل بنا إلى نابلس عام 2000 في خضم انتفاضة الأقصى.
ودون أن يخوض في تفاصيل الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى، يقدّم لوحة مشرّفة عن نضال المقاومة السريّة في نابلس ومحيطها، والتي تدور بحِرَفيّة متقنة بين المقاومين وأجهزة أمن الاحتلال، مستخدماً لرموز تربط ما بين النضال الوطني والتاريخ الوطني الممتد من سالم اليبوسي، باني القدس ونابلس في الألف الثالث قبل الميلاد، وكذلك الربط ما بين ساحات النضال الوطني في فلسطين وسورية ولبنان، ضمن تصاعد درامي سلس لا تكتشف تلك الرموز إلّا بعد الانتهاء من قراءة الرواية وتفكيك عقدها.
مباركٌ للمكتبة الأدبية العربية صدور هذه الرواية التي تقع في 160 صفحة، وتولّى نشرها دار الفقيه للنشر – بيروت، بحلّة قشيبة، والتي تؤكد ما جاء في مقدّمتها: “العين لا تقاوم المخرز، ولكن لا بد للعين من يدٍ تحميها وتكسر المخرز، ولا بد من وجود أيدٍ تقطع اليد التي تحمله”.