المدرسة الرسمية : بين العودة الآمنة و الإنزلاق بقلم الأستاذ بسام بزون
المدرسة الرسمية : بين العودة الآمنة و الإنزلاق
بقلم الأستاذ بسام بزون
رئيس نادي حيرام الثقافي ــ حناويه ــ
مما لا شك فيه أن المدرسة الرسمية في لبنان و ككل المنطقة قد تأثرت سلبا بظروف و آثار ظهور فايروس كورونا /بكوفيد-19؟و هذا التأثير طال المدرسة بكل مواردها .. البشرية و غير البشرية و الامر متفاوت بين مدرسة و أخرى و كذلك بين رسمي و خاص .. فلكل وضعه و لكل خصوصيته التي يتمتع بها و محيطه و بيئته الخاصة …
ومن الواضح بعد مرور ما يقرب من ثلاثماية يوم على انتشار هذا الفايروس المقيت الذي أدخل العالم في ثبات عميق قد لا يستفيق منه إلا و قد فقد الكثير من مكتسباته و مميزاته و أكثر من ذلك يقف عاجزا رغم كل محاولات الاحتواء …
و مما لا شك فيه ايضا اننا في لبنان كان لنا النصيب الوافر من تأثيرات هذه الجائحة التي تكاد تضرب كل بيت و تصيب كل عائلة و بيئة و الأثر الأكثر يتلمسه الاهل الذين أخذوا يشعرون بضياع مستقبل أبنائهم و بالتالي تتنازعهم رغبتان : رغبة في تعليم الابناء و حرص على سلامتهم .. ومن هنا ندخل الى موضوع العودة الى المدرسة , ففي حين ان هنالك عدد من الدول قد أعادت فتح المدارس و باحتياطات كبيرة(غربا و شرقا ) فإن عددا آخر لم يقفل مدارسه تلك (الشرق الاقصى ) و ما يوحد الجميع هنا هو السؤال التالي :
حول كيفية العودة الآمنة الى المدرسة …
لكن هنا و في ظل هذا التدهور الاقتصادي و التراجع المستمر في المستوى المعيشي للمواطن اللباني و ليس قياسا على البلدان القريبة أو البعيدة إنما قياسا على الحاية التي كان يعيشها قبل عام على الاقل … حيث تتوفر له كل مقومات الحياة و لو ببساطة و تواضع .. اليوم و في ظل هذه المعيشة تتردد الكثير من اصداء الخطط و المقاربات للعودة الى المدرسة الا انها تكاد تكون أقرب للخيال منها الى الواقع الذي تعيشه اليوم المؤسسات التربوية فعلى صعيد المدرسة :
- هل ثمة ما تقدمه الدولة الى المدرسة خاصة و انها من ثلاث سنوات لم تدفع مستحقات صناديق المدارس و صناديق مجالس الأهل .. و بالتالي كيف للمدرسة أن تؤمن مستلزمات المحيط الآمن للتلامذة في حال العودة الى المدرسة.. و هل الاهل يمتلكون القدرة لشراء ما يلزم من احتياجات اولادهم
الصحية للمساهمة بـتامين البيئة الملائمة لهم .
و في حال إعتماد التعليم المدمج ( بين الحضوري و التعليم عن بعد ) من يؤمن متطلبات هذه الخطوة (الانترنت الذي اصبح حكرا على شركات خاصة يتحكمون بالاسعار و السرعة ا … هل من أجهزة للمدرسين أولا و للتلامذة ثانيا لاستخدامها في عملية التعليم عن بعد .. هل من مراكز متخصصة لفحص الاصابة بالكورونا اذا تشابه الامر على مدرسة ما : من يدفع كلفة الفحص (150.000ل ل ) و اذا تضاعفت الاعداد … من يتحمل هذه الكلفة …
و على صعيد آخر و طالما أنه لم يتم حتى اللحظة طباعة الكتب المطلوبة كيف سيكون التعلم الحضوري ، هل تم تحويل المنهج اللبناني الى محتوى الكتروني يستطيع المدرس الولوج الى مواقع الوزارة للاستفادة و الافادة …
و مع هذا كله فإن الخوف ليس فقط على صحة التلامذة و الاهل … فالمعلم هو الاساس الذي سيكون في عين الفايروس و الهدف الاقرب , و بالتالي الاهل و العائلة كلها أمور لا بد من الاضاءة عليها لكي يبنى على الامر مقتضاه …
إن المجتمع التربوي (جامعات ,ثانويات , مدارس , معاهد و رياض أطفال …. هو من أخطر و أكثر الاماكن و أسرعها لانتشار الفايروس نظرا للمساحة التي يغطيها تلامذة كل مدرسة سيما و أننا بدأنا نشهد اليوم إرتفاعا كبيرا بوتيرة العائدين الى حضن المدرسة الرسمية و إن الامر لا يعود فقط لفيروس كورونا المستجد؟ أو الضيق الاقتصادي الذي يعيشه المواطن بل أيضا للمستوى المتفوق الذي تسجله المدرسة الرسمية عاما بعد عام … و هذا التوسع في قاعدة الانتساب للمدرسة يرفع منسوب الخطر من الانتشار و ذلك بعملية نسبية …
لذلك :
- الكف عن رمي الكرة في ملعب المدرسة و مجالس الاهل أو المنطقة التربوية التي نسجل لها و لرئيسها كل التقدير للدور الذي تلعبه في خلق التوازن بين القرارات التي تأتي معبرة عن كثير من التخبط و التناقض و متابعتها لكل مفاصل العملية التربوية خاصة وأن الكل يعرف أن المقومات تكاد تكون معدومة ففاقد الشيء لا يعطيه .
- باشرت الوزارة العمل على تدريب الارشاد الصحي و بعض المدرسين على اعتماد سبل الوقاية و هذا الامر جيد و يجب ان ينسحب على باقي أفراد الهيئة التعليمية مهنيا و صحيا
- ضرورة دعم صناديق المدارس الرسمية لمساعدتها على تأمين البيئة الصحية السليمة .
- تأمين مراكز كشف مبكر على الاصابة بفايروس كورونا في كل قضاء و بالمجان أو الزام شركات التأمين بأن يشمل التأمين الفحص المخبري للفايروس .
- إنشاء منصّة للتعليم عن بعد وتعزيزها بالبرامج و المناهج اللازمة إتاحتها مجّانًا للمدارس الرّسميّة كافّةً،
- تأمين الانترنت على الاقل بأسعار مدروسة و تحفيز التلامذة على التجاوب عبر اقامة مباريات و مسابقات لا مانع من اشراك الاهل بها ..
- تأمين التجهيزات و الادوات اللازمة لتحصين المدارس و تعقيمها و مساعدة الاهل و المدارس و ذلك من المساعدات و الهبات الدولية التي نراها على رفوف الواجهات و المحال التجارية يوما بعد يوم …
لا بد قبل الختام التأكيد على أهمية التواصل و التعاون بين الوزارات المختصة – من تربية و صحة و اتصالات و شؤون اجتماعية للمساهمة بتحصين المجتمع المدرسي و من خلفه العائلي ..
إن اعتماد الحضور المتقطع و الابتعاد عن المخالطة و التجمعات و النتبه لعملية انتقال التلامذة من و الى المدرسة هو السبيل لكي نصون المجتمع و نمنع الانزلاق نحو كارثتي : الانتشار و الجهل ) و في حال حصل لا سمح الله ما لم يك بالحسبان فإننا نرى أن المدارس ستقفل لفترات طويلة منعا للوقوع في المحظور او تداركا لما قد يحصل .
ان الدراسات أثبتت أن الاطفال أقل عرضة من البالغين للإصابة بهذا الفايروس و نقله و بالتالي فإن الخوف يبقى في دائرة المدرسين و الاهل و الادارة المدرسية ..
نسأل الله الصحة و العافية و الأمن و الأمان للجميع و على أمل أن تحمل لكم و لنا الايام كل خير …
إفتتاحية العدد 57 \ 2030 من مجلة هلا صور الشهرية