بأقلامنا

همجية أميركا في لجم الاتفاق السعودي الإيراني! بقلم// جهاد أيوب

يؤكد الإتفاق الإيراني السعودي برعاية صينية أن النفوذ الأميركي بدأ بالأفول، ليس كلياً بل مرحلياً وببطئ، ويخطئ من يعتقد عكس ذلك، وها هي النتائج السلبية تنهمر على أوروبا التي لا تنفك أسيرة خدمتها للسياسة الأميركية فعلاً خارج منفعتها، وضرراً اقتصاداً يصيبها دون مكسباً، والسير وراء الذيل الأميركي دون رأسها!
لا شك ستستفيد إيران من هكذا إتفاق حيث لم تتنازل عن منهجها منذ انطلاق ثورتها، ومنذ البداية قررت الثورة على الثقافة والاقتصاد والسياسة الأميركية، وحتى على طبيعة حياة الفرد التي تسوقها المخابرات الأميركية عبر السينما والفن والمأكولات وكذبة الاستقرار المعيشي!
تريد إيران الاستقرار في محيطها، وبالتأكيد التوافق مع السعودية سيؤمن لها ذلك، وبدورها ستعمل على تطوير الاقتصاد الداخلي الذي سينعكس على حياة الايراني إلى الافضل في اكثر من مجال علمي وعسكري وعملي وثقافي وعمراني وحياتي، ولا شك سيريح وجودها السياسي في المنطقة، وهذا الوجود تعاملت معه بحنكة وبذكاء على عكس أسلوب الفرض الأميركي أو حتى السعودي!
هذا يعني راحة في اليمن ” من أساسيات الاتفاق”، ولبنان، والعراق، والبحرين، والفائز الأول من اي توافق إسلامي عربي وبالتحديد سعودي إيراني هو الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية!
وإذا تمكنت السعودية من تنفيذ الاتفاق خارج الهيمنة الأميركية، وتحرك المخابرات الإسرائيلية المسهل في دول العرب خاصة في الإمارات والبحرين، تكون السعودية قد اكتسبت الاستقرار الاقتصادي بعد أن هدر في حرب اليمن دون تحقيق أي هدف لصالحها غير الحرب العبثية، وشراء السلاح الأميركي، وتأجيج الصراع العربي، وتمكين الكيان الإسرائيلي المؤقت من اللعب بسهولة في بعض الدول العربية وفي فلسطين!
كما سيوقف هذا الاتفاق الهدر المالي السعودي العجيب على إعلام وظيفي مأجور مهمته تشويه الحقائق، وزرع فتنة بين العرب والمسلمين، وما جاء على لسان وزير خارجية السعودية عن عمق بلاده الثقافي والاقتصادي مع إيران خير دليل على أن كل ما كان سائداً من فوضى إعلامية وفنية واقتصادية ستزول، وتتقلص، وستغيب عنها شمس الدعم السعودي!
السعودية تحاول من هذا الاتفاق أن تستعيد دورها الإقليمي خارج السير خلف متطلبات أميركا، وأخرها دفع المال إلى أوكرانيا على حساب اقتصادها المهزوز!
وأيضاً تعمل على لملمة تشتتها السياسي في أكثر من منطقة وبلد، حيث صرفت الأموال الطائلة دون أن تستفيد سياسياً واقتصادياً، وهذا أضعف حركتها في اقتصادها الداخلي، وجمد مشاريع عمرانية كانت ستفيد وتنقذ الدخل السعودي، وبجردة سريعة نجد أن الأموال التي دفعتها السعودية في لبنان وسورية لبعض جماعاتها تم نهبها، وسرقتها، وذهبت لجيوب زعامات مرتزقة، وفشلت في تحقيق مشاريعها، وصنعت الخراب والموت فقط، كل هذا خارج إفادة السياسة السعودية!
هذا الاتفاق سيفيد اولاً التطلع السعودي إلى آفاق مختلفة عن زرع الفتن وتشرذم بلادنا إرضاء لأميركا التي تعيش على حروب وتقاتل الشعوب خارج حدودها، وستمكن المنطقة من النهوض الاقتصادي والعمراني لمرحلة طويلة نوعاً ما، ولكن هل العم سام سيقبل؟!
من الواضح أن أميركا لم تعد تلك القوة المهيمنة في المنطقة، وهي تنسحب ببطئ، ولكنها لن ترضى بنهاية ذليلة لها كما حدث في أفغانستان، وهذا يجرها إلى مزيد من سرقة نفط وغاز العراق وسورية وبعض دول الخليج، وسرقة القمح السوري المتميز الذي أصبح في واشنطن، ويومياً ينهب منه الأطنان، وضرب ما أمكنها حقداً لاقتصاد العرب كما تفعل في لبنان ” تصفية حساباتها ضد المقاومة وبيئتها حيث افشلا واعاقا مشاريعها في المنطقة”!
قد تغير أميركا من جلد المراقبة والعمل في غرفها السوداء المغلقة تجنباً لتأثرها المباشر من الاتفاق السعودي الإيراني، وتبدأ خطة الاغتيالات لشخصيات سعودية لها نفوذها، وحضورها، وتحريك زمرها في إيران والعراق ولبنان لإشعال فتن طائفية اعتادت تحريكهم، ومن يراقب البرامج الإعلامية المتحكمة بها في لبنان والعراق يلاحظ خط سير الهجوم المباشر، والسخرية المتعمدة على الاتفاق، كما لو كان الطفل قد فقد أمه ووالده!
أميركا لن ولم تتفرج على بداية هجرة السياسة والمال السعودي منها، مع إن الهجرة في بداياته، ولن تقبل باستقرار الوضع في إيران مع إن هنالك في أميركا من يطالبها بالانفتاح على إيران، ويسألون ماذا يضر أميركا لو تفاعلت مع إتفاق كما حال السعودية، وينطلق مجدداً من إحياء الاتفاق النووي الذي هي من انسحب منه!
أميركا لن تقبل باستقرار في لبنان والعراق واليمن، واستقرار البلاد التي تحيط بإسرائيل، وهذا يعني سيكون لها تحركها الهمجي في هذه البلاد التي ذكرت…والله يعيننا على صعوبة الحياة في الشهور المقبلة، إلى حين نجاح الاتفاق السعودي الإيراني فعلياً وليس إعلامياً، أو قراءته من على الورق فقط!

 

زر الذهاب إلى الأعلى