بأقلامنا

مكيال الترسيم: قمحٌ أم برسيم؟ بقلم الاستاذة خديجة حكيم

رغم ما تشهده الآونة الأخيرة من تحركات تجهيز واستعداد لبدء أعمال الحفر في الرقعة (9) من قبل مشغل الرقعة شركة «توتال» وما أثارته من تفاؤل وتساؤلات لجهة وجود قرار دولي لمساندة لبنان في تسريع عمليات التنقيب والإستخراج للثروة البترولية، إلا أنّ ما لا شك فيه هو أن كلّاً من الولايات المتحدة الأميركية والجانب الإسرائيلي حريص على معرفة جدوى المخزون الذي قد يحتويه «المكمن المحتمل» في الرقعة الرقم (9)، هذا المكمن الذي حرمنا حتى من تسميته «حقل قانا»، فلم نلاحظ اي ذكر لكلمة «قانا» في اتفاق الترسيم!

وبالتالي فإنّ الحفر في الحقل المُحتمل سيتم وسنراه عما قريب في الأشهر المقبلة، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الإطار: هل يكفي إعلان مشغل الرقعة الرقم (9) عن وجود جدوى تجارية في المكمن المحتمل لسرعة اتخاذ قرار الإستثمار النهائي للمكمن؟

للأسف، فإن الجواب بالنفي. فقراءة بنود اتفاق الترسيم تكشف عن أن قرار الإستثمار النهائي لـ«الحقل المحتمل» في حال ثبت وجود مخزون تجاري فيه هو رهين إرادة الجانب الإسرائيلي. فالفقرة (ه) من القسم الثاني في الاتفاق تربط أي قرار نهائي بالإستثمار بسبق توقيع تسوية مالية بين الجانب الإسرائيلي ومشغل الرقعة الرقم (9)، تمثّل تعويضاً مالياً عن حقوق الجانب الإسرائيلي وحصته في المكمن المحتمل، وهذا الإتفاق يجب أن يتم قبل اتخاذ المشغل أي قرار نهائي بالإستثمار. وينبغي الاشارة هنا الى أنّ الدولة اللبنانية لا يحق لها الإطلاع على شروط التسوية المالية ومقدارها.
بل أكثر من ذلك، ففي حال كشف الحفر عن وجود جدوى تجارية في الحقل المحتمل، وما قد ينبىء بإمكانية وجود مخزونات محتملة خارج الحقل المحتمل وضمن نطاق الرقعة الرقم (9)، فإنه يحظّر على الشركات اللبنانية أو في حال أنشأت شركة بترول لبنانية وطنية المشاركة في أعمال التنقيب والإستخراج في الرقعة الرقم (9)، فالحظر لم يطاول فقط الحقل المحتمل بل طاوَلَ الرقعة الرقم (9) بكاملها! علمًا أن هذا الحظر لم يطاول الجهة الجنوبية من الحقل المحتمل في الجانب الإسرائيلي، فيمكن للشركات الإسرائيلية في ظل عدم وجود نص صريح بالحظر المشاركة في عمليات التطوير في الحقل المحتمل خارج الرقعة الرقم (9) في الجانب الجنوبي المحاذي للرقعة.

وأكثر من ذلك، فإنه وبعد مراضاة الجانب الإسرائيلي بالتسوية المالية مع مشغل الرقعة الرقم (9) في حال حدوثها، فإنه يحق للجانب الإسرائيلي وقبل المباشرة في تطوير التراكمات والمخزونات في حال وجدت في الحقل المحتمل، المشاركة في قرار منح الحقوق والطريقة التي يتم بها التنقيب عن أيّ من التراكمات او المخزونات التي قد يكشف عنها الحفر وفق الفقرة (أ) من القسم الثالث من اتفاقية الترسيم!

قد تكون كل هذه التساؤلات هي مجرد هواجس لِندع الأيام والأشهر المقبلة تكشف حقيقة وجودها.

على أمل أن يكون ما كَيّلنا به في مكيال الترسيم هو قمح وليس برسيمًا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى