أخبار العالم العربي

ياسر العظمة .. سلام لدمشق بقلم ماهر مقلد

ياسر العظمة فنان سورى قدير شهرته عريضة فى الوطن العربي، ويأتى فى مقدمة الكبار من نجوم الوطن الذى يفتخر بهم، فى السنوات الأخيرة كان فى حالة اقرب الى الاعتكاف بعد اشتعال الحرب فى وطنه سوريا ، واضطر تحت وطأة الظروف إلى الخروج فى صمت والاستقرار ما بين مصر و الإمارات ، على مدى تاريخه الفنى الذى يمتد قرابة نصف قرن او أكثر كان يعتذر عن عدم الحوارات الصحفية ويتفرغ الى مهمته ورسالته، وأجرى فقط حوارين عبر تاريخه.
من أشهر أعماله التى كانت متقدمة من حيث المعالجة الدرامية مسلسل مرايا والذى كان يشارك فى كتابته ويلعب دور البطولة فى حلقاته كما خاض تجربة الإنتاج، ونجح فى أن يقدم نجومًا كبارًا يشار لهم بالبنان فى الدراما العربية.

هو فنان موهوب وكاتب قدير وممثل بارع فى تجسيد الشخصية ومعالجة القضايا اليومية بطريقة السهل الممتنع، مرايا يضع المشاهد فى حيرة من أمره عندما يتوقف أمام الموضوعات التى يناقشها ومن بينها التعذيب فى السجون أو المعاملات فى المنافذ الجمركية أو صورة الوزير الذى يتمتع بالمميزات الكبيرة ويستغل نفوذه الواسع فى الثراء، أو مظاهر النفاق للمسئول وغيرها، وهنا يحسب للرقابة فى سوريا إنها منحت هذا المبدع المساحة التى يتحرك فيها إبداعه ويجمع من حوله ملايين المشاهدين وبالطبع من بينهم كبار وصغار المسئولين ربما ينتبهون.

ما يميز العظمة أنه يرصد الواقع بعيون الفنان ويتناول القضايا السياسية والاجتماعية بلغة راقية تعكس عمقا فى الشخصية وبراعة فى المعالجة ومتعة للمشاهد الذى يتحسر على أحوال بلده ووطنه.

فى مجمل أعماله لا تغيب مصر بصورة لافتة فكثيرًا ما تسمع صوت أم كلثوم فى المقاهى الذى يظهر فى المرايا، وأيضًا يذكر فى الصحيفة التى يقرأ فيها الأخبار وهو يجسد الدور خبرًا عن صعيد مصر ، وفى مرايا أخرى عندما جسد دور سائق الوزير يداعب زوجته بأنها أصبحت زوجة رجل مهم وقال لها مثل ميرفت أمين ، وعندما يدندن فى المرايا يردد أغنية الموسيقار عبدالوهاب أو عبدالمطلب أو أم كلثوم، يفعل هذا بوعى كبير.

أسماء النجوم الذين يشاركونه العمل شهيرة وممتعة، وتتنوع أدوارها بشكل مثير بمنتهى الإجادة.

ينتمى إلى جيل يعتنى ب اللغة العربية نطقًا وإلمامًا، وتبرز مهاراته ومواهبه الواضحة وهو يؤدى أصعب المشاهد وأعقدها مسترسلا فى التعبير يمتلك ناصية الكلام والإقناع، ومنذ عام تقريبًا بدأ يظهر عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى ويقدم فقرة تحت عنوان مع ياسر العظمة ، وفيها يناقش موقفا أو رأيًا بطريقة سلسة محببة تغزو القلوب، ومن بين هذه الحلقات حلقة عن شعر المتنبى وفيها بدا العظمة فارسًا قديرًا وهو يتنقل بين القصائد مستشهدًا بأبيات الشعر مما يتوج مسيرته الطويلة التى تجعل مكانه شاغرًا فى مجمع اللغة العربية باعتباره رمزًا للفنان الهادف الذى يقدم رسالة الفن فى الإمتاع والتعبير عن قضايا المجتمع بصورة فنية راقية.

كان مبهجًا أن أعلن فى آخر حلقة أنه سيتوقف عن بث المزيد من الحلقات بسبب انشغاله بالتجهيز لعمل فنى يعود به فى رمضان المقبل، بعد غياب استمر أكثر من 8 سنوات، وأذكر قصة حيث كان يزورنى الشاعر السورى فؤاد بركات المقيم ب مصر قبل 5 سنوات، وهو صديق له، وأخبرنى فى حينه بأن الفنان ياسر العظمة كان معه أمس، وبينهما موعد، واتصل به وتحدثت معه وأبديت رغبتى فى أن نلتقى ويومها رحب وأقترح أن نلتقى فى المول الشهير بالشيخ زايد الذى كان يتردد عليه لاحتساء القهوة.

فى الحرب السورية تجنب الظهور والحديث يحافظ على سوريا التى يتألم بسبب ما يجرى لها ،وعندما هدأت الأوضاع عاد إلى الشام وألقى على صفحته قصيدة بعنوان إن رضيت دمشق اختصر فيها حال الامة عبر قرن من الزمان تحدث عن الجائحة وعن المرض وعن الإعلام الذى ينهار وعن الدراما التى تطرق أبواب الإسفاف وهو يتحسر ويتألم، واختتمها بهذه الأبيات:

يا شام أنت منارة سطعت

قد شع فوق جبينك الطهر

عرفت مكانتك الدنى زمنا

انت العلا يزهو بك الفخر

يا شام لن ننساك حتى إن ننسى

حتى يضم رفاتنا القبر

مهما اعتذرنا عن إساءتنا

قد لا يليق بقدرك العذر

هذى دمشق يزينها أدب

من صيتها نستخرج العطر

فدمشق عاصمة الزمان فإن

رضيت دمشق تبسم الدهر

زر الذهاب إلى الأعلى