أخبار فلسطين

بيان سياسي صادر عن المكتب السياسي في الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

بيان سياسي صادر عن المكتب السياسي

في الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

جماهير شعبنا الفلسطيني.. أبناء أمتنا العربية.. أحرار العالم

في الحادي عشر من ديسمبر تحلّ الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي خرجت من بين ركام هزيمة عام 1967، ممتشقةً السلاح في مواجهة العدو الصهيوني، لتعبر عن الاستمرارية التاريخية لنضال شعبنا منذ أن وطأ الاستعمار الغربي أرض وطننا. شكّلت حركة القوميين العرب التي تأسست أوائل خمسينيات القرن المنصرم، وقدمت أول شهيد لها؛ الشهيد البطل خالد أبو عيشة أوائل الستينيات؛ الحاضنة الرئيسية لهذه الانطلاقة في ميادين الكفاح الوطني داخل فلسطين، وعلى امتداد مواقع اللجوء والشتات، ومختلف الساحات العربية والعالمية، إذ ضمّت في صفوفها مناضلين؛ من مختلف أبناء أمتنا العربية، ومناضلين من جنسيات متعددة؛ التصقوا بقضيتهم المركزية والإنسانية، واستطاعت أن ترتبط بعلاقات كفاحية مع العديد من المنظمات الثورية العالمية وامتدت علاقاتها إلى الكثير من القوى والأحزاب اليسارية والتقدمية والإنسانية التي وقفت- ولا يزال معظمها- يقف مع حقوق ونضال شعبنا؛ من أجل الحرية والعودة والاستقلال وتقرير المصير.

إنّنا أمام مسيرة حافلة بالعطاء الذي لا ينضب؛ من شهداء وأسرى وجرحى، يتقدمهم قادتها: الشهيد المؤسس د. جورج حبش، والشهيد الأمين العام أبو علي مصطفى، والشهيد المفكر والأديب غسان كنفاني، والشهيد د. وديع حداد، والشهيد د. باسل الكبيسي، والشهيد أبو ماهر اليماني، والشهيد محمد الأسود (جيفارا غزة)، والشهيد ربحي حداد، والشهيد أبو أمل الزعتر، والشهيدة شادية أبو غزالة والشهيدة تغريد البطمة…، إلى الأسير الأمين العام أحمد سعدات، والأسيرة خالدة جرار، والأسرى: عاهد أبو غلمة ووائل الجاغوب ووليد دقة وكميل أبو حنيش، والأسير العربي اللبناني الرفيق جورج عبد الله المعتقل منذ ما يزيد عن 35 عامًا في السجون الفرنسية، والقافلة الطويلة والممتدة؛ من الشهداء والأسرى الملتحمة مع نضالات كل شهداء وأسرى شعبنا وأمتنا وأحرار العالم الذين نعاهدهم أن نبقى أوفياء لدمائهم ووصاياهم وأهدافهم الوطنية والقومية والإنسانية، وأن نحفظ لهم حقهم وحق شعبنا في الحرية والانعتاق. هذا عهدٌ نقطعه مع شعبنا الفلسطيني المقاوم؛ بأن نستمر على درب العطاء والنضال والكفاح الوطني والاجتماعي، ضد العدو الصهيوني ووجوده على أرض وطننا. وضد الإمبريالية الأمريكية وأنظمة الرجعية؛ شركائه في العدوان على شعبنا وأمتنا وقضيتنا. وضدّ المساومات والاستسلام والتفاوض الانهزامي والتطبيع الخياني، وضدّ الظلم والاستبداد وقمع الحريات؛ رافعين راية المقاومة في وجه الاحتلال والعدوان. وراية المواجهة والتصدي في وجه مشاريع ومخططات التصفية. وراية الوحدة في وجه الانقسام. وراية العدالة والمساواة في وجه الظلم والاستغلال. وراية الديمقراطية في وجه الهيمنة والتفرد والاحتكار. وستبقى راية التمسك بحق شعبنا في الحرية والعودة والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية الديمقراطية على كامل ترابه الوطني، هي البوصلة التي تنطلق منها؛ مواقف وسياسات وأفعال الجبهة وهي تدخل عامًا جديدًا من عمرها الكفاحي.

شعبنا الفلسطيني الصامد.. جماهيرنا العربية الوفية..

إنّ الرؤية والقراءة الواضحة للصراع مع العدو الصهيوني في تحالفه مع الإمبريالية الغربية عمومًا، والأمريكية خصوصًا، وأنظمة الرجعية والخيانة العربية، تضع أمامنا حقيقةَ اتساع دوائر العدوان والمشاريع والمخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية؛ حقوقًا ووجودًا، ومنها استهداف كل القضايا والحقوق والوجود العربي. إذ تُشكل الاندفاعةُ نحو التطبيع حلقةً رئيسية فيها، كجزءٍ لا يتجزأ من “صفقة القرن” التصفوية، التي جاء إطلاقها بعد مائة عامٍ على اتفاقية سايكس بيكو التقسيمية، لتَستكمل ما تأسس على هذه الاتفاقية، من مأسسة الهيمنة الاستعمارية في وطننا العربي، وتجزئته؛ شعوبًا وأرضًا، وزرع كل عوامل الفرقة والانقسام؛ الطائفية والاثنية والمذهبية، وضمان استمرار نهب ثروات وخيرات أمتنا، وضرب كل مقومات الاستقلال والانعتاق والوحدة. إذ نجد أنفسنا اليوم، أمام مخاطر وجودية لا تقف عند حدود الإنسان العربي، بل تطال تاريخه وتراثه وثقافته؛ من خلال عمليات التزوير والتزييف وكي الوعي التي تجري على قدم وساق بحق الأرض والشعب الفلسطيني وروايته العربية التاريخية. وهذا ما يستدعي منّا- فلسطينيًا وعربيًا- أن نرتقي إلى مستوى المواجهة التاريخية المفتوحة مع هذا العدو، وذلك من خلال:

1- إلغاء اتفاق أوسلو وما سبقه وترتب عليه؛ من اعتراف بالكيان الصهيوني والتزامات سياسية واقتصادية وأمنية. وعدم الاستسلام للشروط والوقائع التي يفرضها العدو على الأرض؛ فاستمرار الارتهان لذلك، والعودة إلى ما يُسمى المفاوضات معه؛ غير إنه يشكل تجاوزًا لكل التوافقات الوطنية التي طالبت بإلغاء هذا التعاقد السياسي والأمني الذي يأتي على حساب حقوق ومصالح وأهداف شعبنا الوطنية، فهو يمثل إمعانًا بالتعلق والرهان الخاسر على الإدارة الأمريكية القادمة، ما يمنح هذا العدو الوقت اللازم لاستكمال تنفيذ وتعميق مشروعه الاستعماري الاستيطاني على أرضنا، وممارسة كل أشكال الإلغاء والتطهير العرقي بحق شعبنا.

2- إجراء مراجعة نقدية سياسية وتنظيمية، باعتبارها ضرورة وطنية لتصحيح مسار حركتنا الوطنية الفلسطينية، والخروج من الأزمة الوطنية العامة إلى رؤية وطنية ومؤسسات ديمقراطية موحدة وشراكة وطنية في إدارتها.

3- خلق المقدمات والأجواء المناسبة من خلال الالتزام بقرارات مؤسسات م.ت.ف ومخرجات الأمناء العامين في رام الله وبيروت وذلك لإجراء حوار وطني شامل؛ تشارك فيه كل قوى شعبنا الوطنية والمجتمعية، يستكمل ما بدأه اجتماعُ الأمناء العامّين. ويكون بأجندةٍ واضحة ومحددة وآليات تنظيمية ديمقراطية تضمن نجاحه؛ الأساس فيه حفظ مصالح وحقوق وآمال وأهداف شعبنا، وصون وحدته ووحدة قواه السياسية والمجتمعية، وبما يؤهلنا لامتلاك زمام المبادرة، فكريًا وسياسيًا. وإطلاق أعلى فعالية ودينامية، في مواجهة هذه المرحلة الحاسمة واستحقاقاتها الخطيرة، وبما يجعلنا نغادر دوائر الارتباك والمراوحة والانتظار والارتجال والعشوائية، من خلال إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة، والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة، وقيادة وطنية موحدة؛ كمهمة مركزية.

4- الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية، كمرجعية وطنية عليا، وأداة جبهوية تحررية؛ دورًا وتمثيلًا، باعتبارها ملك لعموم شعبنا الفلسطيني، ورفض استمرار توظيفها في نهج التسوية والمفاوضات من جهة، وتهميشها والتفرّد بها وتغييب دورها الوطني التحرري من جهة أخرى.

5- تجميع وتوحيد جهود وطاقات كفاءات شعبنا وقواه في مختلف أماكن تواجده؛ داخل الوطن وخارجه؛ كأساس في مواجهة ودحر العدوان الصهيوني، وهذا يحتاج إلى وعي وصون خصوصية كل تجمع فلسطيني، وحشد وإطلاق فعالياته في إطار معركتنا التاريخية الشاملة والوجودية.

6- تعزيز صمود شعبنا، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإطلاق الحريات الديمقراطية، في مواجهة الفقر والبطالة والفساد والقهر والقمع والاستغلال.

7- انطلاقًا من أن الصراع مع العدو الصهيوني، هو صراع عربي صهيوني يمثل الشعب الفلسطيني؛ رأس حربته، فإن تعميق وتوطيد التحالف مع قوى حركة التحرر العربية؛ ضرورة لحماية قضيتنا وحقوقنا، ومواجهة استسلام الأنظمة العربية.

8- استمرار الجهود المخلصة لبناء الجبهة العربية التقدمية التي يمثل وجودها الفاعل؛ مهمة رئيسية، في تحشيد وتفعيل إمكانيات المواجهة والمقاومة للمشروع والمخطط الأمريكي– الصهيوني، وفي مواجهة التطبيع الذي تتسع دوائره من قبل أنظمة عربية عديدة.

9- تضامن وتماسك قوى حركة التحرر العربية، ووحدة قوى المقاومة على امتداد المنطقة؛ قاعدة أساسية لمواجهة المشروع والمخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

10- انطلاقًا من أنّ صراعنا مع القوى الإمبريالية المتحالفة مع العدو الصهيوني، ودورها في دعم وتقوية وتوفير الرعاية والحماية له؛ يتخذ بعدًا عالميًا، فإن نضالنا على هذه الجبهة؛ يتوطّد من خلال مدّ جسور العلاقات مع كل القوى والمؤسسات واللجان واللوبيات، التي ترفض التغول والهيمنة الاستعمارية الإمبريالية والصهيونية؛ عالميًا وإقليميًا وعربيًا وفلسطينيًا، وتعلن تضامنها ودعمها الواضح لحقوق ونضال شعبنا من أجل حريته واستقلاله وتقرر مصيره.

11- تنظيم وتطوير وتوسيع وتصعيد الفعاليات التضامنية مع حقوق ونضال شعبنا، من قبل الجاليات الفلسطينية في الخارج، لخلق رأي عام دولي ضاغط على العدو الصهيوني وحلفائه والدائرين في فلكه، إلى جانب تفعيل سلاح المقاطعة السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية، على طريق عزل دولة الاحتلال الصهيوني ومحاصرتها دوليًا.

12- النضال على جبهة المؤسسات الأممية، في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، ومختلف المؤسسات والهيئات الحقوقية والإنسانية، بما يدعم حقوق ونضال شعبنا على طريق تحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال الوطني.

عهدٌ منّا أن تبقى الثورة مستمرة حتى التحرير والعودة

تحية فخر واعتزاز ووفاء لشعبنا وكفاحه الوطني على طريق تحقيق حريته وعودته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس

تحية فخر واعتزاز ووفاء لأبناء أمتنا العربية الذين انتفضوا في وجه أنظمتهم الخيانية، ويقفون مع قضيتهم المركزية

تحية فخر واعتزاز ووفاء لكل أحرار العالم المساندين والمناصرين الداعمين لحقوق ونضال الشعب الفلسطيني

المجد للشهداء.. والشفاء للجرحى.. والحرية للأسرى

وإننا حتمًا لمنتصرون

المكتب السياسي

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

11/12/2020

زر الذهاب إلى الأعلى