بأقلامنا

عيد الاستقلال السابع والسبعون لنحفظ امانة هذا الوطن برموش العين  بقلم د.محمد فقيه

يأتي عيد الاستقلال هذا العام ووطننا لبنان في غرفة العناية الفائقة مثخن بالجراح تتنازعه أمراض عديدة تكاثرت وتناسلت وسببت له إعاقات متعددة في الطبيعة والسياسة والثقافة والاقتصاد وشوهت وجهه الحضاري وشتت أبناءه في أصقاع الأرض ورمتهم على سرير الضياع يعانون الغيمومة والغيبوبة ومن تبقى منهم على هذه الأرض يواجه حياة التسول والعوز والألم والمرارة والموت في كل يوم.
غاب وطن السحر والجمال وأفل وطن النجوم وانطفأت شعلة التسامح والحرية والتنوع وتحطمت الآمال والأحلام وساد الظلام واشتعلت نار العصبية والأنانية والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
هنا كان استوطن الجمال
وهنا أبدعت ريشة الخالق الفنان صورا ملونة سكرت منها الدنيا
وهنا نبتت أشجار  الثقافات التي أثمرت أفكارا واشعارا متوجة بأكاليل الغار
هنا دوّنت في سجل البطولة والابطال سيرة من زرعوا أجسادهم في الأرض
وهنا أنشىء معمل من معامل الرب ليبارك وطن الانسان والنجوم والانهار والاشجار والازهار…

هنا كانت واحة من عطاء وإبداع واختراع
فلا عجب -ونحن في الذكرى السابعة والسبعين للاستقلال- أن تلفت شركة موديرنا أنظار العالم بعدما أثبت اللقاح الذي تعمل على إنتاجه فعالية تصل إلى 94.5 في المئة في مقاومة فيروس كورونا ومن بين التفاصيل برزت شخصيتان من أصول لبنانية: نوبار أفيان الذي يترأس مجلس إدارة الشركة ومارسيليو دمياني ابن طرابلس الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي للتميز الرقمي والتشغيلي في الشركة.
وهما مبدعان من بلدي ينضمان الى قافلة طويلة من المبدعين والمخترعين والمجلّين  والعلماء اللبنانيّين الذين عرفهم العالم من حسن كامل الصبّاح ابن مدينة النبطيّة في جنوب لبنان والمخترع الذي تُنسب إليه عشرات الاختراعات التي سجلت في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا، بالإضافة إلى عدد من النظريات الرياضيّة في مجال الهندسة الكهربائيّة. وقد أُطلق عليه لقب “أديسون الشرق” مرورا بالمخترع رمّال رمّال وجبران خليل جبران الفيلسوف والشاعر والكاتب وبيتر براين مدوَّر الطبيب البريطاني من أصل لبناني الذي اكتشف التحمّل المناعي المكتسب وفتح الطريق أمام الأبحاث الراميّة إلى الحد من رفض الجسم للأعضاء المزروعة فيه وقد حصل على جائزة نوبل في الطب في العام 1960 مناصفة مع الأسترالي السير فرانك بورنت لاكتشافهما التحمّل المناعي المكتسب مرورا بالعشرات بل المئات ممن تبوأوا مراكز عالية في بلاد الاغتراب وصولا الى وائل أبو شقرا الذي غادر لبنان العام 1986 إلى أميركا وتسجل في جامعة في نورث كارولينا في قسم التكنولوجيا، وطور علومه في ميادين شتى فحصد أكثر من 50 شهادة من شركة IBM…واللائحة تطول وتطول..
وهنا يجتاحني أكثر من سؤال:
كيف لهذا الوطن العظيم أن يبقى يعاني ولا نجد له الدواء الشّافي؟
كيف لهذا الشعب المتألق ان يلقى اليوم هذا المصير البائس؟
كيف لهذا الوطن المسكون دائما بالأمل المعطّر ابدا بالحلم ان لا ينهض من أجل ان يبقى جنة الله على ارضه؟
وكيف لأبنائه الشرفاء ان لا يستميتوا في سبيل الدفاع عنه وحراسته وطنا للانسان ومختبرا للثقافات وملتقى للديانات ومشفى لأمراض العالم وجامعة لافكاره وانواره؟
شفى الله بلدنا لبنان وألهم المسؤولين عطفا على تراثه ولطفا بإنسانه وترفعا عن انانيات أحرقت فيه الأخضر واليابس وكان الله بعون شعبه المكابد.

زر الذهاب إلى الأعلى