أخبار فلسطين

مراد : ابو علي مصطفى كان العاشق لتراب ارض البرتقال الحزين والطيف العائد الى حيفا ،

 

في حضرة الشهادة تفرُالكلمات، وتعجز الألسنة، وتجف الاقلام، وتغدو صياغة العبارات ممتنعه، ويتساءل المرء هل بالامكان ان نفي الشهيد حقه في بضع كلمات وعبارات؟؟؟ وهو الذي نذر حياته من اجل حرية شعبه وامته، ودفاعاً عن قضايا الانسانية في هذا العالم المتوحش… هم الشهداء الرصاص المنهمر… والدماء المتفجرة من جراحاتهم… من طينة العظماء هم… من سبائك ذهب وحبات الماس صنعت نفوسهم… بشجاعتهم هزموا الرعب من الموت، والخوف من ازيز الرصاص، وهدير الطائرات، ودوي المدافع… هم الابطال الذين ارتقوا للعلى… بدمائهم عبدوا لنا الطريق نحو فلسطين. وشهيدنا القائد ابو علي مصطفى كان وسيبقى مثالاً ونموذجاً للمناضل الصلب والقائد المتميز ، أمن بالمقاومة طريقاً للتحرير والعودة .

ابو علي مصطفى الذي تولى ومعه بضعة من المناضلين والقادة بذرة الثورة على الظلم.،البذرة التي غرستها الشهداء عز الدين القسام، وعبد القادر الحسيني، وجيفارا ووديع، وغسان. وابو جهاد والعياش والشقاقي والآلاف من قافلة الشهداء، فتولاها بعنايته من جهد وعرق، ورواها بدمائه الطاهره لتزداد جذورها في الارض رسوخاً، وفروعها تعانق السماء.

في ذكرى استشهادك يا رفيقي، ايها العاشق لتراب ارض البرتقال الحزين، والعائد بروحك الى حيفا بعد ان قرعت بدمائك الطاهرة جدران الخزان وكشفت عرى وعجز وتواطؤ ابو الخيزران. وستبقى دمائك وقوداً لمشعل المقاومة المستمرة حتى التحرير والنصر . مناالوفاء ولك الخلود..

في السابع والعشرين من اب عام2001 ظنَّ العدو الصهيوني واهماً انه باغتيال الشهيد ابوعلي مصطفى قادر على كسر ارادة وعزيمة الشعب الفلسطيني ،  والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وان يحققانجازاً ارهابياً جديداً يضاف الى سجله الأسود الحافل بالمجازر والارهاب فأقدم بطائراته وصواريخه الامريكية الصنع على استهداف مكتب الشهيد القائد في رام الله مما ادى الى استشهاده على الفور.

لم يكن اختيار الشهيد ابوعلي مصطفى هدفاً صهيونياً للاغتيال عشوائياً بل كان اختياراً مدروساً بدقة، باعتبارها كانت اول عملية اغتيال صهيونية لقائد فلسطيني من الصف الاول، فقد كان ابو علي مصطفى هدفاً دائماً لعمليات الاغتيال الصهيونية في الاردن وبيروت، لما مثله  هذا القائد الفذ من نموذج للقائد السياسي والعسكري والجماهيري ، الذي آمن بكل اشكال المقاومة بما فيها الكفاح المسلح، طريقاً لتحرير فلسطين.

ابو علي مصطفى الذي انتمى  لحركة القوميين العرب، وهو في السابعة عشر من عمره،
وتعرض للاعتقال مرتين في سجن الجفر الصحراوي في الاردن لدوره الكفاحي في سبيل تحرير ارضه، ولم تتمكن من كسر ارادته قضبان الزنازين ولا سياط الجلاد، وفي كل مرة كان يخرج اكثر تصميماً على مواصلة الكفاح، آمن بالكفاح المسلح طريقاً لتحرير والعودة ، والتحق بدورات عسكرية في معسكر انشاص في مصر وكان
له الدور الاول في انشاء اول خلية عسكرية في شمال الضفة الغربية، والتي نفذت العديد من الاعمال الفدائية ضد قوات الاحتلال . ليتولى لاحقا مسؤولية قيادة العمل العسكري للجبهة الشعبية وكان قائداً لقوات الجبهة ابَّان مجازر ايلول الاسود .

في شهر ايلول من العام 1999 عاد ابو علي الى ارض الوطن، وحينما وطأت قدماه ارض الوطن كانت اولى كلماته ” عدنا لنقاوم وعلى الثوابت لا نساوم “*

وعلى مدى عامين من تاريخ وصوله حتى لحظة استشهاده، كان للشهيد دوراً محورياً، في تعزيز الوحدة الوطنية التي امن بها ، وشحذ الهمم وتحشيد طاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات الاحتلال ، كما كان له دوراً هاماً في اعادة تنظيم و تصليب بنى الجبهة التنظيمية والعسكرية والجماهيرية ، ومع اندلاع انتفاضة الاقصى في العام 2000 ، كان له دورا ً اساسياً في تنظيم فعالياتها، فتقدم الصفوف في المسيرات الجماهيرية ،وعمل بكل ايمان لتحشيد الطاقات وتوحيدها .
و بتوجيهاته تمكنت خلايا الجبهة العسكرية من تنفيذ العديد من العمليات العسكرية النوعية ، لدرجة تمكنت فيها خلايا الجبهة من تفجير سيارة مفخخة على مدخل مطار اللد ( بن غوريون ) ما اعتبر اختراقاً نوعياً لمنظومة الامن الصهيونية.
.
لقد شكل اغتيال ابو علي مصطفى تحدياً للجبهة ،فكان القرار بالرد على قاعدة ” الرأس بالرأس ” وفي السابع عشر من اكتوبر من نفس العام اي بعد حوالي اربعين يوماً ، حينما تمكنت احدى خلايا كتائب الشهيد ابو علي مصطفى مجموعة الشهيد وديع حداد من اغتيال وزير السياحة الصهيوني، وعضو المجلس الامني الصهيوني المصغر، وزعيم حزب ” موليديت الصهيوني ” صاحب نظرية الترانسفير ( الترحيل ) وكان يعمل لطرد الفلسطينيين من ارضهم، وهو الجنرال الذي خاض كل حروب الكيان ضد الدول العربية ، وكان اغتياله صفعة مدوية للكيان الغاصب ، ورداً طبيعياً من ثوار الجبهة ، وتأكيداً منهم ان اغتيال القادة لن يزيدنا الا تصميماً على مواصلة الكفاح حتى التحرير والعودة.

تحل الذكرى السنوية التاسعة عشر لاستشهاد ابو علي مصطفى ، في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع على المستوى العالمي ، والذي تشكل فيه منطقتنا احدى ساحاته الرئيسية، اذ تسعى قوى العدوان الصهيو – اميركي وادواتهما في المنطقة والعالم لتكريس هيمنتها ونفوذها من خلال القضاء على قوى المقاومة المناهضة للمشاريع الامبريالية، والساعية الى تمكين شعوب المنطقة للاستفاده من مقدراتها وثرواتها، وحقها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واستثمار مقدراتها لخدمة ابنائها ، وهو ما تسعى الداوئر المعادية الى عرقلته ومنعه بكل وسائلها الخبيثة والعدوانية ، وكل ذلك خدمة لأطماعها، ولتكريس هيمنة دولة الاحتلال الصهيوني الغاصب لارض فلسطين، وهذا ما تؤكده الوقائع على الارض من خلال التدخل العسكري النباشر ، وفرض العقوبات، واحكام الخناق على الشعوب الحرة، والتدخل السافر في الشؤون الداخلية ، وتجنيد ادواتها وعملائها في المنطقة خدمة لاهدافها واطماعها ، والعمل الحثيث والمحموم لتحقيق اختراقات نوعية من خلال صياغة تحالفات بين النظام الرجعي العربي مع دولة الاحتلال، والذي يشكل التطبيع العلني واقامة اتفاقيات السلام معها، كمقدمة لتصفية القضية الفلسطينية. وما اقدمت عليه دولة الامارات مؤخراً انما هو رأس جبل الجليد وما خفي منه مان اعظم ، وهنا نقول بإسم جموع الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وبإسم شرفأء امتنا واحرار العالم ، ان تلك الخطوات ما هي الا طعنة مسمومة في ظهر الشعب الفلسطيني، وخيانة لدماء الشهداء التي سألت على طريق تحرير فلسطين، ودفاعاً عن شعوب الامة ، ولن تتمكن تلك المؤامرات من كسر ارادة الشعب الفلسطيني الذي سيواصل مقاومته على طريق تحرير فلسطين كل فلسطين .
.
ان التصدي لكل تلك المشاريع المعادية، تستلزم اولاً القطع النهائي مع كل مسارات ما تسمى التسوية ، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، على قاعدة التمسك بالحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة لشعبنا، واعتماد استراتيجية مواجهة شاملة عنوانها الصمود، والمقاومة بكل اشكالها واستنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده، وزجها في ميدان المواجهة ، وبناء تحالفات على المستويين العربي والاممي في مواجهة تلك المخططات المعادية ، وتعزيز محور قوى المقاومة للمشاريع الامبريالية على المستوى العالمي .

في الذكرى السنوية التاسعة عشر لاستشهاد قمر الشهداء ابو علي مصطفى نتوجه بأسما آيات الاعتزاز لابناء شعبنا على ارض فلسطين التاريخية ، والى كل ابناء شعبنا في كافة مواقع اللجوء والشتات ، والى شرفاء امتنا واحرار العالم ، ونجدد العهد بأننا مستمرون على ذات الاهداف التي استشهد من اجلها ابو علي مصطفى وكل الشهداء ، حتى استعادة فلسطين من بحرها الى نهرها ونرفع رايات العزة والانتصار فوق كل جبلٍٍ وتلْ، من جيال وتلال فلسطين، وتسطع شمس الحرية على كل وديانها وسهولها، مدنها وقراها، احيائها وازقتها. وتحقيق العودة المظفرة لابنائها اصحاب الحق الشرعيين .

المجد للشهداء الذين رسموا بدمائهم الطريق نحو الحرية والانتصار ، الحرية للاسرى القابعين في زنازين الاحتلال، يصوغون بصمودهم ابجدية التحدي للمحتل ، والخزي والعار للعملاء المأجورين ، وان النصر حتماً حليف الشعوب المناضلة.

زر الذهاب إلى الأعلى