بأقلامنا

راحت السكرة،،، وإجت الفَكرة… “العقلانية والشراكة؟… أم مشهد الإنقسام؟…” بقلم الإعلامي فادي رياض سعد

طُويت صفحة الانتخابات النيابية ففتحت الأزمات دفاترها القديمة وعادت أزمات المحروقات والرغيف، وتراكمت التحديات في طريق المجلس النيابي الجديد وعليه الالتفات إلى معالجة الأزمات ومواجهة الاستحقاقات الكبرى، واولاها معركة رئاسة مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس. ومعركة الرئاسة الثانية  مروراً بمعالجة الملفات العيشية والاقتصادية والمالية وصولا الى الاستحقاق الرئاسي، حيث تنتهي ولاية الرئيس العماد ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، ومن أولى المهام المنوطة بالبرلمان الجديد تشكيل حكومة جديدة التي ستكون المحك الاول للقوى التغييرية. فكيف ستتصرف؟ وهل تملك استراتيجية موحدة لخوضها، ام ان تفرقها سيبقي القديم على قدمه؟ 

والاستحقاق الأكبر يتعلق بالتصدّي للتحدّيات الأساسية والعاجلة وتجاوز الأزمة المعيشية، حيث عادت الطوابير إلى محطات المحروقات والأفران ومركز تعبئة قوارير الغاز، ونفاذ الفيول يهدد بالعتمة الشاملة  مع توقف المعامل عن إنتاج الطاقة. والدولار تخطى عتبة الثلاثين ألفا،  وهذا يضع كل الاطراف امام مسؤولية الانتقال من مرحلة الصدام التي عانينا منها في فترة ما قبل الانتخابات، الى مرحلة الوئام والشراكة والتعاون في تحمّل المسؤوليّة ووضع الأزمة على سكة الخروج منها.

وما هو أكيد أن تركيبة المجلس النيابي الجديد المتنوعة، بمقدورها نقل لبنان الى مرحلة الانفراج، بالتعاون مع حكومة يشارك فيها الجميع، إذا تحلّت الكتل النيابية بالعقلانية والواقعية!..، وتخلّت عن الخطاب المتشنج الذي رافق الانتخابات فهو ليس مجلس اللون الواحد وليس فيه اكثرية لأي فريق بعينه.

ونعتقد انّ جميع الاطراف باتت تستشعر بالخطر، والواقع الذي نعيشه بات يؤكّد أن لا سبيل امام هؤلاء الاطراف سوى ان يتحمّلوا المسؤولية، وهذا امر ليس مستجداً على لبنان، بل يلازمه منذ نشوئه مع أطراف سياسية بسياسات مختلفة تتلاقى حيناً وتتصادم احياناً اخرى.

وعلى الجميع التعايش مع هذا الواقع، إن بالتوافق المعلن وغير المعلن على الشراكة في إشاعة اجواء هدوء واستقرار، او بالافتراق كما هو حاصل حالياً!!… وكل ذلك رهن بالظروف التي توجب التقارب والشراكة في تولّي السلطة، او التباعد وتموضع كل طرف خلف متراسه. فتجربة الانقسام والاشتباكات التي استمرت منذ اكثر من سنتين قد صدمت الجميع بحائط مسدود، ووضعتهم بعد الانتخابات امام خيارين:

اما سلوك طريق العقلانية والشراكة ولو على مضض، في بلورة حلول ومخارج للأزمة الحالية، واما إعادة تكرار مشهد انقسام ما قبل الانتخابات والبقاء في ذات المواقع وخلف متاريس الصدامات والاشتباكات. وتكرار هذا المشهد معناه تمديد عمر الأزمة وتفاعلاتها التي تهدّد بتذويب لبنان واندثاره.

وبناءً على هذا الواقع، وأينما كان موقع الاكثرية والاقلية، فلبنان محكوم بالتوافق الإلزامي بين مكوناته السياسية والاجتماعية، وهذا ما خبرناه منذ سنوات طويلة.

فادي رياض سعد

زر الذهاب إلى الأعلى