اصدارات

العلامة فضل الله: لغتنا تمثّل شخصيتنا ونستمدّ منها قيمنا وتاريخنا

في أجواء يوم اللغة العربية افتتح معرضا للكتاب في ثانوية الصادق(ع) في جويا
العلامة فضل الله: لغتنا تمثّل شخصيتنا ونستمدّ منها قيمنا وتاريخنا
رعى العلّامة السّيّد “علي فضل الله”، حفل افتتاح معرض الكتاب السّنويّ؛ الذي نظمته ثانوية الإمام جعفر الصادق(ع) في قاعة البتول في جويا تحت عنوان “كتابٌ يُقرأ… تاريخٌ يُحفظ” بحضور مدير الثانوية الاستاذ محمد نصرالله، مدير دائرة الاشراف الدّينيّ في جمعية المبرّات الشّيخ فؤاد خريس، مدير مبرة السيدة مريم(ع) السيد حسن حسن وفعاليات ثقافية وتربوية وبلدية واختيارية، والهيئتين التّعليميّة والإداريّة، وحشد من الاهالي، وعدد من تلاميذ القسم الثّانويّ.
استهل الحفل الذي قدمته التّلميذة زينب عوالة ، بآيات من الذّكر الحكيم بصوت التّلميذ زين العابدين موسى شامي ، ثمّ النّشيد الوطنيّ ، ثم القت الأستاذة ليندا فقيه كلمة حول المعرض وأنشطة مكتبة النبي ادريس (ع)، معتبرة انه يمثل محطة ثقافية فارقة، ونافذة مشرعة على فضاءات المعرفة الرحبة حيث تتجلى قيمة الكتاب كأرقى أشكال التواصل الإنساني فهو النور الذي نستهديه لمحو الظلام والجهل المحيط بوطننا الحبيب والعنوان الذي يربطنا بهويتنا الأصيلة ونحن نعمل دوما ليبقى شغف القراءة هو سلاحنا الأقوى في امتلاك المعرفة والعلم ،ثم قدم كورال المدرسة أنشودة “موطني” ومن ثم تم عرض تسجيل مصور بصوت المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله (رض) ، حول أهمية القراءة …
ثم القى العلامة فضل الله كلمة استهلّها بالتعبير عن سعادته الكبيرة بهذا اللقاء، الذي نجتمع فيه على قيمة الكلمة التي بُنيت عليها رسالتنا، حيث كانت أوّل آية نزلت من القرآن الكريم هي «اقرأ»، ليؤكّد الله تعالى من خلالها مكانة هذه القيمة في حياة الإنسان.
وأشار إلى أنّ الإسلام حثّنا على القراءة والتفكّر لمعرفة ما يدور من حولنا، لا أن نبقى جامدين عند حدود ما نعرفه، بل أن نطّلع على أفكار الآخرين وما وصلوا إليه، ونستفيد منها مع الحفاظ على هويتنا الثقافية، من دون أن نذوب في ثقافة الآخر مؤكدا ضرورة تعزيز ثقافة القراءة، لكن القراءة الواعية التي تدعونا إلى التمحيص والتدقيق فيما نقرأ، فلا ننبهر بكل ما يأتي من الخارج، ولا سيّما في زمنٍ تضجّ فيه الحياة بالأفكار والآراء، حيث تصبح مسؤوليتنا أن نتحقّق من أي معلومة أو خبر يصل إلينا.
وتوجّه إلى الطلاب والطالبات بالقول: عليكم أن تدركوا أنّ هناك من يسعى للنفاذ إلى عقولكم عبر بثّ أفكار مشوّهة، بهدف ضرب مفاهيمنا الثقافية ومبادئنا، ومحاولة سلب وعينا تحت مسمّيات مختلفة وافقادنا الثقة بأنفسنا وقدراتنا حتى يسهل السيطرة على بلادنا…
وأضاف: أمام هذا الضخّ الإعلامي، لا تسمحوا لأحد أن يتلاعب بعقولكم، فالمعركة ليست سياسية أو أمنية أو اقتصادية فحسب، بل هي في أصلها معركة ثقافية على الخيارات والاتجاهات، وعلى قلب الحقائق.
وحيّا إدارة الثانوية التي تعمل على ترسيخ مفهوم القراءة على أرض الواقع، من أجل تنشئة جيل واعٍ ومثقف، وقادر على مواجهة التحديات التي تعصف بوطننا وأمتنا. كما أثنى على هذا المعرض والقائمين عليه، لِما يهدف إليه من صقل عقول الطلاب وتنمية قدراتهم العلمية والفكرية، مؤكداً أنّ الحياة التي نعيشها هي مسؤولية شرعية أمام الله، داعياً الطلاب إلى عدم تضييع أوقاتهم، لأنهم سيندمون على ذلك في المستقبل.
ودعا الطلاب إلى أن يكون كلّ واحدٍ منهم مشروع كاتب، من خلال تدوين ما يتعلّمونه وما يمرّون به من تجارب يومية، ليستفيد منها الآخرون.
وطالب الدولة بضرورة تعديل وتفعيل المناهج التعليمية لتواكب التطورات العلمية المتسارعة، كي لا تبقى مناهجنا جامدة عند حدود معيّنة، ولا سيّما أنّنا دخلنا مرحلة الذكاء الاصطناعي.
وتابع: لدينا القدرات والإمكانات التي تؤهّلنا لئلّا نبقى على هامش الأمم، فنحن أصحاب حضارة عريقة. وفي يوم اللغة العربية، هذه اللغة التي يجب أن نعتزّ بها، نأسف لما نشهده من تراجع في إتقانها وضعف في قواعدها، مشيراً إلى وجود مخططات تستهدف إضعاف لغتنا التي تمثّل شخصيتنا، ونستمدّ منها قيمنا وتاريخنا، وهي لغة القرآن، بما تمتلكه من حيوية ومشاعر وأحاسيس لا نجدها في اللغات الأخرى.
وختم بالقول: إيّاكم أن تستبدلوا لغتكم؛ تعلّموا اللغات الأخرى لضرورات العمل واكتساب العلوم، لكن حافظوا على لغتكم الأم.
وتوجه إلى الحضور قائلا: نحن نلتقي رغم كل الظروف والضغوط والتهديدات، وأشعر وأنا اليوم في ارض هذا الجنوب الصابر والصامد رغم بطش العدو والمعاناة، اشعر بالاعتزاز لاسيما حضوركم في هذه المناسبة حيث الظروف صعبة، وشعب لبنان فخور بثباتكم وتضحياتكم وأنتم أن شاء الله تعالى في رعايته ولكم الأجر الكبير عنده…
ثم توجه بالتهنئة إلى المؤسسات التي تحرص على البقاء في هذه الأرض وفي خدمة مجتمعها، ولاسيما المؤسسات التربوية لأنّ هذا الحضور هو الذي يحمي الأرض وسوف يجعل العدو يتراجع عن أطماعه، متسائلا: هل يوجد من يحبّ هذا الوطن ويقدّم التضحيات من أجله أكثر من هؤلاء الناس الصابرين في هذه المنطقة…
نعم هذا هو الحسّ الوطني الحقيقي، وهذا هو معنى الانتماء للوطن والارتباط به رغم محاولات البعض تشويه هذا الارتباط بالوطن، وكأنّ الصامدين ليسوا من أبنائه، مؤكداً أنّ هؤلاء الناس هم الأحرص على هذا الوطن، والمتمسّكين بكل حبّة تراب منه، ولن يقبلوا بتركه أو الهجرة منه
وفي الختام الحفل قدم مدير الثانوية الاستاذ محمد نصر الله درعا تذكاريا لسماحته تقديرا لدوره الريادي في إثراء الثقافة.
ثم تم قص شريط افتتاح المعرض وجرى عرض ملخضا لكتيبات ” مفاهيم” لسماحته مع جولة في ارجاء المعرض…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى