أخبار لبنان

فضل الله في ندوة العمل الإنساني بدار العجزة الإسلامية نريد للدولة ان تتمثل هذه المؤسسات في وظائفها وغاياتها

حاضر العلامة السيد علي فضل الله في الندوة التي نظمها عمدة دار العجزة الإسلامية تحت عنوان ” العمل الإنساني رسالة حياة” والتي شارك فيها سماحة أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي والمنتج اللبناني صادق الصباح وقدم لها رئيس عمدة الجمعية الأستاذ أسامة شقير وحضرها عدد من الشخصيات العلمائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والطبية غصت بهم القاعة.
وأعرب سماحة العلامة فضل الله في بداية كلمته عن جزيل الشكر والتقدير والامتنان لمجلس العمدة في مستشفى دار العجزة الإسلامية، لإتاحتهم الفرصة ليكون بينهم مع أخي العزيز سماحة الشيخ أمين الكردي…
وأضاف: اجتماعنا هنا لنتحدث عن قيمة نحن أحوج ما نكون إليها وهي العمل الإنساني، وكلنا يعرف أهمية أن يكون العمل للإنسان كإنسان بعيداً من طائفته ومذهبه وموقعه السياسي أو انتمائه الحزبي وهو ما بتنا نفتقده في هذا البلد، وبذلك يتحول هذا العمل إلى رسالة إيمانية وإنسانية يحملها كل فرد ويسعى ليكون له دور في هذه الرسالة التي يريدها الله أن تكون صورة الحياة.
وتابع: من هنا أعبر عن اعتزازي بالدور الذي أخذته على عاتقها هذه المؤسسة التي نجتمع اليوم في رحابها، مستشفى دار العجزة الإسلامية، والدور المميز الذي تقوم به في رعاية المسنين والاهتمام ومن يعانون من أمراض نفسية وعقلية، هؤلاء الذين لهم حق على مجتمعهم، أن نحتضنهم ونرعاهم، وأن يحظى الكبار منهم بالوقار والاحترام والتقدير بعد أن قدموا الكثير عندما كانوا يمتلكون القوة والقدرة.
وللاستفادة من الطاقات التي يمتلكها هؤلاء من خلال التاريخ الذي عاشوه والذي حفر في ذاكرتهم، والحكمة التي لديهم وأبارك للعاملين على هذا الصعيد، وأشد على أياديهم للثبات على هذا النهج والسير فيه، فهي نعمة ما بعدها نعمة.
إن أفضل ما ينعم به الإنسان في هذه الحياة، وهي تستوجب منه الشكر، أن يوفر الله سبحانه له القدرة على أن يترك أثراً طيباً في حياة الآخرين، بأن يكون ممن يرسمون البسمة على الوجوه المتعبة المثقلة بالهموم والغموم وممن يوفقون ليكونوا اليد الحانية التي تمتد إلى من يحتاج إلى من يساعدهم للقيام بأعباء الحياة ويبعث فيهم العزيمة ويشد أزرهم ويستنفر فيهم الطاقات المودعة التي إن لم تُستنفر فستضيع، حتى لا يكونوا على هامش المجتمع أو عبئاً عليه، بل يشاركوا في مسيرته بما هم قادرون عليه.
هؤلاء هم الممتلئون إنسانية، حيث لا يمكن أن يكون الإنسان إنساناً ولا يعيش إنسانيته في إنسانية الآخرين، وهم يعيشون الإيمان عميقاً، فلا يمكن أن يكون المؤمن مؤمناً حتى يحب لأخيه الإنسان ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.
إن من يمارس هذا الحب والعطاء والبذل، هو لا يقدم خدمة للآخرين فقط، بل هو ينفع نفسه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا.{
فعلى صعيد الدنيا؛ هو يملك بذلك قلوب الناس، فالناس فطرت على حب من أحسن إليها، “أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم”.
وأكد أن هذه القيمة لا تُبنى وتُحفظ بالأنانيين الذي يستغرقون في ذواتهم ولأجلها يعيشون ويحبون، وإن توسعت فهي تقف عند عائلتهم أو أبناء دينهم أو مذهبهم أو موقعهم السياسي والحزبي كما نشهد…
وبالطبع تكبر هذه القيمة ويكون أثرها أكبر، عندما تتحول إلى عمل مؤسسي، ما يضمن لها أن تؤدي خدماتها بشكل أفضل وأوسع، وتضمن لنفسها الاستمرار حيث العمل الفردي مهما بلغ من قيمة فإنه يبقى محدوداً بإمكانات الأفراد وقدراتهم ووجودهم، وهو استجابة لدعوة الله سبحانه، عندما قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان{…
ودعا سماحته إلى ضرورة التنسيق بين المؤسسات العاملة على الصعيد الإنساني لتبادل الخبرات، بحيث يشد بعضهم أزر بعض، ولتطوير خدماتها وحضورها في الميدان الذي تعمل فيه مؤكدا على مد يد العون لهذه المؤسسات بكل سبل المساندة لا سيما في هذه الظروف الصعبة، وأن يبادروا إلى القيام بدورهم فيها ودائماً أن يروا القليل خير من الحرمان وهو يصبح كثيراً بالتعاون.
ولعل شهر رمضان القادم إلينا بخيره وبركاته، سيحمل نسمات خيره على هذه المؤسسات ويعزز دورها، ونحن في الوقت نفسه نجدد دعوتنا للدولة اللبنانية المعنية بمواطنيها لا سيما الضعفاء منهم، إلى جعل المؤسسات العاملة على الصعيد الإنساني من أولى أولوياتها، للدور الذي تؤديه عنها ولكونها الرافعة للمجتمع والحافظة لطاقاته.
وقال: إننا نريد لهذه الدولة، أن تتمثل هذه المؤسسات في وظائفها وغاياتها وأهدافها، في عملها لخدمة الإنسان كله، لتصل إلى أن تكون دولة الإنسان في رعايتها لكل أبنائها، بصرف النظر عن طائفتهم ومذهبهم وكيانهم السياسي، وأن ترتقي بالإنسان تمثلاً بالرسالات السماوية التي تتلاقى جميعاً في هذا البلد والتي عندما جاءت، جاءت لخدمة كل الناس ولحساب كل الناس ولم تفرق بينهم.
ورأى إننا بهذه العقلية وبهذه الروح، نستطيع أن نخرج من معاناتنا على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، فبدونها لن يسلم البلد ولن يسلم إنسانه…
وختم كلامه قائلا: ما دمنا لنتحدث عن العمل الإنساني، لا نستطيع إلا أن نستحضر ذلك الإنسان الذي يعاني اليوم في غزة، حيث القتل والإبادة والتدمير لكل مظاهر الحياة فيها، وللأسف يجري ذلك على مرأى العالم المتحضر وتحت عينيه، ووسط سكوت مطبق منه، فهنيئاً لمن يتحركون من أجل نجدة هذا الشعب وإسناده بكل السبل حتى لا تتكرر نكبته مجدداً وأمام أعيننا، وكل حسب قدرته وإمكاناته وعلى الأقل بالمشاعر والدعاء
وقبل الندوة أقيمت جولة على اقسام المستشفى للاطلاع على الخدمات التي تقدمها للمرضى، حيث قدّم مدير المستشفى الدكتور بدر زيدان شرحاً مفصلاً عن عملها.

زر الذهاب إلى الأعلى