بأقلامنا

مواجهات وتحديات خارج حدود ايران بقلم د. شريف نورالدين

بتاريخ: ٤ / ٤ / ٢٠٢٤ م.

 

اتت عملية اغتيال قائد فيلق القدس في لبنان وسوريا وقبله المستشار وغيره من القيادات في الحرس الثوري الايراني على ارض سوريا والعراق، ماهي الا ضمن سياق الحرب المفتوحة في المنطقة ومن الطبيعي ان يكون هناك ثمن وتضحيات في الارواح والعتاد وغيره، وهذا ما يحصل في كل الحروب على مدى التاريخ، وبالخصوص في ظل (الصراع العربي الاسرائيلي) في وقت سابق من حروب دارت ومعروفة لدى الجميع منذ عام نكبة ١٩٤٨ وما سبقها من اغتيالات قبلها وبعدها على ايدي عصابات الهاغانا وغيرها والاجهزة الامنية التابعة للكيان….

بدأت الظروف والوقائع في مفهوم نظرية الصراع (العربي الاسرائيلي) تتغير بعد اتفاق كامب ديفيد واوسلو وغيرها، ثم لحقها ما يسمى التطبيع والمطبعين المتجذر قبل النكبة وبعدها في سلسلة سياق تاريخي من الاستسلام والتهاون وتسليم بقضية فلسطين للمؤسسات الدولية المشرعنة للاحتلال ونظرية الاعتراف (بالسلام العربي الاسائيلي) وحل الدولتين ما هو الا مشروع قائم ضمن الالتزام بمعاهدة سايكس بين العرب واصحاب الاتفاقية….

ولا شك ان التغيير الجذري لمفهوم الصراع بدا منذ حوالي اربعة عقود ونيف مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران والذي اودى بالعرب قاطبة الى اتخاذ ايران عدوا لهم ضمن استراتيجية اميركية اوروبية اسرائيلية خليجية، والذي اودى بالعرب بالولوغ في الحضن الاميركي اكثر فاكثر مما كان عليه منذ تقسيم الارث العثماني ما بعد الحرب العالمية الاولى…

ومع اعلان الثورة الايرانية بالدعم المطلق لقضية فلسطين وشعبها في حقه، توجه كل العالم لمحاربتها بشكل مباشر في حرب دامت حوالي ١٠ سنوات(الايرانية العراقية) للقضاء على الثورة في مهدها وعلى دولة ايران قبل ولادتها بدعم دولي اممي اقليمي للقضاء عليها، او الانصياع لارادتهم وتبقى على راس سلطة الخليج زحارس امنها وشرطيها…

لكن الموقف الايراني لم يتغير واول الاعتراف بالقضية اعلان فتح سفارة فلسطينية على ارضها واستقبال ياسر عرفات بحفاوة…

ومع كل المؤمرات بالقضاء على ما تبقى من فلسطين والتي حيكت وتحاك تحت الطاولة سابقا وفوق الطاولة لاحقا وبالعلن اليوم، عزز دور ايران بشكل كبير بالمواجهة مع الكيان وخاصة في دعمها الامحدود على كل الصعد للمقاومة في لتحريره من الاحتلال، ومع تحقيق النصر للمقاومة والهزيمة للكيان، كانت الانظار تتجه نحو ايران ومحورها ببعد اعمق دولي اقليمي لمواجهتها وجيوشها في المنطقة،حتى أصبحت قوة اقليمية في الصراع ودولية في استراتيجية التحالفات العالمية…

أما اليوم في ظل معركة غزة، لا تزال ايران ومحورها الداعم الاول والاخير لفلسطين وشعبها من خلال مشاركة المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، ما هي الا حلقة فس سلسلة الحرب الدائرة مع الكيان، اما نظرية وحدة الساحات في البعد الاستراتيجي جيدة وفي المرحلة الأنية سابقة لاوانها، وخاصة مع اعلان ايران منذ اللحظة الاولى بنفييها المطلق لدور لها في عملية طوفان الاقصى من حيث القرار في الزمان والمكان، ويبقى دورها الداعم للمقاومة في فلسطين بالشكل الاعم والقائم على زوال اسرئيل من الوجود واعادة الحق للشعب الفلسطيني ضمن اطار المعركة المفتوحة في عملية جراحية طويلة الامد وليست الحرب الاخيرة والتي نراها بعيدة المنال في الوقت الحالي، لان التغيير في موزين القوى الاقليمية والدولية لم تصل الى الحد الذي يسمح بالحرب الكبرى مع الكيان، ولا شك ليس هناك عاقل لا يدرك ذلك، وان الامور ليست بالشكل السهل كما يراها البعض بل اكثر تعقيدا غي ظل المتغييرات على الساحة العالمية (الصيني الروسي الاميركي الاوروبي الايراني وغيره)…

لذا عمليات الاغتيال التي تحصل، هي المسار الطبيعي لها، ولرد عليها لا ياتي بمفهوم الرد والرد المباشر او الغير مباشر او الانتقام، والحقيقة ضربة بضربة وجولة في جولة ومعركة مقابل معركة، ولا اراها خارج هذا السياق فالكلام عن الرد والانتقام ليس بمحله السياسي او الامني او التكتيكي، لان ذلك تحصيل حاصل ولا يحتاج الى رد وتعليق اعلامي وتضخيم ما يحصل على انه شيء جديد وخارج الصراع، وان ما يحصل لن يكون الاخير في ظل المواجهة القائمة والمستمرة…

لذا! اي فعل تقوم به ايران ومحورها ياتي ضمن عمل الردع او التوازي او مقاربة الفعل بالفعل…

اما سيناريو المواجهة بعد الاغتيال الاخير لقائد فيلق القدس لا يحتاج الى تعليل وتحليل حول الضربة على المبنى كونها قنصلية أم لا، وهذا لايغير ولا يبدل بشيء من الناحية العملياتية والسياسية والامنية، فالمواجهة مستمرة ومفتوحة على مصراعيها…

نرى دائما على مستوى العملياتي الايراني في المواجهة محصزر في اراضي كردستان ولا اعتقد سيغير شيء بقواعد الاشتباك وهذا الفعل على اراضي كردستان بشكل دائم له مخاطر استراتيجية في المدى المنظور مع القومية الكرية والتي لها ولوج داخل اراضي ايران و على حدودها مما سيؤدي الى تاجيج المشاعر الاثنية والقومية ضد ايران وهذا ليس في مصلحة الدولة العميقة لها ، أما سيناريو ضرب سفارة او قنصلية او مركز حكزمي لايراني في مكان اخر على سبيل المثال في الاردن وهي الحلقة الاضعف له مخاطر كبيرة لانه يخدم مصلحة الكيان ومشروعه في خلق الفوضى اراضي الاردنية ، وهذا مايسمح بخطة التهجير من الضفة الى النقب ودولة بديلة فلسطينية على ارض الاردن، اما سيناريو الفعل الاخر خارج حدود جغرافيا الاقليم ضمن اطار العمل الامني المستور والغير معلن ممكن وهذا يحصل بعض الاحيان مع التكتم ولكن ايضا له تداعيات دولية على حساب دولة ايران وشعبها حاضرا ومستقبلا في ظل العقوبات وغيرها…

اما سيناريو الفعل الايراني على الكيان بطريقة مباشرة فهذا غير وارد مطلقا حتى الن في ظل المواجهة المفتوحة وليست الحرب الكبرى، واذا كانت حرب غزة تحكمها قواعد الاشتباك الغير مباشرة، فان المواجهة بين الايراني والكيان محكوم بالتطورات الدولية والمتغييرات العالمية في التوزانات والتباينات والمصالح التشاركية المعقدة بين الدول الكبرى في ظل لعبة الامم الكونية…

لذا يبقى الصراع والمواجهة بين الايراني والكيان خارج حدودهما حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود مع الحرب الروسية الاوكرانية والتهديد الاميركي الصيني والدور الهندي والضعف الاوروبي والدور التركي وتنظيم الدولة في المنطقة وبالخصوص في وسط اسيا دول التان جميعها والتي فعلت فعلها في كرمان ايران وروسيا اخيرا واللائحة طويلة لها الممتد جذورها في المنطقة على قاعدة بشرية مليونية من مليارية عقائديا والدور الاميركي الكبير في حياكة الخطط الاستراتيجيات لها والداعم بشكل مباشر للكيان ووجوده…

مع كل ما يحصل في المنطقة والمعركة على ارض غزة ومشاركة محور المقاومة معها ليست الا مرحلة أنية في الجدولة الزمنية للحرب النهائية…

أما الصبر الاستراتيجي لا مناص منه، فهو محكوم بالوجودية والساحة الوجدانية مع الزمن البراغماتي على المسرح الدراماتيكي الدولي…

زر الذهاب إلى الأعلى