اصدارات

ندوة وتوقيع كتاب لناصر قنديل عن حكومة الرئيس دياب يعود ريعه لمتضرري زلزال سوريا المرتضى: ناصر أصَّلْ جذورَ الصراع ووجَّهْ البُوصلةَ في اتّجاه فلسطين

وطنية – أقام النائب السابق ناصر قنديل، في قاعة المكتبة الوطنية – الصنائع – كلية الحقوق سابقا، ندوة عن كتابه “ثورة… مخاض أم متاهة؟ حسان دياب: حكومة فاشلة أم فرصة ضائعة؟”، حضرها الرئيس حسان دياب، وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، الوزير السابق كريم بقرادوني، وحشد من النواب الحاليين والوزراء السابقين والشخصيات الديبلوماسية والفاعليات السياسية والثقافية والإعلامية.

المرتضى

ألقى المرتضى كلمة قال فيها: “أهلاً وسهلاً بكم في المكتبة الوطنية روّاد وعيٍّ وسياسيةٍ وثقافة نتجتّمع وإيّاكم لنحتفل بمولودٍ جديدٍ قيّم لشخصيةٍ استثنائيةٍ بكل المقاييس خاضت كلّ معتركات النضال من أجل التغيير، من أجل الحقّ والحريّة والقضايا الوطنية والقومية، فأبدعت وقدّمت الكثير الكثير وما برحت، ولن تبدل تبديلا”.

أضاف: “عزيزي الأستاذ ناصر، ​لا يذهبَنَّ بك اليقينُ إلى أنني قرأتُ كتابَك كاملًا من الغلاف إلى الغلاف، وجئتُ اليومَ لأبديَ فيه رأيًا، أو أناقشَ في مضامينه وخُلاصاتِه. فهو من الغنى بمكانٍ يعسُرُ أن يُحيطَ به الوقتُ القليلُ الذي كان لي منذ أهدَيْتَنيهِ إلى اليوم،. ثمَّ إنني إلى الرويَّةِ أميَلُ في مقاربةِ الكتبِ التي تتناولُ التاريخَ السياسيَّ على وجه التحديد، اقتناعًا مني بقول المؤرخ أسد رستم: الأصلُ في التاريخ اتِّهامُ الأخبارِ لا براءةُ ذمّتِها”.

وتابع: “لا يأخُذَنَّكَ الشكُّ في أنني لم أقرأِ الكتاب البتّةَ، فقد مررتُ به مرورًا متأنّيًا، أشدَّ عمقًا من التصفُّح اليسير، ووقفتُ على خطوطِه العريضةِ وموضوعاتِ فصولِه وتناولِ أحداثِه الصعبةِ والهيِّنة. وأولُ ما لفتَني فيه أنك أنتَ أيضًا تتَّهمُ أخبارَ التاريخ ولا تُسلِّمُ بمروياتِها السطحية المعروفة، بل تغوصُ في سياقاتِها وأسبابِها غوصًا تحليليًّا، على وَفْقِ ما أوتِيتَ من خبرةٍ وطولِ باعٍ في التحليل السياسي الذي احترفْتَه صَنْعةً ودَوْرًا وطنيًّا. ورأيْتُ، بأمِّ العينِ، كيف تُسلسُ لك اللغةُ قيادَها، فتنزلقُ الأفكارُ والكلماتُ على أوراقِكَ، كما تنسابُ على لسانِكَ، في وضوحٍ وتماسكٍ، كأنَّكَ تقرأُ حين ترتجلُ، وترتجلُ حين تكتبُ، من غير أن يعتري خطابَك في الحالتين أيُّ تشوشٍ أو تلجلجٍ في هويته المقاوِمة وانتمائه الحرّ”.

وأردف: “لعلَّكَ، حين اخترت الكتابةَ عن مرحلةِ دولة الرئيس حسان دياب وحكومته، خالفتَ قاعدةَ  أن التاريخَ لا يُكْتَبُ إلا بحبرٍ باردٍ بعد مدةٍ غير قصيرة من انقضاءِ أحداثِه وانكشافِ أسرارِها. لكنك في ذلك مارسْتَ تحدِّيَ السّبْقِ الرصين، من غيرِ تسرُّعٍ طبعًا، وخُضْتَ في وقائع التحدّيات المفصلية التي واجهَتْها تلك الحكومة، منذ تسمية رئيسها الذي مرَّ اسمه من الغربال” كما جاء في الكتاب، حتى استقالتِه إثر الكارثة التي فجَّرت الوطن في الرابع من آب، وما تخلّل هذين الحدثين من حراكٍ شعبي عفويٍّ أو موجَّه، أو مثلما عبَّرْت أنتَ، من ثورةٍ ظاهرةٍ وأخرى عميقة، اختلفت أجَندةُ كلٍّ منهما وإن قادتِ الثانيةُ الأولى… ومن انهيار اقتصادي واشتباكٍ سياسي على النقطةِ والفاصلة في كلِّ شيء. ورَصَدْتَ الدورَ العميق للدولةِ العميقةِ” الذي جعل الرئيس حسان دياب وحكومتَه في موقعٍ لم يضعْه في حسابه أصلًا كما نقلْتَ عنه، بات فيه على صدامٍ يومي مع حاكم مصرف لبنان وقادةِ النظام المصرفي” في حينِ أنَّ الصدام الحقَّ كان بين الحاكم والأرقام، التي بطبيعتها لا تحتملُ الخلاف والصدام”.

وقال: “الأهمَّ في كلِّ هذه السردياتِ المهمة، أنَّكَ أصَّلْتَ جذورَ الصراع في ترابِهِ الفكريِّ البَحْت، ووجَّهْتَ في ذلك البُوصلةَ باتّجاه الجنوبِ حيثُ فلسطين، لتصلَ إلى أن لبنان الكبيرَ الصغير، القائم على فالقٍ سياسي يهتزُّ كلَّ ثانيةٍ بفعلِ الكيان المغتصِبِ المزروع هناك، فيزلزلُ كلَّ استقرارٍ ويبلبلُ كلَّ أملٍ بالنهوض، ليست أزمتُه مجرَّدَ أزمةِ حكمٍ أو نظامٍ، بل هي أكبرُ من أزمة ِكيانٍ وهوية، تجمَّعَتْ فوقَها أزماتٌ تتَّصِلُ بحالِ عدم اليقين الذي يعيشه العالم…”، مثَبِّتًا/ أن ما يجبُ النقاشُ فيه/ هو المنهجُ لا جدولُ الأعمال، وأن هذا المنهجَ فلسفيٌّ بطبيعتِه لأنه يسعى إلى بناء دولةٍ تساوي بين مواطنيها بعيدًا عن تمايزاتِ الأعراق والأديان، دون الوقوع في استبدال طائفيةٍ صريحة بطائفية تختفي خلف قناع الديموقراطية“. فأنت بهذا القول تعيدُ الاعتبارَ إلى دور الفكرِ في قيامِ الأوطان وفي قيامتِها من أزماتِها، دورٌ صرنا نفتقدُه في لبنان بعد أن تفشّت فيه العصبيّاتُ القاتلة تفشّيًا سريعًا مريعًا، بعيدًا عن العقل والمنطق، لا بل حتى بعيدًا عن مصلحة الوطن والمواطنين”.

أضاف: “​من هنا، يأتي كتابُكَ محاولةً ناجحةً لإنصافِ دولة الرئيس حسان دياب القادمِ إلى السياسة من الأكاديميا، والقابضِ على الألغام بأصابعَ لم تألفْ سوى الأقلام. ومن هنا، أيضًا يخرجُ كتابُك من حقل التأريخِ السياسي إلى بيدرِ الفكرِ السياسي. أتُراكَ كنتَ فيه مماشيًا لسيرةِ الرئيس دياب أم واصفًا لواقعٍ ومُرتَجى؟ سؤالٌ قد يصحُّ فيه أيُّ جوابٍ، وقد يبقى سؤالًا بلا جواب، ذلك أنك حين جعلتَ لكتابك عنوانًا ومضمونًا مفعَمَيْن بعلاماتِ الاستفهام، ذكرتَني بجريدةٍ عرضها عليّ مرّةً أحد الأصدقاء هي جريدة علامة الاستفهام” التي أصدرها الراحلان زهير عسيران ونعيم مغبغب، لمدة وجيزة عام 1943، والتي رافقَت استقلالَ لبنانَ من الانتداب الفرنسي، أي  قبل ثمانين سنةً من اليوم. ودفعَني هذا كلُّه إلى التفكُّرِ في أنَّ حياتَنا الوطنيةَ منذ نشوئِها غُصَّتْ بعلاماتِ الاستفهام المزروعةِ حولَنا في كلِّ صوبٍ، والتي عجِزَت أجيالُنا وقادتُها، أو تخاذَلَتْ، عن إيجادِ أجوبةٍ لها. ​لماذا يا ترى ؟ هذه أيضًا علامةُ استفهام/ أكتفي بها/ وهي برسمك/ عساك تتوفّق الى تقديم جوابٍ عليها في مولودٍ جديدٍ يبصر النور قريباً”.

وختم: “وإذ أهنّئك على مؤلّفك الراهن، نُحذّرك باسمي وباسم الحاضرين والغائبين ممن يؤمن بنهجك ومقارباتك وفكرك ويرتوي من منهل بيانك بأننا وعدنا النفس بمزيد، سلم بيانك ودامت همّتك ووفقنا واياك لما فيه رضاه وخير وطننا وأمتنا”.

دياب

من جهته، تحدث دياب فقال: “يجمعنا اليوم الصديق الأستاذ ناصر قنديل، الذي بذل جهداً مضنياً لتأريخ مرحلة استثنائية من تاريخ لبنان، وجاءت النتيجة في هذا الكتاب اليوم لتسجّل بأمانة وقائع من تلك المرحلة. ويقيناً، أني خلال هذه المرحلة، اكتشفت في الأستاذ ناصر صديقاً محبّاً، وحريصاً، وناصحاً، ومنتقداً، لا يُجامل، ولا يخفي في الحق كلمة الحق. ولذلك، فإنه نجح في استدراجي إلى الاقتناع بماهية الكتاب، ومساره، ولم أنجح في تدوير الزوايا معه. إلى الصديق الأستاذ ناصر تحية تقدير، وهو في كل الأحوال غني عن الشهادات والأوسمة”.

أضاف: “منذ لحظة تكليفي بتشكيل الحكومة، في 19 كانون الأول 2019، أعلنت أن معياري الأساسي في عملي هو أني لا أريد شيئاً لنفسي. قيل لي آنذاك، هذه معادلة تشبه كثيراً معادلة الرئيس سليم الحص التي يعبّر عنها بالقول: يبقى المسؤول قوياً إلى أن يطلب أمراً لنفسه. كان جوابي أني أتشرف بالانتماء إلى هذه المدرسة الوطنية الصافية، لأن الرئيس الحص، حفظه الله، يبقى أمثولة في القيم الوطنية والسياسية والنزاهة والشفافية”.

وتابع: “كنت أعلم أن الممارسة السياسية في لبنان هي فن التشاطر، وقد شهدتها من موقعي كوزير للتربية والتعليم العالي، ولكني لم أدرك أن الانهيار في لبنان طال جميع النواحي المادية والنفسية، وأن الفساد تمدّد في كل الاتجاهات حتى وصل إلى القيم الأخلاقية عند بعض السياسيين. جاءت حكومتنا في لحظة منعطف خطير في لبنان. الانهيار يتدحرج بسرعة من دون ضوابط، وكل معطياته وأرقامه مكتومة، والشارع متفجّر وحركته مفتوحة على احتمالات مخيفة. كنا مجموعة مغامرين، لكننا اعتبرنا أننا في الخدمة الإلزامية. جئنا من خارج الصف السياسي، وربما كانت حكومة التكنوقراط الأولى في لبنان. وكان هدفنا تحقيق إصلاحات ضرورية يحتاجها البلد، وهي مطلب الناس المؤمنين بهذا البلد. لم يكن لدي طموح سياسي، ولا أسعى إلى زعامة. كان الهاجس كيف نخفّف اندفاعة الانهيار حتى لا يكون السقوط مدوياً ومؤلماً، قمنا بواجبنا الوطني، وأنا فخور بما حققناه. كنا نعمل من دون مسايرة لأحد ولا نكاية بأحد”.

وأردف: “تجرأنا على قول الحقيقة، وكشفنا ما كان مستوراً بين الأرقام، وقرأنا ما بين سطور الممارسات التي أدّت إلى هذا الانهيار. الطعنات التي تعرّضنا لها، آلمتنا، لكنها لم تخفّف عزيمتنا. بعض الخناجر بلغت القلب، وآثارها عالقة فيه، لكن ضميري مرتاح. وما أصابني، شخصياً، ترك في نفسي جرحاً عميقاً. بعضهم أراد حسّان دياب كبش محرقة والتضحية به. بعضهم أراد الحكومة جسر عبور، بعضهم أرادنا حفرة تُرمى فيها كل الموبقات التي أوصلت إلى الانهيار، بعضهم فوجئ بأننا وضعنا خطة إنقاذ يتعافى عبرها البلد من تبعات فساد مزمن، فانقضّ عليها لإسقاطها وإسقاط البلد، لأن التعافي هو نقيض تلك السلوكيات التي أودت بالدولة. تمسّكت بمنطق الدولة، لكن هناك من كان يصرّ على رفض منطق الدولة ومواجهته، لأن مفهوم الدولة هو نقيض المزارع التي تقاسمت الدولة ومقوماتها وثرواتها ومقدراتها. كانت التحدّيات كبيرة جداً أمام تلك الحكومة، منذ لحظة تكليفي، وتعاظمت بعد تأليفها، حتى أن بعضهم حكم عليها بالإعدام قبل أن تتلو بيانها الوزاري، حتى خطة التعافي التي وضعناها، والتي لا تزال اليوم قاعدة أي إصلاح مالي في البلد، أسقطوها لأنهم يرفضون منطق الدولة، ويقاومون فكرة الدولة،

لكن الأخطر، أن إسقاطها عمّق الأزمة المالية، بينما كانت الخطة قد وضعت الإصبع على الجرح المالي، للمباشرة بالعلاج، لكن ما تبيّن لنا لاحقاً أن هناك من يريد البلد مريضاً، ويمنع عنه الدواء، لأنه مستفيد من هذا المرض لتغطية الإرتكابات الكارثية بحق لبنان واللبنانيين ومستقبل الأجيال”.

وقال: “أسقطوا خطة التعافي، ومشوا في جنازة الانهيار، وذرفوا الدموع، وهم اليوم يسمعون ما يقوله لهم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، بأن خطة التعافي التي وضعتها حكومتنا هي الأرضية التي يمكن الانطلاق منها نحو إصلاح حقيقي. زوروا الأرقام، كما فعلوا على مدى عقود من الزمن، وحاولوا تسويق أوهام عن الدعم والاحتياط الالزامي، وهددوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكنهم اليوم بلعوا ألسنتهم، وغيروا أقوالهم، بلا حياء أو خجل، ويعتقدون أن الكذب يستطيع محو سلوكهم الأسود الذي كان يغطّي الارتكابات السوداء. للأسف، كانت خطة التعافي المالي التي وضعتها حكومتنا، فرصة للإنقاذ، لكنهم، وعن سابق الإصرار والترصّد، قتلوها وأضاعوا على البلد فرصة الإنقاذ، ونظّموا حرباً على الحكومة، لكننا مع ذلك، صمدنا، قدر ما نستطيع، وتحدينا الصعوبات، وقمنا بما يمليه علينا ضميرنا الوطني”.

أضاف: “أما الحكم على تلك الحكومة، فنتركه للناس والتاريخ، فكتاب الأستاذ ناصر اليوم، يقرأ التاريخ، وينصفنا، حتى لو انتقدنا. مجدداً أشكر الأستاذ ناصر الذي بذل جهداً مضنياً لتأريخ هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان، والتي كنّا جزءاً منها، وكان أميناً على عدم غرقها في ظلام المتغيرات”.

بقرادوني

بدوره، قال بقرادوني: أول ما لفتني في كتاب ناصر قنديل أنه اختار لغلافه خمسة عناوين، هي ثورة ومخاض ومتاهة وحكومة فاشلة وفرصة ضائعة، وقد اخترت منها الفرصة الضائعة عنوان مداخلتي في قراءة مرحلة حكومة الرئيس حسان دياب، وهو بالمناسبة قد يكون رئيس الحكومة الوحيد خلال أربعين سنة الذي لم التق به قبل أن يصبح رئيسا للحكومة ولم ألتق به وهو رئيس للحكومة إلا مرة واحدة”.

أضاف: “بالنسبة لمؤلف الكتاب الصديق ناصر قنديل، عرفته منذ حرب لبنان 1975 لتاريخه، وأستطيع أن أختصره بكلمتين، متعب ومخلص، متعب باتصالاته وكتاباته الصعبة، ومخلص لصداقاته وخياراته الثابتة”.

وأشار إلى أن “أول ما لفته في تجربة الرئيس دياب تجرؤه على تولي مهمة رئاسة الحكومة في ظروف في غاية الصعوبة، حيث كان الحراك الشعبي غير مسبوق في تاريخ لبنان، وتجرؤه على قبول المهمة، فيما الرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية على الضفة المقابلة لقبوله بالمهمة، معارضان لكل من يقبل بها”.

واستعرض “الظروف الصعبة التي لاقت حكومة الرئيس دياب تباعا، بدءا بجائحة كورونا وانتهاء بانفجار مرفأ بيروت، وبينهما انهيار مالي استثنائي. ومرة أخرى، تحضر شجاعة دياب في المواجهة، وقال ما لم يجرؤ على قوله سواه عن سقوط النموذج الاقتصادي اللبناني وتحميل حاكم مصرف لبنان مسؤولية هذا الانهيار”.

وقال بقرادوني: إن دياب لم يكتف بقول الحقائق، بل حاول وضع الحلول والمخارج، وكانت حكومته اول من اطلق مصطلح التعافي على خطة مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وهو يقول إن لا بد من اللجوء إلى دعم المجتمع الدولي ومؤسساته المالية، وهو ما كرره بعد استقالة حكومته وخلال تصريفها للأعمال، في لقائه بالسلك الديبلوماسي، داعيا إلى حكومة جديدة تنفتح على فرص نيل دعم المجتمع الدولي”.

أضاف: “أقول اليوم ما قاله الرئيس دياب، وأضيف إن المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية يستطيع فتح الطريق لنيل دعم المجتمع الدولي على نطاق واسع”.

وشكر لقنديل على كتابه، متمنيا “أن يقرأ له كتابا قريبا عن كيفية إنتاج فرصة لا تضيع”.

وتوجه إلى الشعب السوري، بالقول: “كما لم تهزمكم الكوارث الأصعب، فلن تهزمكم هذه الكارثة”.

قنديل

من جهته، قال قنديل: ” أشكر لوزير الثقافة والطاقم العامل في الوزارة استضافتنا في هذا المقر الرائع الذي يستحق التحول الى مقصد لكل المهتمين بالشؤون الفكرية والثقافية، وأشكر للرئيس دياب كل ما قدمه بتحمله المسؤولية وتلقي السهام والاتهام، وهو يقدم واحدة من أنظف تجارب الحكم وأكثرها ريادة وأكثرها ابتعادا عن الطائفية والزبائنية والمحسوبية، وأكثرها اقترابا من معايير الحكم الرشيد ومفهوم  الإدارة العلمية للأزمات وابتكار الحلول، وإتاحته الوقت والفرصة لولادة هذا الكتاب”.

أضاف: “أنوه بالعاطفة الصادقة التي ابادلها للوزير المفكر والمثقف الكبير الاستاذ كريم بقرادوني وتلبيته الدعوة لتقديم هذه المناقشة الغنية للكتاب الذي نحتفل بتوقيعه اليوم، وأشكر المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل لمساهمته في تقديم شهادته عن مرحلة ما قبل وخلال تشكيل حكومة الرئيس الدياب، التي قال البعض انها حكومة حزب الله، ومشاركته الخلاصة التي وصل إليها الكتاب بأن هذه الحكومة كانت فرصة ضائعة لأن الغالبية النيابية التي كان يلعب فيها حزب الله دورا محوريا، وهي الغالبية التي لعبت دورا محوريا في تشكيل الحكومة فشلت في التصرف بصفتها أغلبية حاكمة، رغم ما توافر لها من قيمة مضافة بوجود الرئيس دياب ومعاونيه ومستشاريه، وكانت النتيجة أنها بددت ما لديها من فائض قوة معنوي وسياسي لأن الجمل كان بنية والجمال بنية والحمل بنية، فذهب ريحها”.

وتابع: “أشكر كل الأصدقاء الذين لبوا الدعوة واعتذروا عن التلبية، وآمل أن يجدوا في هذا الكتاب بعض الأجوبة على الأسئلة الصعبة التي تطرحها حال لبنان الكيان والوطن والدولة منذ ولادة لبنان الكبير قبل قرن، حيث لا يتناسب عدد وحجم المحاولات الجادة للتقدم نحو الوحدة الوطنية مع مستوى التفكك الذي ينحدر إليه البلد مرة بعد مرة ومحاولة بعد محاولة، وصولا الى القعر الطائفي الذي نعيشه اليوم، ولا يتناسب حجم السعي لبناء الدولة مع بلوغنا كل مرة مرحلة اللادولة بصورة تزداد خطورة عن التي سبقتها، ولا يتناسب حجم ونوع الجهد الهادف لمكافحة الفساد مع حجم ومدى تفشي الفساد كمرض عضال يفتك بالدولة والمجتمع حتى صار ثقافة، اسمها الشطارة، وصارت النزاهة والآدمية مرضا اسمه الهبل”.

وأردف: “هذا الكتاب دعوة للاعتراف بأن لبنان أمام ما هو أكبر من أزمة حكم ودولة، وأنه مأزق كيان ووطن، والاعتراف بأن الطائفية كشكل لتنظيم الحياة السياسية نجحت بالبقاء والتجذر لأنها الأكثر قربا من حقيقة أن الطائفة هي الجماعة السياسية والاجتماعية الأكثر تمثيلا وقوة وتنظيما، والاعتراف بأن ما نسميه بالتدخلات الخارجية، وصولا إلى حروب الآخرين، ليس إلا الوجه الآخر للانقسام حول الهوية، الذي رافقنا منذ ولادة الكيان اللبناني، والاعتراف بأننا ما زلنا نبني الوطن على نفيين منذ الاستقلال، لا للوحدة مع سوريا، مقابل لا للانتداب الفرنسي، تبعهما نفيان آخران في اتفاق الطائف، هما: لا للاحتلال الإسرائيلي مقابل برمجة الانسحاب السوري، ونفيان مماثلان، لا للتقسيم مقابل لا للتوطين، ونفيان ثالثان لبنان وطن نهائي مقابل لبنان عربي الهوية والانتماء، والاعتراف بأن غياب الذاكرة الجماعية للطوائف اللبنانية يجعل الهوية مشروعا متاحا حول المستقبل لا عن الماضي، والاعتراف بأن كلفة التسويات الطائفية التي تحفظ الاستقرار بما لها وعليها، بما في ذلك نظام المحاصصة وبطء عمل آلة الدولة بفعل حق التعطيل الذي يقوم عليه نظام الطوائف، تبقى أقل كلفة من محاولات التغيير الفاقدة للنصاب العابر للطوائف، ومخاطر تحولها إلى مشروع حرب أهلية، بما في ذلك الشكل الأكثر حضورا للحرب الأهلية الباردة وهو الفراغ الرئاسي والحكومي”.

وقال: “هذا الكتاب دعوة إلى الإنصاف أن ما قدمته تجربة الرئيس دياب كانت استثنائية لو قيضت الإرادة السياسية لتحويله إلى خطة عمل للدولة، وإن التناقضات والحسابات المنطلقة من التكوين الطائفي الذي يزداد حضوره حدة وتضادا في أزمان الأزمات أطاحت بما مثله من فرصة لانطلاق مشروع النهوض بلبنان”.

وأشار إلى أن “تفكك الغالبية النيابية من حول مشروعه، فتح الباب لتحالف وتناغم الدولة العميقة التي مثل اللوبي المالي نواتها الصلبة، والثورة العميقة التي مثلت جمعيات الأن جي أوز نواتها الصلبة، للتشارك في إعداد مضبطة اتهام بحق الرئيس دياب وتحويله من صاحب مشروع انقاذ الى مسؤول عن الانهيار، وربما عن الانفجار أيضا”.

واشار الى ان “هذا الكتاب دعوة إلى الأمل والعمل، فما مر أمام عيوننا من فرصة ضائعة، فولادة الفرص المماثلة ممكنة، إن كنا جاهزين لمنع إجهاضها. ويقول إن رجال الدولة قامات حاضرة وجاهزة لتحمل المسؤولية والتضحيات، ويقول إن الموج الشعبي العابر للطوائف قابل للولادة، وإن الأزمة أولا وأخيرا هي أزمة قيادة، أزمة تيار عابر للطوائف لا يكل ولا يمل عن زراعة الأمل والعمل، لأنه بمثل ما يجب رد الاعتبار لرمزية مفهوم رجال الدولة ورجال السياسة كعاملين في الشأن العام، يجب رد الاعتبار لمصطلح ثورة وثوار في ظل هذا الانحدار. هذا الكتاب يقول إن هذه الفرصة ليست حلما رومانسيا، فثمة بقعة ضوء وسط هذا الظلام تتمثل بما أنجزته المقاومة التي طوت صفحة النوع الأشد خطرا من التدخلات الخارجية الذي يمثله الوجود العسكري على الأرض اللبنانية كسمة رافقت القرن الماضي، فالأعداء، وفي طليعتهم، كيان الاحتلال، يتهيبون التفكير بالحروب وارسال جيوشهم، وقد بات التهديد بالحرب في ضفة المقاومة بعدما كان بيد كيان الاحتلال، والأصدقاء وفي طليعتهم سوريا بعدما كانوا يعتبرون ضعف الدولة اللبنانية خطرا على امنهم الاستراتيجي يستدعي نشر جيوشهم على بعض أرضه، يجدون في المقاومة ضمانة كافية لعدم استخدام لبنان ممرا او مقرا لاستهداف امنهم القومي”.

أضاف: “أما قضية العلاقات اللبنانية بأكثر من خارج فهي جزء من اشكالية على مساحة مختلفة تطال المقاومة بمثل ما تطال غيرها، لكنها اشكالية اللبنانيين في ما بينهم، واشكالية خياراتهم الحرة، حتى لمن قرر التبعية، فهي ليست تبعية ناتجة مما يمليه خارج عليهم بقوة جيوشه وسيطرتها على الجغرافيا، والمقاومة نفسها بما بنته من قوة ردع اقليمية مترفعة عن صرف فائض قوتها في تغيير المعادلات الطائفية، عصمت لبنان عن مخاطر المضي في الحلقة المفرغة للتنقل بين المخاض والمتاهة. كما عصمته عن خطر الحرب الأهلية، وهي بذلك  فرصة يجب ألا تضيع لوضع الاشكالية اللبنانية التاريخية حول الطريق إلى الوطن وخارطة الطريق لبناء الدولة”.

وتابع: “لذلك، هذا الكتاب نداء للغالبية النيابية التي كانت محور تشكيل حكومة الرئيس دياب للاعتراف بأنها أضاعت الفرصة، ودعوة لها لتصحيح المسار، بدلا من المزيد من الفرقة، وصولا إلى الانتحار. ما زال الباب مفتوحا للحوار بين مكوناتها لتوحيد الخيارات الرئاسية، التي لا يحرجني القول إن الوزير السابق سليمان فرنجية خير من يجسد رمزية الفرصة لتحالف أوسع مفتوح أمام الآخرين، ودائما تحت سقف مفهوم التسويات، كمدخل لحكومة جامعة أرشح الرئيس دياب لرئاستها طلبا لمفهوم بناء الدولة. حلمان دفعة واحدة؟ نعم، وما عساها تكون السياسة غير الحلم وزراعة الأمل. لعل ما يجري في العالم من تغييرات، وما تحمله فلسطين من وعود، وما يقوله تعافي سوريا القريب، ما يحفز المزيد من النخب التي أتعبها السعي للتغيير إلى حد اليأس لاستعادة بعض الأمل والعودة إلى العمل. أول الرهان هو أنتم، وأول أنتم، هو الرئيس دياب الذي أدعوه باسمكم إلى إطلاق منصة للعمل الوطني تتسع لهذا الحلم”.

توقيع الكتاب

ثم وقع قنديل كتابه، الذي يعود ريعه إلى متضرري الزلزال في سوريا، في قاعة زينتها لوحات فنية بريشته.

درع الوزارة

وقدم المرتضى إلى قنديل درع الوزارة، وقال: “أيها الأخ العزيز، أيها السيد الموسوي، كما يحلو للدكتور ابراهيم أن يخاطبه، أنت رأس حربة بكل ما للكلمة من معنى في جبهة الصراع مع الإرهاب الإعلامي،  وهذا المصطلح يعود إلى معالي وزير الثقافة الإيراني الدكتور محمد مهدي اسماعيلي، خلصنا إليه في معرض تداولي معه منذ يومين في ما يواجه منطقتنا وشعوبنا من مساع إلى طمس المعرفة وتقويض القيم ونسف الوحدة وشرذمة المجتمعات.

ولأن وزارة الثقافة معنية من جملة ما هي معنية، وقبل كل شيء وفوق كل شيء، معنية ببث الوعي لما يحاك ضدنا من مكائد ومؤامرات واستشراف السبل المثلى للمواجهة والصمود والانتصار. ولأنك أبدعت في هذا المضمار قولًا وفعلًا، خطابة وكتابة، وفنا تشكيليًا، فإن وزارة الثقافة في الجمهورية اللبنانية يشرفها ويسعدها أن تقبل بهذا الدرع”.

زر الذهاب إلى الأعلى