بأقلامنا

لماذا يتمسك الشيعة بسلاحهم ؟ بقلم الاعلامي (واصف عواضة )

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز

 

ربما كان الموفد الأميركي السفير توم برّاك على حق عندما أعلن “أن سبب تأخر الحكومة اللبنانية في التعامل مع سلاح “حز.ب الله” هو الخوف من حرب أهلية” .

وربما كان الأحرى بسعادة السفير أن يقول إن الشيعة في لبنان خائفون ،ولذلك يترددون في تسليم سلاحهم ،أو على الأقل البحث في هذا الموضوع.

لقد ذُهِل سعادته ،على حد قوله ،عندما زار بلدة الناقورة على الحدود الجنوبية وشاهد حجم الدمار والخراب الذي أحدثته إسرائيل في البلدة. وكان الأحرى به أن يكمل جولته على بلدات الحافة الجنوبية ليشهد على حجم الدمار أيضا في عيتا الشعب وبليدا وميس الجبل وكفركلا وعشرات البلدات غيرها.

نعم يا سعادة السفير:الشيعة في لبنان خائفون ويشعرون بخطر وجودي !

لا أريد هنا أن أدخل في جدل سياسي حول الماضي ومن المسؤول عن كل هذا الدمار وهذا الخوف وهذه الهواجس ،لأنه جدل عقيم لا يوصل إلى نتيجة. وبالتالي ليس هذا هو المقصود من هذه المقالة التي قد ترضي صراحتها البعض ،وقد لا ترضي البعض الآخر.

 

نعم الشيعة خائفون !

خائفون أولا من شركائهم في الوطن الذين يُظهر بعضهم الشماتة بما حلّ بشريكهم ،وبعضهم الآخر يعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور،وبعضهم الثالث يدعوهم إلى الإستسلام بلا ثمن ،وبعضهم الرابع يشجعهم على التمثل به وبتصرفاته،وبعضهم الخامس يلوّح لهم من بعيد بالتهديد والوعيد. بصراحة مطلقة، لم يهضم الشيعة الزيارات المتتالية لبعض شركائهم إلى دمشق وتقديم الولاء للنظام السوري الجديد ورئيسه أحمد الشرع ،لا سيما الزيارة الأخيرة لمفتي الجمهورية وتقديمه الوسام المذهب في يوم عاشوراء.

وفي المناسبة ،الشيعة خائفون من الحدود الشرقية والشمالية ،حيث تتواتر الأنباء عن إستعدادات عسكرية لغزو لبنان واستعادة طرابلس ومنطقة الشمال وضمها إلى سوريا ،في وقت تنتشر على وسائل التواصل تصريحات لناشطين سوريين يتوعدون باستعادة لبنان كاملا ،”لأنه جزء من سوريا ،وأن لبنان المستقل خطأ جغرافي”. هكذا كان يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين.

والشيعة أولا وآخرا خائفون من الكيان الصهيوني على حدودهم الجنوبية ،والذي لم يهنأ عيشهم بجواره منذ العام 1967 واتفاق القاهرة عام 1969 وما بعده من إعتداءات واجتياحات واحتلالات ، ولم يلتزم بوقف النار مؤخرا ،ولا انسحب من بلداتهم وتلالها ،ويواصل الإعتداءات والقتل ،بينما هم يلتزمون “الصبر الإستراتيجي” مرغمين لأكثر من سبب وسبب.وهم يعرفون جيدا أنه لن يهدأ بالهم طالما القضية الفلسطينية من دون حل مرضٍ للفلسطينيين.

والشيعة خائفون أيضا ومرتابون من الإدارة الأميركية التي لم تف ضماناتها يوما بما يطمئنهم إلى المصير. مرة يأتي موفدوها حاملين العصا ،ومرة أخرى بالجزرة ،ثم يناقضون أنفسهم بالتصريحات التي لا تسمن ولا تطعم من جوع،وكان آخرها لسعادة السفير برّاك الذي صرح  بأن هناك خطرا على وجود لبنان،ثم انسحب من أقواله.

أمام هذه الوقائع المطروحة “على بساط أحمدي “، كيف للشيعة أن يطمئنّوا ويسلّموا سلاحهم بلا ضمانات ثابتة وأكيدة؟

أكاد أجزم أن الشيعة في لبنان بغالبيتهم العظمى ،إن لم أقل كلهم ، يريدون الأمن والإستقرار والسلم الأهلي والشراكة المتوازنة ،ويريدون الدولة كشركاء كرام،وليس صحيحا أنهم يعشقون الموت والشهادة .هم يحبون الحياة بتنوعها ،وكلهم على طريقته ،وهم ليسوا من عبدة السلاح ،ولم يحملوا السلاح من أجل أحد ،ولو لم يكن هذا الجار الظالم على حدودهم في غياب الدولة الحامية ،لما امتشقوا السلاح وامتهنوا المقاومة. فمن يطمئن الشيعة اليوم ويؤمّن لهم الضمانات؟

وحدها الدولة القوية العادلة الحامية الضامنة تطمئن الشيعة وحزبهم. ووحده الجيش اللبناني القادر على صيانة حدودهم ،فارضا الأمن في الداخل،هو الحل.عندها ،وعندها فقط لا يعود الشيعة بحاجة للسلاح والمسلحين.

إن الطاقات الشيعية التي ضاع الكثير من جنى عمرها في المصارف، ما زالت تملك أيضا ما يسهم في إعادة بناء لبنان وينعش اقتصاده ، فلا تدفعوها إلى التخلي عن البلد الذي تعشق أرضه وترابه وسماءه وماءه.

 

في الخلاصة،

إن المطروح على الشيعة وحزبهم في لبنان اليوم أحد خيارين :إما الإستسلام ورفع أيديهم على الحائط راكعين ..أو تجدد الحرب.

فأما الإستسلام والركوع فليس واردا في خلفيتهم الفكرية والثقافية ،وأما الحرب فلا يريدونها ،وإلا.. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

في خلفية الفكر والثقافة الشيعية اليوم معادلة بسيطة تقول :إذا كان المطلوب قتلنا وموتنا ،فاقتلونا.. ولنمت واقفين لا راكعين !..

وقد قال أبو الطيب المتنبي:

إذا لم يكن من الموت بد

فمن العجز أن تموت جبانا

أقول قولي هذا “لوجه الله” وأستغفر الله لي ولكم.والسلام على من اتبع الهدى!

زر الذهاب إلى الأعلى